مقررو الأمم المتحدة: حملة قمعية مستمرة في السعودية ضد حرية التعبير
أبرز مقررو الأمم المتحدة تداعيات حملة قمعية مستمرة في السعودية ضد حرية التعبير ونشطاء حقوق الإنسان في ظل النهج الاستبدادي الذي يكرسه ولي العهد محمد بن سلمان.
وأرسل المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة السعودية أبدوا فيها قلقهم من حملة واسعة تقودها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى قضيتي فوز ومناهل العتيبي.
والرسالة وقع عليها كل من المقرر الخاص بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان والفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي والمقرر الخاص بتعزيز وحماية حق الحرية في التعبير والتصريح؛ والفريق العامل المعني بمكافحة التمييز ضد النساء والفتيات.
وأوضح الخبراء أنهم تلقوا معلومات بشأن تجريم كل من فوز ومناهل في إطار ممارستهن حقهن في حرية الرأي والتعبير.
وبحسب المعلومات فإن مناهل العتيبي هي مدافعة عن حقوق الإنسان ومدربة للياقة البدنية وفنانة من السعودية، كما أنها ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث دعت باستمرار إلى تمكين المرأة وحقوقها من خلال منشوراتها.
وفوز العتيبي هي مدافعة عن حقوق الإنسان وناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي من السعودية. تُعرف على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر محتوى نقدي للحكومة السعودية، ومشاركة حياتها الشخصية وزواجها من خلال حسابها على إنستغرام، قد أثارت جدلاً بين القوى الدينية المحافظة في السعودية.
ودعت العتيبي في منشوراتها أيضًا الحكومة إلى إغلاق الملاجئ الحكومية التي تعاني فيها النساء والفتيات من الإساءة.
ووفقًا للمعلومات التي تلقاها الخبراء، في 16 نوفمبر 2022، تم اعتقال واحتجاز المدافعة عن حقوق الإنسان ومدربة اللياقة البدنية مناهل العتيبي، جنبًا إلى جنب مع ناشط صحي آخر على خلفية منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
والمنشورات تتعلق بانتقادات لقوانين ولاية الرجل في السعودية وقانون الأحوال الشخصية، كم أنها شاركت في حملات ونشر وسوم معروفة بينها: إسقاط الولاية.
تضمنت منشورات مناهل العتيبي أيضًا انتقادات لمتطلبات ارتداء العباءة التقليدية التي تغطي الجسم. وعلى الرغم من أن السلطات السعودية أعلنت عن تخفيف قواعد اللباس للنساء الأجنبيات والسعوديات عام 2019، إلا أن النساء السعوديات ما زالن يواجهن عدم اليقين القانوني وما زال بعضهن يتعرضن لاتهامات واسعة وغير محددة جيدًا بارتداء “ملابس فاضحة”.
وأبرز المقررون أن فوز العتيبي استخدمت أيضًا منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها لانتقاد نفس قوانين الولاية.
كما أشاروا إلى أن فوز غادرت السعودية قبل أن يتم اعتقالها، فيما كان من المتوقع أن تواجه تهما مثل شقيقتها تندرج تحت قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، وبينها “امتلاك العديد من الصور ومقاطع الفيديو بملابس فاضحة على الحسابات”، و”الذهاب إلى المتاجر بدون ارتداء العباءة، وتصوير ذلك، ونشره على سناب شات”.
في يناير 2023، مثلت مناهل العتيبي أمام القضاة الذين أحالوا قضيتها إلى المحكمة الجنائية المتخصصة، وزاد المدعون العامون أيضًا تهم مثل”تشويه صورة المملكة داخليًا وخارجيًا”.
وكذلك “الدعوة إلى التمرد على النظام العام وتقاليد المجتمع وعاداته، وتحدي السلطة القضائية وعدالته” و “تحريض النساء والفتيات على التخلي عن القيم السعودية المتجذرة في الدين والتقاليد”.
حاليا، تعتقل مناهل العتيبي في سجن الملز في الرياض ويُزعم أنها تعرضت للعنف الجسدي والنفسي من قبل سجين آخر، وقامت إدارة السجن، بوضعها في العزلة عندما أبلغتهم بهذا العنف ولم يسمح لها أيضًا بالاتصال بعائلتها منذ 5 نوفمبر 2023.
وعبر المقررون الخاصون عن قلقهم إزاء الاعتقال واحتجاز المدافعة عن حقوق الإنسان مناهل العتيبي قبل المحاكمة، والذي يبدو أنه يشكل عملاً صريحًا من الانتقام ضد نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يشكل انتهاكًا لحقها في حرية الرأي والتعبير.
وأوضحت الرسالة أنه في تقريره حول العدالة الجندرية وحرية التعبير، أعرب المقرر الخاص المعني بحرية التعبير عن قلقه بشأن تسليح “الأخلاق العامة” كأساس لرقابة سلوك النساء على الإنترنت وإزالة المحتوى.
كما عبر المقررون الخاصون عن قلقهم الكبير بشأن محاكمة مناهل العتيبي أمام المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أُنشئت في عام 2008 لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإرهاب.
وأوضحوا أن هذه المحكمة، جنبًا إلى جنب مع تعريف الإرهاب الغامض في قانون مكافحة الإرهاب، تستخدم بشكل منتظم لقمع الانتقادات والمعارضة للحكومة والعائلة الحاكمة.
وفي الواقع، بحسب المقررين، تعتبر طبيعة هذه القوانين الواسعة والمدمرة، قادرة على استخدامها لتجريم مجموعة واسعة من الممارسات بما في ذلك أعمال الاحتجاج السلمي.
وشددت الرسالة على أن التهم الجنائية الموجهة ضد مناهل العتيبي جرت في سياق حملة أوسع على المدافعين عن حقوق الإنسان ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين تم استهدافهم من خلال المراقبة الحكومية لحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار المقررون إلى أنه للأسف، تم تمكين مثل هذا الاتجاه بواسطة التشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.
من جهتها قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن قضية كل من فوز ومناهل العتيبي تعكس واقع تعامل الحكومة السعودية في ملف حقوق المرأة، حيث أنه بدلا من التمكين التي تروج له، تعمد إلى الاعتقال والمحاكمة والترهيب.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن تجريم التعبير عن الرأي ومحاسبة النساء على ممارسات من المفترض أن الحكومة شرعتها، يظهر التناقض وانعدام الثقة في الوعود الرسمية.