كشفت وثائق قيام الرياض بتكليف بنوكاً من بينها “جيه.بي مورغان” و”ستاندرد تشارترد” بإدارة إصدار صكوك بقيمة 2.5 مليار دولار، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة المالية أنها طرحت صكوكاً في السوق المحلية، بقيمة 7.27 مليارات ريال (1.94 مليار دولار) على أربع شرائح.
ويُستكمل طرح الصكوك الجديدة التي تُستحق في عام 2029، اليوم الثلاثاء، وتقدم الصكوك عائدا أوليا يعادل ما يتراوح بين 145 و150 نقطة أساس فوق سعر مبادلة الفائدة الثابتة والمتغيرة بحسب الوثيقة.
وذكرت الوثيقة أنّ صفقة الصكوك الجديدة ستكمل احتياجات التمويل الخارجي للمملكة، للعام الجاري، وينسق الصفقة “جيه.بي مورغان” و “ستاندرد تشارترد” وتتولى “الجزيرة كابيتال” دور المدير المشترك.
وستكون هذه الصفقة الأولي لدين دولي للمملكة، منذ الهجوم على منشأتي نفط لشركة “أرامكو”، الشهر الماضي، أدى في البداية لخفض إنتاج السعودية من الخام للنصف، كما أدى لخفض “فيتش” تصنيف المملكة ما عزته لتنامي المخاطر الجيوسياسية، وإمكانية وقوع مزيد من الهجمات.
وبشكل منفصل، قالت وزارة المالية, إنّها طرحت صكوكاً في السوق المحلية، بقيمة 7.27 مليارات ريال (1.94 مليار دولار) على أربع شرائح.
وذكرت الوزارة أنّ الشريحة الأولى بقيمة 1.13 مليار ريال، تستحق في 2025، والثانية بقيمة 654 مليون ريال، تستحق في 2030، والثالثة بقيمة 362 مليون ريال تستحق في 2034، بينما الرابعة بقيمة 5.12 مليارات ريال وتستحق في 2049.
وفي يوليو/تموز الماضي، قالت وزارة المالية، إنّ الدين العام للدولة بلغ 627.85 مليار ريال (167.4 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثاني 2019.
ودفعت تراجعات أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس للمملكة، إلى تسارع وتيرة لجوء الحكومة إلى أسواق الدين خلال الأعوام الأربعة الماضية، وامتدت خلال العام الجاري.
وهذا العام، جمعت ثلاثة مليارات يورو (3.3 مليارات دولار) من بيع باكورة سنداتها بالعملة الأوروبية الموحدة و7.5 مليارات من سندات تقليدية في يناير/ كانون الثاني.
وأعلنت الرياض أضخم موازنة في تاريخها لعام 2019 بإنفاق 295 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ260 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 35 مليار دولار.
وسبق أن تكبدت 50 شركة سعودية تمثل 28% من إجمالي الشركات المدرجة في البورصة والبالغ عددها 179 شركة -خسائر فادحة خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة في 2018.
كما تراجعت أرباح 88 شركة مدرجة في السوق، بما يمثل نحو نصف الشركات، وذلك وفقا لمسح أجراه موقع “العربي الجديد”.
نتائج أعمال الشركات، التي جرى الإفصاح عنها تباعا خلال الأيام الماضية، أظهرت أن 32 شركة تجاوزت خسائرها 100%، واقتربت خسائر إحدى الشركات من 10 آلاف%، في حين تجاوزت خسائر 4 شركات ألفي%.
وجاءت شركة تبوك الزراعية في صدارة الشركات الأعلى من حيث نسبة الخسائر التي بلغت 9580%، تليها مجموعة السريع التجارية الصناعية بخسائر بلغت نسبتها 3751.5%، ثم تكوين المتطورة للصناعات بنحو 1344% وجازان للطاقة والتنمية “جازادكو” بنسبة 1164.7%.
وتكبد 14 قطاعا خسائر خلال النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة المناظرة من 2018، من إجمالي 21 قطاعا وفق تصنيف القطاعات التي تندرج تحتها الشركات.
وسجل قطاع الطاقة تراجعاً حاداً وغير مسبوق في الأرباح، بنسبة بلغت 73.7%، متأثراً بتسجيل شركة بترورابغ خسائر بنسبة 109.7%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث تكبدت خسائر بـ51.6 مليون ريال (13.7 مليون دولار)، مقارنة بأرباح بقيمة 530.6 مليون ريال في النصف الأول من العام الماضي.
كما هوت أرباح قطاع المواد الأساسية، حيث انهارت أرباح شركة سابك، أكبر شركة بتروكيماويات، بنسبة 54.8%، محققة 5.5 مليار ريال (1.47 مليار دولار)، مقارنة مع 12.2 مليار ريال (3.25 مليار دولار)، في الفترة المناظرة من 2018.
كما انهارت أرباح قطاع السلع طويلة الأجل بنسبة 196.2%، والمرافق العامة بنسبة 182.4%، وإدارة وتطوير العقارات 54.6%.
