انتقد كاتب سعودي قرار النظام السعودي بإغلاق مكبرات المساجد في المملكة واقتصارها على الأذان والإقامة فقط، محذرا في الوقت ذاته من خطورة القرار والتداعيات المترتبة عليه.
وقال الكاتب فهد الغويدي إنه لطالما اعتبرت السعودية نفسها الدولة الإسلامية الأولى في المنطقة، تعتبر الكتاب والسنة مصادر تشريعها وتتفاخر بهذا التوصيف الذي لازمها لعقود طويلة.
وذكر الغويدي أنه من العلامات الظاهرية على هذه الصبغة التي استفادت منها الدولة السياسية أكثر بكثير من الجناح الديني فيها هي كثرة المساجد ورفع أصوات الأذان فيها.
ونوه إلى أن هذه الصبغة باتت النقطة التي تمثل علامة فارقة تتميز بها البلاد ونقطة جدل يستثمرها دوما أولئك المدافعين عن النظام.
وعد العويدي قرار إغلاق مكبرات المساجد ضربة جديدة “موجعة” من قبل ولي العهد محمد بن سلمان للتيار الديني والسلطة الدينية في المملكة.
وعزا ذلك لأن الأمر لا يمكن أن يؤخذ بمعناه الظاهري والنظر إليه بشكل متجرد دون الأخذ بالاعتبار التوجه العام للدولة.
وتابع: لا شك أن القرار له أبعاد أخرى لعل أهمها التخلي (شبه الرسمي) عن الهوية الدينية للبلاد، وربما يقول البعض أن هذا الطرح متطرف أو على الأقل سابقا لأوانه.
واستدرك: لكن الحقيقة أن الموضوع لا يقتصر على (خفض) صوت الأذان أو حتى أن يقتصر عمل مكبرات الصوت على داخل المساجد لكنه متعدي بطبيعة الحال بسبب خصوصية الموضوع في السعودية.
ولم يستبعد الناشط السعودي أن يكون هذا القرار تمهيدي لقرار آخر مرتقب وهو السماح للمحال التجارية بالعمل أثناء الصلاة.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية علقت على قرار النظام السعودي الجديدة، معتبرة إياه علامة أخرى على فقدان المؤسسة الدينية للسلطة في عهد محمد بن سلمان.
وقال الغويدي: الواقع أن السلطة الدينية خسرت موقعها الهام والحساس داخل المجتمع السعودي قبل مجيء محمد بن سلمان للسلطة بزمن بعيد.
وأضاف: ولا أدل من ذلك مقدار ما تعنيه الفتوى الدينية في السبعينات والثمانينات داخل المجتمع مقارنتا بمطلع الألفية، ومدى تأثير علماء الدين آن ذاك مقارنتا باليوم.
وخلص إلى أن مفهوم السلطة الدينية في السعودية قد انحسر بشكل كبير بعد وفاة الرجلين الأكثر بروزا وتأثيرا وهما ابن باز وابن عثيمين.
أما قرار (خفض الأذان) فليس مقياس لمدى تأثير السلطة الدينية في البلاد، بل مقياس على مدى الانسلاخ من هوية المجتمع أكثر من أي شيء آخر، والقول للكاتب السعودي.
وحذر من إشكالية أخرى تتعلق بـ “الخصوصية السعودية” التي لم تأت من فراغ بل جاءت على ضوء تشريف البلاد باحتضان الحرمين الشريفين وبأنها – أو على الأقل يجب أن تكون – منارة للعالم الإسلامي.
وبناءً عليه يكون الانسلاخ من الهوية الدينية يعني التخلي عن القضايا الإسلامية والإرث الديني الإسلامي!!
واستطرد الغويدي: صوت الأذان حتى وإن حاول البعض تبرير خفضه أو كتمانه بحجج واهية كإزعاج المرضى
(الذين لا تزعجهم أصوات السيارات خارج المستشفيات والمراجعين داخلها ولا يؤرق مضاجعهم مستوى الرعاية الصحية المتهالك في البلاد، ولا تقلق راحتهم أصوات الحفلات الراقصة وغير الراقصة)
وختم الكاتب فهد الغويدي صوت الأذان من الأمور التي شكَّلت هويتنا التي نفتخر ونعتز بها ومن الأشياء الجميلة التي لا أزال أتذكرها وأَعرِف وأُعرِّف بلادي بها.