دعت أندريا براسو مديرة مكتب واشنطن بالإنابة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، الكونغرس إلى التسريع في إجراءات محاسبة بن سلمان على جرائمه ضد المواطنين السعوديين.
وقالت براسو في تقرير نشرته بمجلة “نيوزويك” الأمريكية، بعنوان “إذا لم يتخذ ترامب موقفاً حاسماً ضد السعودية فالكونغرس يتوجب عليه ذلك”، إنه مضى 9 أشهر منذ أن دخل جمال خاشقجي إلى القنصلية السعودية في إسطنبول ولم يخرج أبدا، ولم يتم العثور على رفاته، وفي ظل عدم التيقن من كون القتلة الحقيقيين قيد المحاكمة بالفعل.
وذكرت أن الإجراءات الجنائية ضد 11 متهماً في المملكة بالسرية من جانب نفس سلطة آل سعود التي أمرت بتنظيم مقتل خاشقجي، كما لا يزال معظم كبار المسؤولين المتورطين في القتل يتمتعون بحريتهم دون مساءلة.
فيما أصدرت أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، تقريراً في 19 يونيو خلص إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعب “دورا أساسيا في حملة قمع المعارضين”، وقالت إن الخبراء وجدوا أنه “من غير المعقول” أن يتم تنفيذ عملية على نطاق واسع لقتل خاشقجي وتقطيعه دون أن يدرك ولي العهد أن “مهمة ذات طابع إجرامي، موجهة إلى خاشقجي، قد بدأت، ودعت إلى إجراء مزيد من التحقيق في تورط ولي العهد وغيره من كبار المسؤولين في نظام آل سعود.
وتابع التقرير إن المقررة الخاصة للأمم المتحدة قد حثت الكونغرس الأمريكي على عقد جلسات استماع “لتحديد مسؤولية المسؤولين السعوديين رفيعي المستوى في الجريمة، والمطالبة بالوصول إلى المعلومات السرية الأساسية”، في الوقت الذي صعد فيه عدد كبير من أعضاء الكونغرس من مطالبتهم بمعاقبة بن سلمان على جرائمه.
فبعد وقت قصير من اغتيال خاشقجي، تم تقديم العديد من القرارات والمشروعات التي تثير هذا السؤال الهام حول استمرار دعم الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية وتقترح مجموعة من الإجراءات التي يتعين على الإدارة اتخاذها بما في ذلك العقوبات على كبار المسؤولين في نظام آل سعود المتورطين في مقتل خاشقجي وتعليق عمليات نقل الأسلحة الأمريكية للمملكة.
ولفت التقرير إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، أقر الكونغرس الأمريكي عبر مجلس الشيوخ أولاً عددا من التعديلات على قانون تفويض الدفاع الوطني التي ستقيد مبيعات الأسلحة إلى المملكة وتتطلب تقريراً عن وضع حقوق الإنسان فيها أولاً.
وقبل أسبوع واحد، أقرت هذه الأحكام نفسها بمجلس النواب في صورة قانون حقوق الإنسان والمساءلة في المملكة العربية السعودية بأغلبية مذهلة بنسبة 405-7 من الأصوات، وفي مجلس الشيوخ، تم تطبيق قانون المساءلة للمملكة السعودية، الذي من شأنه فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين المتورطين في مقتل خاشقجي.
وأكد التقرير أن السيناتور جيمس ريش قدم أكثر من مسودة لإقرار قانون جديد للتصويت، وهو قانون المراجعة الدبلوماسية لمحاسبة السعودية.