واعتبر مراقبون أن نزيف الخسائر للشركات والقطاعات السعودية خلال السنوات الأخيرة يأتي بفعل تهاوي الكثير من الأنشطة، جراء تراجع عائدات النفط وكلفة الحرب في اليمن والصراعات في منطقة الخليج.
في هذه الأثناء قال تقرير في موقع أويل برايس الأميركي إن جميع المؤشرات تدل على أن الأمور لا تسير بشكل جيد بالنسبة للاكتتاب العام في عملاق النفط السعودي “أرامكو”، وإن المخاطر تزداد مع تزايد العديد من الضغوط.
وأصبح الاكتتاب في أرامكو يشكل صداعا للعديد من المستثمرين بعد تأجيله مرة أخرى نهاية الأسبوع الحالي، ولا سيما أن العديد من البنوك والمحللين يشعرون بالقلق من تأجيله حتى نهاية عام 2019.
وأفاد تقرير للدكتور سيريل ويدرشوفن مراقب السوق العالمي للطاقة والمستشار في العديد من المراكز البحثية الدولية، بأنه لا وجود لعلامات واضحة على إلغاء الاكتتاب بالكامل.
وبين الكاتب أن بعض الأمور تدعو للقلق في ظل سيل الأخبار الإيجابية، ولعل من أبرزها وأكثرها إلحاحا ازدياد المخاطر المحيطة بالشركة على نحو ملحوظ في الأسابيع الأخيرة.
وبحسب الكاتب، تحددت بعض المخاطر بالفعل، على غرار الشفافية والمساءلة والتدخل المحتمل للحكومة السعودية.
وقال الكاتب إنه على الرغم من تعامل شركة أرامكو مع هذه المشاكل على نحو قانوني، فإن المحللين ما زالوا حذرين للغاية من التأثير المحتمل لشراء حصة في كيان لا يزال مملوكا للحكومة السعودية، ومتأثرا بها بشكل كبير، ولا يمكن لإدراج هذه الشركة في البورصة أن يزيل هذا المخاوف.
وأضاف “لقد تسببت طبيعة عملية صنع القرار غير الشفافة للاكتتاب العام في دفع العديد من المستثمرين والبنوك للشعور بالحذر إزاء ما يمكن أن يحدث”.
وتابع “يمكن القول إن انعدام الشفافية داخل المملكة النفطية سيمثل مشكلة دائمة بالنسبة لهذه الشركة”. وتطرق الكاتب إلى مشكلة أخرى لم يُتعامل معها على نحو كامل، وهي المشاكل الجيوسياسية المرتبطة بالهجمات على منشأة بقيق النفطية.
ولطالما كان المستثمرون مصدومين من قدرة الحوثيين على “تركيع” أكبر شركة نفط في العالم وإضعافها، وفق ما يذكر تقرير أويل برايس.
يقول الكاتب -بناء على ذلك- يمكننا معالجة المخاطر السياسية بسهولة، إلا أن التهديدات العسكرية الواسعة النطاق حديثة العهد بالنسبة لمعظم المستثمرين.
ويضيف أنه على الرغم من أن أرامكو كانت قادرة على إعادة الإنتاج والصادرات إلى مستوييهما السابقين، فإن صورة أرامكو التي لا تقهر بدأت بالتقهقر.
يشير الكاتب إلى أنه لإنجاح الاكتتاب العام، يجب أن تبلغ قيمة أرامكو بين 1.5 و2 تريليون دولار، إلا أن المشكلات التي تعاني منها أرامكو جعلتها تنزل تحت هذا المستوى.
ويلفت إلى أن الحديث عن أن منظمة أوبك تنوي استهداف تخفيضات الإنتاج القاسية الجديدة في الاجتماع القادم، لن يخدم الاكتتاب العام لشركة أرامكو بأي شكل من الأشكال.
وأورد الكاتب أن نشطاء التغيير المناخي يضغطون على المجموعات المالية الغربية والآسيوية لإخراج نفسها من مشروع الاكتتاب العام لشركة أرامكو، وفي الآن ذاته، يخضع مستثمرو بورصة وول ستريت إلى ضغط المجموعات البيئية الغربية.
وقال الكاتب إن نشطاء أميركيين وبريطانيين وهولنديين طلبوا من العديد من البنوك عدم المشاركة في الاكتتاب العام، على غرار “بنك أوف أميركا” و”غولدمان ساكس” و”سيتي غروب” وغيرها.
وأضاف أنه بعد سنوات من المساومة مع بورصة نيويورك ولندن، يتعين الآن على شركة أرامكو أن تبحث في أماكن تقل فيها الرغبة في المشاركة في الاكتتاب العام، في الوقت الذي تضعف فيه سوق النفط العالمية.
وخلص الكاتب إلى القول إن تقسيم الاكتتاب العام على العديد من الأطراف دلالة على الضعف، كما أن إدراج أرامكو في بورصة طوكيو وغيرها من البورصات الأقل شأنا ليس بالأمر الإيجابي بالنسبة للشركة السعودية.