يسود الخلاف والجدل داخل نظام آل سعود، حول إقامة موسم الحج هذا العام في ظل تفشي فيروس كورونا مختلف دول العالم ووسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تشهدها المملكة.
وعلى مدار عقود، تجنى سلطات آل سعود 12 مليار دولار سنويا من موسمي الحج والعمرة، حسب معطيات حكومية.
وقالت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز”، إن المملكة ربما تحد بشدة من أعداد الحجاج هذا العام لمنع المزيد من تفشي فيروس كورونا، بعد أن تجاوز عدد الحالات في البلاد 100 ألف حالة.
ونقلت الوكالة عن مصدرين مطلعين على الأمر، أن سلطات آل سعود تفكر الآن في السماح “بأرقام رمزية فقط” هذا العام، مع فرض قيود تشمل حظر الحجاج الأكبر سناً وإجراء فحوص صحية إضافية.
وأضاف مصدر آخر أنه من خلال الإجراءات الصارمة، تعتقد السلطات أنه قد يكون من الممكن السماح بما يصل إلى 20% من عدد الحجاج المعتاد لكل دولة.
ووفق المصادر الثلاثة، فإن بعض المسؤولين ما زالوا يضغطون من أجل إلغاء الحج الذي من المتوقع أن يبدأ في أواخر يوليو.
وأعلنت المملكة، في مارس/ آذار، وقف رحلات الركاب الدولية، وتعليق العمرة للمواطنين والمقيمين فيها مؤقتاً، كما أعادت، الجمعة الماضي، فرض حظر التجول في جدة، حيث تهبط رحلات الحج، بعد ارتفاع معدلات الإصابة بالمدينة، بعد أيام من رفعه بمدن عدة.
وبحسب الوكالة، فإن الحد من عدد الحجاج أو إلغاء الحج سيزيد من الضغط على الموارد المالية الحكومية التي تضررت من انخفاض أسعار النفط والوباء. ويتوقع المحللون انكماشاً اقتصادياً حاداً هذا العام.
إحصائيات رسمية
وفي عام 2019، بلغ عدد من أدوا العمرة حوالي 19 مليونا بينما بلغ عدد الحجاج 2.6 مليون.
ويصل عدد الحجاج سنوياً إلى نحو 2.5 مليون، فيما تبلغ إيرادات المملكة من الحج والعمرة نحو 12 مليار دولار سنوياً، وفق بيانات رسمية.
وتهدف خطة الإصلاح الاقتصادي لولي العهد محمد بن سلمان إلى زيادة عدد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليونا سنويا، وهو ما سيجعل الإيرادات تبلغ 50 مليار ريال (13.32 مليار دولار) بحلول عام 2030.
وسيزيد الحد من عدد الحجاج أو إلغاء الحج من الضغط على الموارد المالية الحكومية التي تضررت من انخفاض أسعار النفط والوباء، بينما يتوقع المحللون انكماشا اقتصاديا حادا هذا العام.
ويواجه الاقتصاد السعودي أزمة مزدوجة تتمثل في تفشي فيروس كورونا بالتزامن مع هبوط حاد في أسعار النفط، وهو ما دفع المملكة لسلسلة إجراءات قاسية تعكس مدى الخطر الذي يهدد أسس دولة الرفاهية.
وقررت المملكة في مايو/ أيار المنصرم إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
وبالأرقام، استنزف البنك المركزي السعودي في مارس/آذار الماضي صافي أصوله الأجنبية بمعدل لم يحدث منذ عام 2000.
ففي هذا الشهر وحده، انخفض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية بما يفوق 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار)، أي ما يعادل 5% مقارنة بشهر فبراير/شباط.
ويبلغ إجمالي احتياطي النقد الأجنبي في البلاد حاليا 464 مليار دولار، وهو أدنى مستوى تسجّله المملكة منذ عام 2011، فيما شهد الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا في عجز موازنة المملكة بتسعة مليارات دولار إضافية.
وفي حال نفذت المملكة خططها لاقتراض 58 مليار دولار جديدة خلال العام الحالي فهذا يعني أن المديونية العامة للمملكة ستكون قد بلغت ربع تريليون دولار أمريكي مع نهاية 2020.
والرقم السابق يضاف إليه المديونيات الداخلية التي تقوم بتنفيذها الحكومة عبر طرح سندات محلية أو من خلال البنوك العاملة داخل المملكة.
وقالت مجلة أسبوعية فرنسية: إن فشل مشاريع ولى العهد محمد بن سلمان داخل المملكة وخارجها، يحتم على المواطنين السعوديين التعايش مع التقشف والأزمة الاقتصادية الحادة.
واعتبرت أسبوعية “جون أفريك” الفرنسية، أن الأزمة الصحية والاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط، بالإضافة إلى انغماس المملكة في المستنقع اليمني، بمثابة ملفات أضعفت الطموحات الفرعونية لولي العهد وأدخلتها في نفق مظلم.
ورأت “جون أفريك” أنه بات على السعوديين اليوم التعايش مع التقشف، بعد أن فُرضت عليهم حزمة من التدابير الصارمة والإجراءات الحكومية القاسية.
وداخل المملكة، قالت “جون أفريك” إن الضغط المالي المتزايد على العائلات السعودية من شأنه أن يطفئ نجم الأمير الشباب- الذي وعد بالكثير – غير أنه من الواضح أنه لا يمكنه الوفاء بالتزاماته.
ولتلاشي هذا الأمر، أكدت المجلة الفرنسية أن ولى العهد حرص على فرض دولة بوليسية على نطاق غير مسبوق في المملكة مع جهاز مراقبة شاملة وجهاز دعاية، خاصة على الإنترنت.
وقبل أيام، نشرت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، قائمة بالسلع المقرر رفع الرسوم الجمركية عليها، اعتبارا من العاشر من الشهر الجاري.
وتضم القائمة نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 بالمائة.
ومؤخرا، أعلنت وزارة الاسكان في المملكة، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.