من دون تشاور مع الدول والمنظمات الإسلامية، أعلنت وزارة الحج والعمرة في نظام آل سعود اليوم الإثنين، أنه تقرر إقامة موسم الحج هذا العام بأعداد محدودة للراغبين في أداء مناسك الحج من مختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقالت وزارة الحج والعمرة في بيان صحفي إنه “في ظل استمرار هذه الجائحة، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين دول العالم، وازدياد معدلات الإصابات عالميًا، فقد تقرر إقامة حج هذا العام بأعداد محدودة جدًا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وأضافت أن ذلك يأتي “حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية”.
وأشارت وزارة الحج إلى خطورة تفشي العدوى والإصابة في التجمعات البشرية التي يصعب توفير التباعد الآمن بين أفرادها.
وأضافت أن القرار الذي صدر سابقا بتعليق قدوم المعتمرين “لاقى مباركة إسلامية ودولية لما كان له من إسهام كبير في مواجهة الجائحة عالميا”.
وكانت الهيئة الدولية للرقابة على إدارة السعودية للحرمين أدانت قبل يومين خطط النظام السعودي لإلغاء موسم الحج لهذا العام بدعوى منع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في ظل عدم استشارة الرياض أي من الدول الإسلامية في هذا القرار غير المسبوق.
وأكدت الهيئة الدولية التي تتخذ من جاكرتا مقرا لها في بيان صحفي، على أنه لا يجب ترك مصير موسم الحج للسلطات السعودية لتقرر به بشكل منفرد والحاجة إلى أوسع تشاور إسلامي شامل يخرج برؤية موحدة بشأن إدارة الحرمين في هذه المرحلة.
وصرح رئيس مجلس علماء هيئة مراقبة الحرمين في ماليزيا الشيخ عزمي عبدالحامد، بأنه من المؤسف إصرار النظام السعودي الاستفراد باتخاذ قرار غير مسبوق وعلى هذه الدرجة من الخطورة بشأن إلغاء موسم الحج دون استشارة أي دولة إسلامية.
وأكد عبدالحامد أن السلوك السعودي ينم عن إصرار مستنكر لاستمرار التفرد السعودي وتهميش الدول الإسلامية والمسلمين بشكل عام حول العالم رغم أنهم طرفا رئيسيا في كل ما يتعلق بالحج والعمرة.
كما اعتبر أن التصرف السعودي باللجوء إلى الحل الأسهل وهو إلغاء موسم الحج بكامله يؤكد على الفشل السعودي الحاصل منذ سنوات طويلة في إدارة الحرمين وعدم القدرة على توفير آليات حماية للحجاج.
وشدد عبدالحامد على أن الدول الإسلامية أصبحت ضحية سلوك أرعن من النظام السعودي يرى نفسه صاحب الحق الوحيد في اتخاذ كل القرارات ذات الصلة بإدارة الحرمين رغم المطالب الإسلامية الواسعة بإدارة مشتركة وقرار تشاوري.
وجددت الهيئة الدولية معارضتها لانفراد السلطات السعودية في إلغاء موسم الحج من دون أي تواصل مع الدول الإسلامية وبتجاهل آلاف الحجاج الذين يتحملون قوائم انتظار طويلة ويستثمرون مدخراتهم للقيام بالرحلة الدينية والكثير منهم في دول تعافت أو سجلت انخفاضا كبيرا بإصابات جائحة كورونا.
من جهته قال الناطق باسمها شجاعت جمال الدين إنه كان من الممكن وعبر مشاورات إسلامية واسعة بلورة عددا من الحلول الخلاقة بشأن المضي قدما في تنظيم موسم الحج مثل تقليل أعداد المسموح لهم بأداء المناسك وفرض قواعد احترازية واسعة لا سيما في ظل التراجع الذي تسجله مستويات تفشي جائحة كورونا حول العالم مؤخرا.
وأضاف جمال الدين أنه كان من الممكن الاكتفاء بمنع كبار السن والمرضى من المشاركة في موسم الحج واقتصاره على تحديد العمر من ٢٠ إلى ٤٠ وتقليص العدد وتشديد الإجراءات الأمنية الصحية والتدابير الاحترازية.
وشدد على أن قرار إلغاء موسم الحج من عدمه أمر يتعلق بالمسلمين جميعا حتى لو كان ضروريا بالنسبة لتدابير الوقاية، مشيرا إلى وجود اختلافات في الآراء تطرح بعضها أن الدين مقدماً على الاعتبارات الصحية وأن الحج شعيرة لا يمكن إلغاؤها وبالتالي يجب أن يكون القرار بشأن ذلك جماعيا دون سيطرة منفردة من السلطات السعودية.
يشار إلى أنه تم إنشاء الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين مع بداية عام 2018 بهدف الضغط لضمان قيام السعودية بإدارة جيدة للمشاعر المقدسة والحفاظ على المواقع التاريخية الإسلامية، وعدم تسييس مشاعر الحج والعمرة، ومنع استفراد الرياض بالمشاعر المقدسة.
وتقول الهيئة إن عمقها تمثله كل الدول الإسلامية، وأنها تحرص على ضمان عدم إضرار السعودية بالأماكن المقدسة، سواء تعلق الأمر بالإدارة غير الكفؤة أو أي نوع من الإدارة المبنية على سياسات مرتبطة بأفراد أو أشخاص متنفذين.
وتهدف الهيئة الدولية للعمل على ضمان قيام السعودية بإدارة الحرمين والمواقع الإسلامية بطريقة سليمة صحيحة تحافظ على ماضي الإسلام وحاضره، وذلك من خلال تقديم النصح والمشورة للرياض عبر مجلس نصح إسلامي، وإشراك الدول المسلمين في إدارة المشاعر المقدسة، ووقف أشغال طمس الهوية الإسلامية في مكة والمدينة “والذي تقوم به السعودية بصورة محمومة من خلال التوسع العمراني الغير المحدود والذي قضى على الكثير من تلك المواقع، ومسح الوجود الإسلامي فيها”, ومنع استفراد السعودية بإدارة المشاعر المقدسة بما قد يؤثر على سلامة الحجاج والمعتمرين.
وأيضاً تهدف للعمل على عدم إغلاق المشاعر “لأسباب غير مقنعة” مثل زيارة الشخصيات البارزة أو المشاهير أو ضيوف السعودية ورصد أي انتهاك تتورط فيه السعودية بحق أي حاج أو معتمر لدى زيارته للمشاعر المقدسة. واخيراً الحرص على توزيع حصص الحج والعمرة على الدول المسلمة بشكل عادل لا محاباة فيه ولا وساطة.