ندد البرلمان الأوروبي بانتهاكات نظام آل سعود بحق معتقلي الرأي في سجونه على خلفية وفاة الناشط الحقوقي البارز عبدالله الحامد قبل أيام.
وقدم البرلمان الأوروبي عبر موقعه الرسمي على الإنترنت، تعزية بوفاة الحامد ووصفه بأنه “كان رائدا في محاولات دفع السعوديين بالاعتراف بالبيان العالمي لحقوق الإنسان، والقيام بإصلاحات تقود لقيام حكم القانون ومحاسبة المؤسسات”.
وقالت النائبة البلجيكية ماريا أرينا رئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البيان “صدمت لسماع وفاة واحد من الأصوات القيادية لحقوق الإنسان في السعودية، الذي مات في السجن عن عمر يناهز الـ69 عاما، حيث كان يقضي حكما بالسجن لمدة 11 عاما”.
وأضافت أرينا “كرس الحامد كل حياته لمحاربة الانتهاكات الحقوقية، وحماية الذين يدافعون عن الحقوق الأساسية والحريات في بلده”.
ووجهت انتقادات إلى سلطات آل سعود، مؤكدة أن “حرمان المعتقلين من العناية الطبية يعد خرقا لحق الحياة ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة”.
وأكدت أن “الإهمال الطبي لا يعد فقط غير صحيح أخلاقيا، ولكنه عمل غير مقبول”.
ولفتت كذلك غلى أنه تم اعتقال ناشطات بارزات وناشطون في حقوق الإنسان في السعودية، من بينهم الحائز على جائزة سخاروف، رائف بدوي، فقط لأنهم طالبوا بالتغيير السلمي وحقوقهم الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير.
وطالبت النائبة البلجيكية سلطات آل سعود باتخاذ الخطوات اللازمة للإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما وسط أزمة تفشي وباء “كوفيد-19″ فيروس كورونا المستجد، محذرة من وصوله إلى المعتقلات.
كما طالبت السلطات في المملكة بـ”القيام بإجراءات وقائية وحماية صحية وبدون تمييز لحماية المعتقلين”.
وكان الحامد توفى يوم الجمعة الماضي بعد أيام من دخوله في غيبوبة بفعل سنوات من تعذيبه وإهماله طبيا داخل سجون آل سعود.
وكانت الفكرة الأساسية التي تمثل عنوانًا لفكر ومشروع الحامد هي: الملكية الدستورية، التي تسمح للشعب باختيار أعضاء مجلس الوزراء، من خلال الانتخابات الحرة، وهو ما اعتبره الراحل الوسيلة السلمية التي ستمكن للشعب سياسيًا، وستقضي على الفساد داخل المملكة.
وانتقد الحامد نهج علماء الشريعة في المملكة، الذي يركز على الجوانب الفردية كقضايا الطهارة والعبادات وغيرها، ويغفل عن الحقوق المدنية والسياسية، كما انتقد الحامد النزعة الجبرية ومفهوم “ولاية المتغلب” في التراث الفقهي الإسلامي.
ودعا الحامد إلى ما أسماه بـ”الجهاد المدني” من خلال إنشاء مؤسسات المجتمع المدني والصحف والقنوات الفضائية، ومراكز الأبحاث والتقنية والإعلام.
واعتبر الحامد أن السكوت عن المنكرات السياسية، هو من الكبائر والمعاصي الكبرى، في الوقت ذاته اعتبر الحامد أن العنف ليس هو الحل، وأن العلاج الناجع لتلك الظاهرة، هو السماح بالتعبير السياسي السلمي.
كانت أولى إسهامات الحامد البارزة في العمل الحقوقي والسياسي في السعودية، هي مشاركته في تأسيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية، مع عدد كبير من الأكاديميين السعوديين في أواسط عام 1993؛ بعد اندلاع حرب الخليج الثانية.
وشارك الحامد مع العديد من الناشطين الإصلاحيين السعوديين في أبرز الفعاليات المنادية بالإصلاح السياسي الدستوري، من خلال بيانات صدرت عام في 2003 بتوقيع نحو 100 شخصية سعودية بارزة، دعا فيها هؤلاء إلى التحول إلى الملكية الدستورية، وتحقيق الفصل بين السلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، والقضاء على الفساد الحكومي.
في عام 2009 شارك الحامد في تأسيس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم). وفي عام 2013 شارك الحامد إلى جانب العديد من الإصلاحيين السعوديين البارزين في التوقيع على عريضة تحت عنوان “رؤية الأمة الحالية والمستقبلية”، دعت إلى إعطاء المواطنين السعوديين حقوقهم الأساسية وإجراء الإصلاحات الدستورية، مثل الانتخابات، والفصل بين السلطات، ووقف الاعتقالات السياسية.
وتعرض الحامد للاعتقال والسجن من قبل سلطات آل سعود سبع مرات، وكانت المرة الأولى في 15 يونيو\حزيران 1993 برفقة 14 أكاديميًا آخرين من الداعمين للجنة الشرعية للحقوق والإصلاح.
وبعد الإفراج أصر الحامد على مواصلة نشاطه الحقوقي والسياسي فاعتقل للمرة الثانية في عام 1994، ثم اعتقل للمرة الثالثة في عام 1995 بعد ذكره في أحد كتبه أنه لا يوجد صاحب سمو ولا صاحب دنو في الإسلام.
وفي 16 مارس/آذار 2004، تعرض الحامد للاعتقال مرة أخرى مع شخصيات إصلاحية سعودية. آخر مرة تعرض فيها الحامد للاعتقال كانت في مارس/آذار 2013، حيث حكم عليه بالسجن 11 عامًا ومنع من السفر 5 سنوات بعد الإفراج، بدعوى محاولته تشويه سمعة المملكة، ونقض البيعة مع الحاكم، وإنشاء جمعية غير مرخصة.