كشفت مصادر دبلوماسية عن استياء شديد لدى ولي العهد محمد بن سلمان من تقارب دولة الإمارات العربية المتحدة مع تركيا مؤخرا.
وأورد موقع Media Line أن بن سلمان كان مستاء جداً من سرعة إعادة العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي، وهناك شعور بأن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يرسم خطته الإقليمية الخاصة من دون التشاور مع السعودية.
وقد تدهورت العلاقات بين الرياض وأنقرة في السنوات الأخيرة، مع وجود البلدين على طرفي نقيض في العديد من الصراعات الإقليمية وجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول عام 2018.
وأبرز الموقع أنه تبدو آفاق التقارب السعودي التركي أكثر إشراقا مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتوجه إلى المملكة العربية السعودية الشهر المقبل.
وصرح أردوغان قبل أيام “انهم يتوقعون مني في شباط/ فبراير. لقد قطعوا وعدا، وسأزور المملكة العربية السعودية في شباط/فبراير المقبل”.
وستكون هذه الزيارة هي الأولى للزعيم التركي منذ مقتل خاشقجي في اسطنبول عام 2018، والذي كان من منتقدي قادة السعودية. وقد شد مقتل خاشقجى القطاعات الدبلوماسية والتجارية والسياحية بين البلدين .
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد أكد العام الماضي أن المحادثات لتحسين العلاقات مع المملكة لا تزال جارية من خلال قنوات مختلفة.
وكان جاويش أوغلو في السعودية في مايو/أيار للمرة الأولى منذ مقتل خاشقجي.
وتأتي زيارة أردوغان وسط ارتفاع التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل عقدين تقريبا، في حين تواصل الليرة دوامة الهبوط الخارجة عن السيطرة.
وقال مسؤول سعودي في وزارة الخارجية في الرياض لموقع “ميديا لاين” إن النظام الملكي غير راض عن سرعة سير إعادة العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي، ملمحا إلى أن الرياض “مستاءة من أبوظبي”.
وقال “هناك شعور بأن بن زايد يرسم خطته الإقليمية الخاصة. إنه يقترب من إيران وتركيا وسوريا. كل هذا يحدث من دون التشاور مع السعوديين”.
وقد شهدت العلاقات بين أنقرة ودول الخليج الأخرى ذوبانا كبيرا في العلاقات مؤخرا بعد سنوات من التوتر والعداء.
وتسعى تركيا الى اصلاح الاسوار مع منافسيها الاقليميين بما فيها مصر والسعودية في العامين الماضيين.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قام بن زايد، الزعيم الفعلي لدولة الإمارات بأول زيارة له إلى أنقرة منذ سنوات، مما يشير إلى ذوبان الجليد في علاقة مشحونة.
وفي غضون ذلك، التقى وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني بمسؤولين أتراك خلال الشهر نفسه، مسلطا الضوء على تحسن علاقات أنقرة مع الدولة الخليجية الصغيرة.
وقال يوسف إيريم، كبير المحللين السياسيين ورئيس التحرير المتجول في هيئة الإذاعة التركية العامة “تي آر تي وورلد” إنه “لا ينبغي النظر إلى مبادرة التطبيع التركية مع دول مجلس التعاون الخليجي بمعزل عن بعضها البعض، بل على أنها صفقة شاملة بسبب العلاقات الوثيقة والمصالح المماثلة بين دول الخليج”.
وكانت العلاقات بين تركيا والإمارات قد وصلت إلى الحضيض قبل عام عندما قال أردوغان إن أنقرة تدرس قطع العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي بعد تطبيع الإمارات علاقاتها مع إسرائيل بموجب اتفاقات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة.
وقد تأجج التوتر بسبب مشاركة البلدين في الصراعات الإقليمية، ودعم الأطراف المتحاربة المتناحرة، بما في ذلك في الحرب الليبية. كما امتدت مشاجراتهم إلى شرق البحر الأبيض المتوسط والخليج.
وقال حسين إبيش، كبير الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن هناك عدة أسباب لدفء العلاقات بين تركيا ودول الخليج، من بينها تعب الصراع.
وأضاف أن هذا هو “الاتجاه العام نحو خفض التصعيد في الشرق الأوسط الذي ينبع إلى حد كبير من حقيقة أن الجهات الفاعلة الإقليمية وجدت نفسها مفرطة في التوسع بعد عقد من المواجهة والصراع المباشر وغير المباشر”.
وأوضح أن “حاجة تركيا إلى الدعم الاقتصادي، وخاصة للليرة، تخلق فرصة يمكن من خلالها، كما سارعت الإمارات إلى فهم ذلك، أن تقوم دول الخليج العربية باستثمارات سليمة في الأصول التركية وأن تخلق قيودا مالية ومؤسسية وهياكلية على حوافز تركيا لاتباع سياسة عدوانية أو هيمنة محتملة في العالم العربي”.
وما يشير إليه ذلك هو الرغبة المشتركة في محاولة حل المسائل دبلوماسيا وسياسيا وتجنب المزيد من المواجهة قدر الإمكان.
ومع ذلك، يقول إبيش، هذا لا يعني أن القضايا المتنازع عليها قد تم حلها بالكامل.
ويضيف “بالطبع لا. ولا تزال هناك اختلافات كثيرة قائمة وإمكانات. وما يشير إليه ذلك هو الرغبة المشتركة في محاولة حل المسائل دبلوماسيا وسياسيا وتجنب المزيد من المواجهة قدر الإمكان. ولكن هذا لا يعني أن هذه البلدان أصبحت الآن متفقة على نطاق واسع. انهم ليسوا كذلك الا على فكرة انه من الافضل اجراء حوار بدلا من مواجهة لا نهاية لها لا يستفيد منها اى من الجانبين على المدى الطويل ” .
وتعوق التوترات السياسية بين البلدين حركة السلع وتضع ضغوطا على العلاقات التجارية بين القوتين الاقليميتين المسلمتين السنيتين ، مما يتسبب فى انخفاض الصادرات التركية الى السعودية .
وقال محمد البيشي، الصحفي السعودي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إن التوتر بين البلدين يرجع إلى “السياسات الإقليمية العدوانية” لتركيا.
وفي عام 2020، دعا رئيس غرفة التجارة السعودية إلى مقاطعة المنتجات التركية.
وتشير تقديرات بيشي إلى أن السعودية صدرت سلعا بقيمة 3 مليارات دولار تقريبا، معظمها منتجات نفطية، إلى تركيا في عام 2019، بينما استوردت منتجات بقيمة تقارب 12 مليار دولار.
وأضاف: “في الوقت الذي تتواصل فيه المحادثات بين اللاعبين الإقليميين، فإنهما يتقدمان بوتيرة أبطأ فيما يتعلق بالدبلوماسية التركية مع الإمارات والبحرين. وبغض النظر عن ذلك، أعتقد أنه سيتم التغلب على التحديات في الوقت الذي تعمل فيه الديناميكيات الجديدة والمصالح الثنائية المتقاربة في المنطقة على توحيد البلدين”.