نشر موقع “سي أن أن” الإخباري الأميركي تقريرا عن سعي الأمير محمد بن سلمان قبل سنوات عدة، للاستفادة من شعبية الداعية سلمان العودة وأفكاره الإصلاحية لتحقيق طموحاته السياسية، قبل أن ينقلب عليه، حيث يواجه الآن الإعدام.
ونشر الموقع التقرير تحت عنوان “محمد بن سلمان لطالما أخذ المشورة من سلمان العودة، والآن تريد النيابة السعودية إعدامه” قبيل جلسة محاكمة جديدة تعقد بعد غد الأحد، وقد يصدر خلالها حكم ضد العودة.
وكانت محكمة وجهت للداعية المعتقل منذ أكثر من عامين 37 تهمة تشمل علاقته المزعومة بجماعة الإخوان المسلمين وانتقاده الحصار على قطر، وطلبت النيابة العامة في وقت سابق من هذا العام قتله تعزيزا.
وأشار التقرير -الذي أعدته تمارا القبلاوي- إلى ثلاثة لقاءات أجراها محمد بن سلمان مع سلمان العودة عام 2012، أي قبل أن يصبح وليا للعهد بخمس سنوات.
ونقل التقرير عن عبد الله العودة نجل الداعية المعتقل أنه حين زار محمد بن سلمان والده أول مرة عام 2012 كانت العائلة تعتقد أن الزيارة ليست بالأمر المهم كثيرا، حيث إن بن سلمان كان حينها مجرد فرد من العائلة المالكة.
وقال عبد الله -وهو باحث في جامعة جوج تاون الأميركية- إنه رغم طموحات بن سلمان السياسية الواضحة في تلك الفترة فإنه كان واضحا أنه مبتدئ في عالم السياسة، وكان والده سلمان -حينها- أميرا لمنطقة الرياض، قبل أن يتولى العرش في 2015.
ونقلت كاتبة التقرير عن نجل الداعية أن بن سلمان بدا في الظاهر متحمسا لأفكار الداعية للتغيير في المملكة، لكنه بعد نحو ثلاثة أشهر من توليه ولاية العهد في يونيو/حزيران 2017 اعتقل العودة مع مئات آخرين من الدعاة والمفكرين ورجال الأعمال.
كما قال عبد الله إن والده أثنى خلال تلك اللقاءات على قيم الإصلاح والحكم الرشيد، وأشار التقرير إلى أن الداعية السعودي تبنى منذ عام 1999 أفكارا جديدة تدعو للإصلاح السياسي والتسامح الديني ومكافحة الفساد بعدما كان من رموز ما يعرف بتيار الصحوة.
وذكر موقع “سي أن أن” أن محمد بن سلمان عندما كان يلتقي سلمان العودة -سواء في منزل الأخير أو في الديوان الملكي- كان يسعى إلى وضعه في صفه، خاصة أنه كان للداعية سلمان العودة جمهور كبير، حيث تجاوز عدد متابعيه على تويتر 13 مليون شخص.
وعن هذه النقطة، قال عبد الله إن محمد بن سلمان كان يحاول استمالة والده إليه بينما كان يحاول أن يبرز كنجم صاعد في الساحة السياسية السعودية، موضحا أن الأمير كان يريد أن يقوم بالترويج له بين متابعيه، لكن سلمان العودة لم يستجب لذلك.
وأكد نجل العودة أن محمد بن سلمان لم يكن في الواقع مهتما بأفكار الداعية الإصلاحية بقدر ما كان يريد تعبئة جمهوره الكبير لدعم طموحه السياسي.
وفي التقرير نفسه، يتحدث نجل سلمان العودة عن وضع والده الذي اعتقل مطلع سبتمبر/أيلول 2017 وظل منذ ذلك الوقت في زنزانة انفرادية.
وأشار إلى صنوف من المعاملة القاسية التي تعرض لها والده، ومنها إبقاؤه مقيد اليدين والرجلين.
وأبلغ سلمان العودة عائلته حين زارته بعد ستة أشهر من اعتقاله عما يتعرض له في سجنه من معاملة قاسية تشمل الحرمان أحيانا من النوم والطعام، فضلا عن توقيعه على وثائق لم يعرف ما فيها.
واعتقل سلمان العودة بعد يوم واحد نشره تغريده دعا الله فيها أن يؤلف بين القلوب بعد إعلان المملكة والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر وفرض حصار عليها.
