فرضت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن واقعا جديدا على المملكة من خلال شن هجمات يومية وسط تنامي عجز نظام آل سعود إزاء صد تلك الهجمات وحماية منشآت ومقدرات المملكة.
وفي أحدث تطور أعلنت جماعة الحوثيين شن هجوم جوي واسع بطائرات مسيّرة على قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، جنوبي المملكة.
وقال المتحدث باسم قوات الحوثيين العميد يحيى سريع، في بيان نشره على صفحته بـ “فيسبوك، إن “الهجوم جرى بطائرات مسيرة من نوع قاصف 2k”.
وأضاف أن “الهجوم استهدف مبنى الاتصالات في القاعدة الجوية، وأن عملية الاستهداف كانت مباشرة”.
وأشار إلى أن العملية جاءت في “إطار الرد المشروع على جرائم العدوان وحصاره المستمر”، في إشارة إلى الهجمات التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية.
ويوم أمس أعلنت قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثيين اليمنية إن سلاح الجو نفذ هجوما على مطار أبها وقاعدة الملك خالد جنوبي المملكة التي أصبحت في مرمى هجمات يومية للحوثيين.
وكان الحوثيون كشفوا قبل يومين عن تطوير أربع منظومات دفاع جوي جديدة، نصفها دخل خط المواجهة مع التحالف السعودي الإماراتي.
وقال الحوثيون إنهم شنوا هجوما واسعا بطائرات مسيرة على قاعد الملك خالد، مستهدفين مرابض الطائرات الحربية ومدارج الإقلاع والهبوط، إلا أن وكالة الأنباء السعودية (واس) ذكرت أن قوات التحالف أسقطت طائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه المملكة.
كما سبق أن تعرضت القاعدة نفسها لقصف حوثي الخميس الماضي، وكذلك تعرض مطار أبها لقصف من الجماعة في الفترة الأخيرة عدة مرات.
يشار إلى أن التحالف بقيادة آل سعود تدخل عسكريا في حرب اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015 تحت مبرر إعادة الشرعية في البلاد، عقب سيطرة الحوثيين على السلطة في العاصمة صنعاء ومناطق واسعة من البلاد.
ويظهر من العمليات العسكرية التي شنّها الحوثيون خلال الشهرين الأخيرين بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية أن الأضرار التي لحقت بالسعودية اقتصاديا وعسكريا ذات كلفة كبيرة ومتصاعدة، ولا سيما أن القصف طاول مؤسساتٍ اقتصاديةً وخدميةً كبيرة، مثل المنشآت البترولية والمطارات والقواعد العسكرية.
ولكن المسألة الجديرة بالاهتمام، وتستحق التوقف أمامها، أن ميزان القوى بدأ يميل لصالح الحوثيين، على الرغم من التفوق الجوي السعودي، والدعم العسكري والسياسي الذي وفرته الولايات المتحدة وأطراف غربية للرياض.
وفي حين تتكتم الرياض على خسائرها داخل أراضيها، أصابت الضربات الحوثية داخل اليمن أهدافها وألحقت أضرارا كبيرة، ومنها قصف قوات الحزام الأمني في عدن الذي خلف 40 قتيلا، بينهم القائد العسكري للقوات “أبو اليمامة”.
وعلى الرغم من المكابرة العلنية، هناك ما يؤكد أن المملكة أجرت محادثاتٍ سرية مع الحوثيين، منها ما هو مباشر، وما هو عن طريق الأمم المتحدة, ولعب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، دورا في هذه المساعي.
وبعد تقدم وجيز، تعثّرت الجولة الأخيرة بسبب شروط حوثية، وتدخلات إيرانية لجر الرياض إلى مباحثات علنية مع طهران، على غرار أبوظبي، وهو ما لم يعارضه ولي العهد ، محمد بن سلمان، الذي يبحث عن حوارٍ ينتهي إلى تسويةٍ بلا ضرر ولا ضرار، وهذا يعني إسقاط المسؤولية السعودية عن الحرب، وتحمل كلفة النتائج الكارثية التي ترتبت عليها، وهذا لا يروق الحوثيين وإيران، فالطرف الحوثي يطمح إلى تعويضاتٍ كبيرة عن الدمار الذي ألحقته الحرب بالبنى التحتية اليمنية والاقتصاد والعمران، وكذلك تعويض الضحايا عما أصاب الشعب اليمني مما يوصف بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وبدورها تضع إيران نصب عينيها إرغام المملكة على تحمل نتائج التصعيد ضدها طوال الأعوام الأخيرة، بما في ذلك العمليات التي تتهم طهران الرياض بالتخطيط لها.
والملاحظ هنا أن المملكة باتت في وضعٍ حرج، بعدما قرّرت الإمارات سحب قواتها من اليمن، وبدأت خطوات تقارب مع طهران.