صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل تستعد لتسيير رحلات طيران مباشرة للإمارات عبر الأجواء السعودية في إطار توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين البلدين.
وأطلع نتنياهو في مطار بن جوريون في تل أبيب على خطط توسيع نشاط الطيران، الذي قلصه تفشي فيروس كورونا، لكنه لم يحدد إطارا زمنيا لفتح مسار جوي مع الدولة الخليجية.
وقال نتنياهو للصحفيين “نعمل حاليا على السماح بتسيير رحلات مباشرة من تل أبيب إلى دبي وأبوظبي عبر الأجواء السعودية” مقدرا زمن الرحلة “بنحو ثلاث ساعات مثل الرحلة إلى روما”.
قلت في مطار بن غوريون الدولي:
نعمل حاليا على السماح بتسيير رحلات جوية مباشرة من تل أبيب إلى #دبي و #أبوظبي عبر الأجواء السعودية. هذا سيغير وجه الاقتصاد الإسرائيلي ونتوقع حجما هائلا من الاستثمارات والسياحة من الطرفين. الإماراتيون معنيون جدا بالقيام باستثمارات ضخمة في إسرائيل.
— بنيامين نتنياهو (@Israelipm_ar) August 17, 2020
وأعلنت إسرائيل والإمارات يوم الخميس تطبيع العلاقات الدبلوماسية بموجب اتفاق ترعاه الولايات المتحدة لتصبح أبوظبي بذلك ثالث دولة عربية تقيم علاقات مع إسرائيل.
ولا تعترف السعودية بدولة إسرائيل ومجالها الجوي مغلق أمام الطائرات الإسرائيلية. لكن في خطوة اعتبرت في إسرائيل إشارة على تحسن العلاقات مع الرياض، سُمح لطيران الهند في 2018 ببدء رحلات تحلق فوق السعودية في طريقها من نيودلهي إلى تل أبيب.
وقال نتنياهو في مطار بن جوريون “نتوقع حجما هائلا من الاستثمارات والسياحة” مع الإمارات.
ومن المقرر أن يزور وفد إسرائيلي الإمارات خلال أسابيع للعمل على طبيع العلاقات لكن القيود المفروضة لمكافحة جائحة كوفيد-19 قد تعطل فتح مسارات للطيران التجاري بسرعة.
ويرى محللون ان قرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل قد يساهم في تعزيز تقارب السعودية مع إسرائيل في الوقت الذي تسعى الرياض لجذب الاستثمارات لتمويل تحولها الاقتصادي الطموح.
والتزمت السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي الصمت بشأن الاتفاق، لكن مسؤولين ألمحوا إلى أنه من غير المرجّح أن تتبع الرياض على الفور خطى حليفتها الإقليمية الرئيسية.
وبالنسبة إلى عزيز الغشيان الاستاذ في جامعة “إسيكس” والمتخصص في سياسة المملكة تجاه إسرائيل، فإن “التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يفسح المجال لتوسيع العلاقات السعودية الإسرائيلية غير المباشرة”.
وقال “أعتقد أنّ التقارب السعودي الإسرائيلي سيزداد عبر الإمارات”.
وتواجه السعودية معضلة الحسابات السياسية الحساسة قبل أي اعتراف رسمي بإسرائيل بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. وكما حدث مع الاتفاق الإماراتي، فإن هذه الخطوة سينظر إليها الفلسطينيون على أنها خيانة لقضيتهم.
لكن المملكة تبدو كأنها بدأت بالفعل تقاربا مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، وهو تحوّل قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حتى عندما أعرب والده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عن دعمه الثابت لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقد يدفع العداء المشترك تجاه إيران إلى جانب محاولات جذب الاستثمار الأجنبي لتمويل خطة التحول الاقتصادي “رؤية 2030” الخاصة بالأمير محمد، المملكة إلى الاقتراب من إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.
وأحد الركائز الأساسية في “رؤية 2030” هو “نيوم”، المنطقة الضخمة باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار على الساحل الغربي للمملكة، بينما يقول خبراء إن إسرائيل قد يكون لها دور فيها في مجالات تشمل التصنيع والتكنولوجية والأمن السيبرياني.
قال محمد ياغي الباحث في مؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية إن إنشاء المنطقة “يتطلّب السلام والتنسيق مع إسرائيل خاصة إذا كانت المدينة ستُتاح لها فرصة أن تصبح منطقة جذب سياحي”.
ومن المقرر بناء “نيوم” بالقرب من منتجع إيلات الإسرائيلي على طول المياه الحساسة جيوسياسيا للبحر الأحمر وخليج العقبة.
وكتب ياغي في ورقة بحثية في نيسان/ابريل أنّ دول الخليج تسعى بشكل متزايد للحصول على التكنولوجيا الإسرائيلية لمراقبة مواطنيها ولشراء صواريخ دقيقة لا ترغب الدول الغربية في بيعها لها.
وسعى نظام آل سعود إلى إبقاء تقاربه مع إسرائيل بعيدًا عن الأعين.
وعلى الرغم من الصمت الرسمي تجاه الاعلان عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، سعت وسائل الإعلام السعودية الموالية للحكومة بشكل متكرر لاختبار رد الفعل العام من خلال نشر تقارير تدعو إلى توثيق العلاقات مع إسرائيل.
وكتب الإسرائيلي نافى شاحار الأسبوع الماضي لموقع قناة “العربية” باللغة الإنكليزية “أتوقع مستقبلا ينطوي على إنشاء نظام بيئي مشترك عالي التقنية بين دول (مجلس التعاون الخليج)، يُعرف باسم وادي السيليكون”.
ويشير بذلك شاحار، وهو مؤسس شركة استثمارية تركز عملها على التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل، إلى نظير إقليمي لوادي السيليكون في الولايات المتحدة.
وقال “الآن، أكثر من أي وقت مضى، من مصلحة إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي زيادة التعاون التجاري”.
يرى مراقبون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي دعم محمد بن سلمان في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018، يتمتع بدور كبير في مسألة حمل المملكة على الاعتراف رسميا بإسرائيل.
لكن يبدو أن السعودية تقاوم ضغوط واشنطن لأنها تواجه عواقب أكثر من الإمارات.
قال جاريد كوشنر مستشار ترامب في نهاية الأسبوع “أعتقد أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماما وأن تكونا قادرتين على القيام بالكثير من الأشياء العظيمة معا”.
وأضاف في مقابلة مع قناة “سي أن بي سي” التلفزيونية “من الواضح أن المملكة العربية السعودية كانت رائدة في مجال (التطوير) ولكن لا يمكن تغيير مسار سفينة حربية بين ليلة وضحاها”.
من جهته، قال مارك شناير الحاخام الأميركي الذي تربطه علاقات بالمملكة والخليج لوكالة فرانس برس هذا الاسبوع إن قيادة المملكة لها “آراء متضاربة من جيل إلى آخر”.
واعتبر أنّ “المبادرة الجريئة من قبل الامارات ستقوي نفوذ الاجيال التي ترغب في حدوث ذلك الان”.
وتابع “هذا الإعلان من الإمارات سيحوّل العلاقات الحالية غير المباشرة بين السعوديين وإسرائيل إلى علاقات رسمية مباشرة”.