ومؤخرا تصاعدت المطالب الحقوقية الدولية بإنقاذ العودة من سجون نظام آل سعود في ظل التلويح المتكرر بإعدامه.
وصرحت لين معلوف مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: نشعر بقلق بالغ من احتمال الحكم على الشيخ سلمان العودة بالإعدام وتنفيذ ذلك الحُكم، فمنذ اعتقاله قبل نحو سنتين، مرّ العودة بظروف مروعة تعدّ انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، منها العزل الانفرادي والإهمال الطبي.
وقالت معلوف “بدلاً من المضي قدماً في هذه المحاكمة الصورية، يجب عليها إطلاق سراح الشيخ العودة على الفور ودون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه “.
وأضافت ” كان الشيخ العودة يدعو إلى مجتمع أكثر شمولية من شأنه وضع حد لتهميش المواطنين الشيعة السعوديين. لهذا السبب، فهو يُعاقب. وبنفس الطريقة، فإن النساء والمدافعات عن حقوق المرأة اللاتي طالبن بمزيد من الحقوق، يتعرضن للعقاب بالمثل”.
وجاء بيان المنظمة تعقيباً على مطالبة المدعي العام السعودي بإعدام العودة، قبيل محاكمته المقرر إجراؤها أمام محكمة مكافحة الإرهاب، المعروفة باسم المحكمة الجزائية المتخصصة، الأحد القادم، وفق أنباء متواترة.
والأربعاء الماضي، قال عبد الله نجل الداعية سلمان العودة، عبر تويتر: “بعد أربعة أيام (الأحد) ستكون جلسة محاكمة الوالد السرية، والتي يطالب فيها المدّعي العام في السعودية بالقتل تعزيراً بناء على 37 تهمة فضفاضة”.
واعتقل نظام آل سعو في عام 2017، دعاة بارزين، وناشطين، في البلاد، أبرزهم العودة وعوض القرني وعلي العمري، وسط مطالب من شخصيات ومنظمات دولية وإسلامية بضرورة إطلاق سراحهم.
وقبل أسابيع تواترت أنباء عن اعتزام السلطات إصدار وتنفيذ أحكام بإعدام الدعاة الثلاثة، بعد انتهاء شهر رمضان الماضي بوقت قصير.
ووجهت النيابة العامة، بقيادة سعود المعجب، إلى “العودة” 37 تهمة خلال جلسة عقدتها المحكمة الجزائية المتخصّصة في العاصمة الرياض، سابقاً، بالإضافة إلى الداعية علي العمري، والداعية عوض القرني، اللذين اعتُقلا بعد أيام من اعتقال “العودة”، بتهم “الإرهاب”.
وقد احتُجز سلمان العودة بمعزل عن العالم الخارجي، وفي الحبس الانفرادي طوال الأشهر الخمسة الأولى من اعتقاله، ولم يُسمح له بالاتصال بأسرته أو بمحامٍ، باستثناء مكالمة هاتفية قصيرة واحدة بعد شهر من اعتقاله.
وفي يناير/كانون الثاني 2018، تم نقله إلى المستشفى بسبب تدهور حالته الصحية. ولم يُسمح له بالاتصال بعائلته إلا بعد شهر.
وفي أغسطس/آب 2018، مثل الشيخ سلمان العودة أمام المحكمة في جلسة سرية، حيث وجهت إليه 37 تهمة، من بينها الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، والدعوة إلى إجراء إصلاحات في الحكومة و “تغيير النظام” في المنطقة العربية. وفي مايو/أيار 2019، قُدم إلى محاكمة أخرى في جلسة سرية، وبعد ذلك أبلغ محاميه الأسرة بأن المدعي العام قد طالب بعقوبة الإعدام.
ومنذ أكثر من عامين تشن السلطات السعودية حملات أمنية واسعة واعتقالات تستهدف حتى الجاليات العربية؛ منهم فلسطينون وأردنيون وسوريون وجاليات أفريقية داخل المملكة، وبعضهم لم يعرف مكانه حتى الآن.
وهذه الاعتقالات شملت مئات من النشطاء والحقوقيين والإعلاميين والكُتاب والدعاة السعوديين، الذين حاولوا -على ما يبدو- التعبير عن رأيهم الذي يعارض ما تشهده السعودية من تغييرات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات دون استثناء بغض النظر عن طبيعة الجريمة، أو خصائص الجاني، أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لإعدام السجين. فعقوبة الإعدام هي انتهاك للحق في الحياة، وتعد عقوبة قاسية ولاإنسانية ومهينة.