انخفاض صادرات نفط المملكة وسط ارتباك من هجمات الحوثيين
انخفضت صادرات النفط الخام من المملكة في يونيو/ حزيران مقارنة مع الشهر السابق بحسب ما أظهرت كشفت بيانات رسمية.
وصدرت المملكة 6.721 ملايين برميل يوميا في يونيو /حزيران انخفاضا من 6.942 ملايين برميل يوميا في مايو/ أيار، وفقا لبيانات من مبادرة البيانات المشتركة (جودي).
وضخت المملكة 9.782 ملايين برميل يوميا في يونيو /حزيران ارتفاعا من 9.670 ملايين برميل يوميا في مايو/ أيار.
يأتي ذلك في الوقت الذي تُبقي فيه المملكة إنتاجها أقل من عشرة ملايين برميل يوميا للمساهمة في التخلص من تخمة إمدادات عالمية ودعم أسعار النفط.
كما يأتي فيما تواصل جماعة أنصار الله في اليمن (الحوثيون) توجيه ضربات موجعة لحقول ومنشآت النفط السعودي، كان آخرها الهجوم على حقل الشيبة الضخم بعشر طائرات مسيّرة، مطلع الأسبوع الجاري، ما أحدث به أضراراً كبيرة.
ورغم أن رد فعل الأسواق كان سريعا عبر ارتفاع أسعار النفط الخام في أولى جلسات الأسبوع، أمس الإثنين، بعد الهجوم الحوثي، إلا أن اللافت للانتباه أن ذلك لم يكن السبب الوحيد في صعود النفط، إذ أن مؤشرات تراجع التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ساهمت في الارتفاع.
وحسب مراقبين، فإن استقرار أسعار الخام طوال الشهور الأخيرة، رغم قلق الإمدادات والتوترات في الخليج وضربات الحوثيين المتكررة للنفط السعودي، يعكس مدى تراجع أهمية المنطقة ونفطها بالنسبة لأسواق العالم.
ويدور سعر برميل برنت حول 60 دولاراً، في حين كانت توقعات تشير إلى ارتفاعه إلى ما بين 70 و80 دولارا هذا العام.
وقال إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق في أواندا بنيويورك: “يستفيد النفط من التفاؤل العام المتمثل في أننا لن نشهد سيناريو الحرب التجارية الرهيبة، وبعدما نبّه هجوم بطائرة مسيرة على منشآت للنفط والغاز في السعودية الأسواق بأن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لن تنتهي قريبا”.
وارتفع خام برنت 64 سنتا أو نحو 1.1 في المائة إلى 59.28 دولارا للبرميل، في التعاملات المبكرة، أمس، كما زاد خام القياس الأميركي نحو واحد في المائة.
من ناحية أخرى، قال لاري كودلو، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، إن ممثلي الشؤون التجارية في الولايات المتحدة والصين سيُجرون محادثات في غضون عشرة أيام، وإنه “إذا نجحت هذه الاجتماعات، نعتزم دعوة ممثلي الصين إلى الحضور إلى الولايات المتحدة” لدعم إحراز تقدم في المفاوضات من أجل إنهاء الحرب التجارية التي باتت تشكل خطرا محتملا على النمو الاقتصادي العالمي.
وتأتي الضربات المتلاحقة للحوثيين الموجهة نحو نفط المملكة في الوقت الذي تعاني فيه منطقة الخليج من تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وتأثير هذا الصراع على الصادرات وعوائد دول الخليج النفطية.
وحسب بيانات منظمة أوبك، فإن إنتاج المملكة النفطي يبلغ حالياً نحو 9.78 ملايين برميل يوميا، وذلك التزاماً من المملكة بحصتها من تخفيض الإنتاج المتفق عليه بين منظمة أوبك والمستقلين، إذ تبقي بذلك الرياض إنتاجها النفطي دون المستوى المستهدف للإنتاج البالغ نحو 10.3 ملايين برميل يوميا، بموجب هذا الاتفاق.
يقول مراقبون إن الضربات الأخيرة على مصادر النفط في المملكة أثرت على إنتاج المملكة، إذ تشير بعض الإحصائيات والتقارير إلى أن تراجعه خلال يونيو/حزيران الماضي بمقدار 11 ألف برميل يومياً، ناتج عن تأثر حقول النفط في المملكة بالضربات الحوثية الأخيرة، خلال شهر مايو/أيار الماضي.
والهجمات الأخيرة تأتي في وقت يتحدث فيه العالم عن أزمة مالية جديدة وركود عالمي وشيك، حيث سيؤدي عدم ضبط سوق النفط وحماية المنشآت الحيوية النفطية، إلى ضرر كبير للاقتصاد العالمي.
ومنذ شهر مايو/أيار الماضي، تعيش منطقة الخليج حالة توتر شديدة، حيث أدت التوترات بين إيران وأميركا إلى حوادث لناقلات نفطية تم تخريبها، وتم توجيه الاتهامات وقتها إلى إيران في هذه الهجمات، فيما شهدت محطات ضخ النفط في منطقة الرياض عدة هجمات من طائرات مسيّرة من قبل الحوثيين، أدت إلى حدوث أضرار بهذه المحطات النفطية.
وكان وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أعلن، يوم 4 مايو الماضي، أن هجوماً بواسطة طائرات “درون” مفخخة استهدف محطتين تضخان النفط عبر خط أنابيب من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي.
وفي نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، أكدت الرياض تعليق جميع شحنات النفط التي تمر عبر مضيق باب المندب، بعد هجوم جماعة الحوثي على ناقلتَي نفط كبيرتين، قبل أن تستأنف تسيير سفنها مرة أخرى بعد أيام من الحادث. وكان آخر الهجمات على منشآت السعودية النفطية في حقل الشيبة، السبت الماضي، عبر طائرة مسيرة حوثية.
وأسعار النفط في ظل هذه الهجمات المستمرة التي تستهدف المنشآت الحيوية النفطية، معرّضة للارتفاع، خاصة أن منطقة الخليج، وفي مقدمتها المملكة، تتحكم في نسبة جيدة من صادرات النفط إلى العالم، وبالتالي فان تعرّض هذه الإمدادات إلى تهديد أو توقفها سيحدث نقصا شديدا في سوق النفط العالمي، ما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب وقلة المعروض وارتفاع الأسعار بشكل قد يخرج عن السيطرة.
ومن الواضح أن الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية تسبب أضراراً كبيرة للمملكة، لذلك يجب تأمين هذه المنشآت وتدخّل الدول الكبيرة لإيقاف هذا التخريب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، حتى لا تتضرر مصالح الدول الكبرى نتيجة تعثر الإمدادات إليها.
واستمرار الهجمات على الإمدادات في منطقة الخليج، سيؤدي إلى تضرر المستهلكين والمشترين للنفط الخليجي، إذ أدت ضربات الناقلات في منطقة خليج عمان إلى ارتفاع تكلفة الشحن نتيجة ارتفاع تكلفة تأمين الناقلات، فيما ستؤدي الضربات على الحقول السعودية إلى ارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاوف من نقص الإمدادات نتيجة هذه الهجمات.