شنت جماعة أنصار الله “الحوثيين” أول هجوم صاروخي على المملكة منذ ستة أشهر وسط تصعيد شهده اليمن خلال اليومين الماضيين في غارات تحالف آل سعود على مناطق متفرقة من البلاد.
وأعلن المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي أن الدفاعات الجوية للمملكة اعترضت صاروخين باليستيين أطلقتهما جماعة الحوثيين من صنعاء وصعدة صوب العاصمة الرياض ومدينة جازان في جنوب المملكة.
وقال المالكي إنه اعتراض الصاروخين تسبب في سقوط بعض الشظايا على بعض الأحياء السكنية في المدينتين، مشيراً إلى أن إطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة يناقض ما كان أعلن عنه الحوثيون بقبولهم لوقف إطلاق النار.
وأوضح البيان أن الحوثيين غير جادين في الانخراط مع الحكومة اليمنية بإجراءات بناء الثقة والوصول إلى حل سياسي شامل، مؤكداً أن قوات التحالف ستستمر في اتخاذ الإجراءات لتحييد وتدمير قدرات الحوثيين وحماية الأمن الإقليمي والدولي.
وقال سكان في الرياض إنهم سمعوا أصوات عدة انفجارات أعقبها إطلاق صفارات الإنذار في المناطق الشمالية. كما ذكرت تقارير باعتراض صاروخ آخر في سماء مدينة جازان جنوب المملكة.
وهذا الهجوم على الرياض هو الأول من نوعه منذ أن أعلن الحوثيون تعليق ضرباتهم ضد المملكة قبل نحو ستة أشهر.
ووقع الهجوم بعد يومين من دعوة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن مارتن غريفيث الأطراف المتحاربة لاجتماع عاجل للاتفاق على الهدنة.
في المقابل أكد الناطق العسكري باسم الحوثيين أن الدفاعات الجوية تصدت لطائرات معادية بمحيط سماء صنعاء بعد تنفيذها هجمات.
وتعرضت المملكة لعشرات الهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة العام الماضي، أبرزها هجوم استهدف منشآت لشركة أرامكو النفطية في سبتمبر/أيلول الماضي تبناه الحوثيون، لكن الرياض شكّكت في ذلك وحمّلت المسؤولية لإيران.
وبعد الهجوم على أرامكو بأيام، أطلق الحوثيّون بشكل مفاجئ “مبادرة سلام” عبر إعلانهم وقف الهجمات على السعودية.
يشار إلى أن وكالة “سبأ” التابعة لجماعة الحوثي قالت قبل أيام إن الجماعة كشفت عن تطويرها أربع منظومات صاروخية جديدة للدفاع الجوي من طراز “ثاقب” و”فاطر”.
وأكد رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي، مهدي المشاط، أن المنظومات الجديدة ستغير مسار المعركة، وستكون مقدمة لمنظومات دفاعية أكثر تطورا وفاعلية في التصدي للأهداف الجوية المعادية، على حد تعبيره.
أما المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، فقال إن العام الجاري سيكون “عاما جويا بامتياز”، مؤكدا أن إسقاط مقاتلة سعودية من طراز تورنيدو في محافظة الجوف قبل أسبوع لم يكن سوى “بداية وتجربة ناجحة” لإحدى هذه المنظومات.
وكان صعد تحالف آل سعود وأطراف الحرب الأخرى في اليمن خلال اليومين الماضيين ما يهدد بتقويض دعوات الأمم المتحدة للتهدئة لتركيز الجهود على خطر تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقالت مصادر يمنية إن تحالف آل سعود شن سلسلة غارات عنيفة طاولت مناطق يمنية مختلفة، فيما شهدت محافظة الجوف معارك تعد الأعنف منذ أسبوع.
واستهدفت غارات التحالف مديرية خب والشعف، بمحافظة الجوف، بالتزامن مع معارك ضارية على الأرض.
كما شنّ طيران التحالف ثلاث غارات على منطقة رجام في مديرية بني حشيش، وغارة على مديرية نهم في محافظة صنعاء. وفي محافظة صعدة، شنّ الطيران 6 غارات على مديريات محاذية للشريط الحدودي مع المملكة.
يأتي ذلك فيما عادت المعارك إلى محافظة الجوف بعد نحو أسبوع على الهدوء، وذلك بعد هجوم عنيف للحوثيين في مديرية خب والشعف، التي يسعون لاستكمال السيطرة عليها.
وقال مصدر عسكري في القوات الحكومية اليمنية إنّ “الجيش الوطني ورجال القبائل أحبطوا هجمات حوثية متزامنة في صحاري خب والشعف”.
وأشار المصدر إلى أنّ المعارك أسفرت عن اغتنام القوات الحكومية 5 دوريات عسكرية حوثية، وأسر 22 عنصراً منهم.
وفيما تحدث عن مقتل عشرات الحوثيين من دون إيراد رقم محدد، كشف المصدر عن سقوط أكثر من 15 جندياً من قوات الشرعية و”المقاومة الشعبية” بين قتيل وجريح.
ويوم أمس تصاعدت وتيرة القتال في محافظة مأرب اليمنية. وشهدت مديرية صرواح غرب مأرب، معارك هي الأعنف على الإطلاق خلال العام الجاري، بالتزامن مع شن مقاتلات التحالف سلسلة غارات في محافظتي مأرب والجوف.
وشن العشرات من عناصر جماعة الحوثيين عملية هجومية واسعة على سلاسل جبلية هامة في منطقة المشجح، التابعة لمديرية صرواح بهدف السيطرة نارياً على معسكر كوفل، أهم القواعد العسكرية التي تتمركز فيها قوات الشرعية غرب مأرب.
وذكرت مصادر في الجيش الوطني اليمني، أن قوات الشرعية نفذت هجوماً عكسياً، أسفر عن تحرير مواقع مختلفة في منطقة المشجح، وتطويق نحو كتيبة كاملة من العناصر الحوثيين في جبهة صرواح.
بدورها، تحدثت مصادر حكومية عن مقتل وإصابة العشرات من عناصر جماعة “أنصار الله” نظراً لكثافة الهجوم، دون إيراد أرقام محددة.
وبحسب الجيش، لقد قُتل في المقابل عدد من القوات التابعة للشرعية وأصيب العشرات، من بينهم القائد البارز ذياب القبلي نمران، قائد اللواء 103 مشاة في صرواح.
ولم يعلن الحوثيون رسمياً عن العملية الهجومية في صرواح، وخلال الفترة الأخيرة تقوم الجماعة بتأجيل الحديث عن مكاسبها العسكرية حتى بسط السيطرة على محافظات بأكملها كما حصل في محافظة الجوف، منتصف مارس/آذار الجاري.
وبدأت أولى بوادر التصعيد الجديد، فجر أمس وذلك عندما أعلن التحالف السعودي، اعتراض وتدمير عدد من الطائرات دون طيار التابعة للحوثيين، فوق مدينتي أبها وخميس مشيط، جنوب السعودية.
وجاء تصاعد التور بعد صدور بيان للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أعرب فيه عن سعادته بـ”الردود الإيجابية”، من الحكومة اليمنية والحوثيين، لنداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشأن وقف إطلاق النار، ودعوته لهم إلى اجتماع عاجل لمناقشة سبل ترجمة ما قطعوه من التزامات إلى واقع ملموس.
وقد تشكل العمليات العسكرية الجديدة انتكاسة لجهود الأمم المتحدة، التي توقعت “التزام الأطراف بوقف الأعمال العدائية وتغليب مصلحة الشعب اليمني على كل شيء”.