وفي الشهر الجاري، من المقرر أن تقوم لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوضع مشاريع القوانين الجديدة للمناقشة وحصد الأصوات، فلقد حان الوقت للكونجرس لتمرير وتوفيق نسخ من هذه القوانين لإعلان بيان قوي من الحزبين يعيد ضبط العلاقات الأمريكية السعودية، لكن أي إجراء من أعمال الكونغرس يحتاج إلى جسارة وشجاعة، تتوجب السعي إلى محاسبة المسؤولين السعوديين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وفي حين أن إدارة ترامب فرضت عقوبات على 17 سعوديا زُعم أنهم لعبوا دورا في مقتل خاشقجي، إلا أنها لم تكشف عن المعلومات التي أيدت تلك العقوبات، أو لماذا لم يتم تضمين المزيد من كبار المسؤولين السعوديين، فيتعين على الكونغرس المضي قدما في جلسات الاستماع للمطالبة بمزيد من المعلومات من الإدارة الأمريكية، وإصدار تشريع يحاسب أولئك الذين دبروا مقتل خاشقجي، والأهم من ذلك، يجب على الكونغرس وإدارة ترامب الاعتراف بأن خاشقجي لم يتم قتله دون سابق إنذار.
فحكومة ولي العهد مسؤولة عن كل من القمع الوحشي لحقوق الإنسان في الداخل، وانتهاكات قوانين الحرب في الخارج، فعلى الصعيد الداخلي، نفذت السلطات آل سعود حملة اعتقال واسعة النطاق ضد حركة حقوق المرأة، واحتجزت ما يقرب من 20 شخصاً، وقد وضعت 11 امرأة للمحاكمة في مارس الماضي، وقال أربعة منهن على الأقل إنهن تعرضن للتعذيب في الحجز، ولا يزال العديد منهن قيد المحاكمة.
وفي أبريل، أعلنت المملكة عن إعدام 37 رجلا جماعيا في أنحاء مختلفة من البلاد، 33 على الأقل من الأقلية الشيعية في البلاد، في أعقاب محاكمات جائرة، كما يظل نظام الوصاية التمييزية في المملكة العربية السعودية قائماً على الرغم من تعهدات الحكومة بإلغائه، يجب أن تحصل النساء البالغات على إذن من ولي الأمر – عادة ما يكون الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن – للسفر إلى الخارج أو الحصول على جواز سفر أو الزواج أو الخروج من السجن، وقد يُطلب من النساء تقديم موافقة ولي الأمر على العمل أو تلقي الرعاية الصحية.
وأشار التقرير إلى أن هذه مجرد بعض الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها السلطات السعودية ضد شعبها، فيما لم تكن السياسة الخارجية لولي العهد محمد بن سلمان أفضل بأي حال من الأحوال.
وسبق أن دعت هيومن رايتس ووتش إلى فرض عقوبات فردية على ولي العهد بسبب القصف العشوائي للتحالف الذي تقوده السعودية والحصار غير القانوني للسلع الأساسية على السكان المدنيين في اليمن، وعلى الرغم من الأدلة على حدوث انتهاكات، بما في ذلك جرائم الحرب الظاهرة مثل الهجوم الذي أدى إلى مقتل جميع مستقلي حافلة من الأطفال اليمنيين، تواصل الولايات المتحدة بيع الأسلحة للسعوديين والتي يمكن استخدامها في انتهاكات يرفضها التحالف حتى للتحقيق بجدية، ناهيك عن وضع حد لها.
واختتم التقرير بالتأكيد على أنه صحيح أنه قد مر وقت طويل على اغتيال جمال خاشقجي، لكن بالنسبة للمئات من الأشخاص المسجونين بتهم ملفقة، تعرض المعتقلون للتعذيب والمدنيون اليمنيون تعرضوا لهجوم متكرر، ولكل امرأة وفتاة سعودية تتمتع بحقوق أقل من الرجال، فلا يزال هناك أمل، فإذا كانت إدارة ترامب لن تقف أمام ولي العهد محمد، فإن الكونغرس بحاجة إلى ذلك، حيث يعد إقرار القوانين التي تسعى إلى محاسبة القتلة، وعدم مكافأتهم بمليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة، بداية جيدة في سبيل تحقيق ذلك.