لا تزال خديجة الحربي معتقلة الرأي في سجون آل سعود تعاني من أوجاع مركبة في آن واحد, وجع طلق الولادة, ووجع وضع مولدها بالسجن, ووجع افتقادها لزوجها المعتقل وهي بهذا الوضع, ووجع غياب عائلتها عنها في ظرف حرج كالذي هي فيه.
ونشطت خلال الساعات الأخيرة حملة تفاعل واسعة ضد اعتقال الكاتبة الحربي الحامل التي أصبحت مهددة بالولادة داخل سجون نظام آل سعود.
وأطلق ناشطون وسم #ولادة_في_السجن، لمطالبة سلطات آل سعود بإطلاق سراح الكاتبة خديجة الحربي حتى تتمكن من وضع مولودها في ظروف صحية تضمن سلامتها وسلامة المولود، قائلين إن مستشفى السجون تنعدم فيه سبل النظافة والتعقيم.
واعتقلت خديجة الحربي في أبريل/نيسان الماضي وهي حامل مع زوجها الصحفي ثمر المرزوقي، وحمّل نشطاء حقوقيون السلطات السعودية مسؤولية سلامة خديجة وجنينها.
ونشر نشطاء تغريدات على حساب تويتر “بولادة خديجة الحربي في السجن، سنكون أمام حالة قمعية فريدة من نوعها، ستكون أسرة بالكامل خلف قضبان السجون، سيقضي المولود بعيدا عن والده المكبل في زنزانة لا أحد يعرف مكانها غير الله ثم السلطات، وسيكون مكبل الحركة مثلما انتهت الحال بالأبوين مكبلين”.
وأضاف ايضا “إن وقعت لخديجة الحربي ولادة في السجن، فلن تكون الأولى التي تتعرض لهذا الانتهاك الحقوقي الخطير، وستكون عائلة بأكملها حينها خلف القضبان، من الزوج ثمر المرزوقي والزوجة والطفل حديث الولادة”.
وفي السياق، تساءل الناشط عبدالله الجربوعي “ما ذنب هذا الطفل؟ -في إشارة إلى المولود المرتقب- يولد في سجن مظلم، ليس فيه أي دلالة على الحياة، ما ذنب هذه المرأة لكي تعاني آلام الولادة في السجن، أي تعذيب أشد من هذا؟!”.
ومؤخرا أطلقت صفحة “سعوديات معتقلات” على تويتر, حملة تضامنية ونداء استغاثة لنصرة قضية المعتقلة السعودية “الحامل”, خديجة الحربي, نظراً للخطر المحدق بها وبجنينها, حيث إنها على وشك الولادة في أي لحظة داخل المعتقل.
وقال الحساب في تغريدة خاصة بالحربي: “خديجة الحربي ممكن أن تلد في أي لحظة, فهي في شهرها الأخير, والمخاوف تزداد على حياتها في حال تعنت إدارة السجن عن نقلها إلى مستشفى مدني في ساعة الولادة.”
وأضاف الحساب: “السلطات مطالبة بإطلاق سراح خديجة فوراً, لتتلقى العناية اللازمة بإشراف أفراد من عائلتها.”
وسبق هذا النداء إطلاق نشطاء من السعودية وخارجها حملة تضامنية واسعة مع الكاتبة خديجة الحربي, زوجة المدون ثمر المرزوقي, التي اعتقلت من منزلها أوائل نيسان/أبريل الماضي, برفقة زوجها, رغم كونها حاملا.
وتحت هاشتاغ ” #اعتقال_حامل_بالسعودية”, طالب ناشطون سعوديون حينها السلطات بالإفراج الفوري عن الحربي, قائلين إن الاستمرار في حبسها عار كبير.
وأوضح ناشطون وقتها أن مرور خمسة أيام على اعتقال الحربي, دون صدور بيان من قبيلتها “حرب”, يعطي تصورا واضحا عن مدى تسلط آل سعود والحكومة على الشعب بمن فيهم القبائل.
ولفت الناشطون إلى أن السلطات السعودية لا تزال تخلف بموعدها وتماطل في الإفراج المؤقت عن الناشطات المعتقلات منذ عدة شهور.
يشار إلى أن خديجة الحربي اعتقلت برفقة زوجها ثمر المرزوقي من داخل منزلهما, في حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات على النشطاء والمدونين المحسوبين على التيارات القومية واليسارية, برغم عدم توجيههم أي انتقاد للسلطات.
ومن جهتها فقد شنت كاتبة سعودية هجوماً شرسا على السلطات السعودية بعد اعتقال الناشطة خديجة الحربي رغم حملها في الشهور الاخيرة.
وقالت الكاتبة ريم سليمان في تغريدة عبر تويتر, “أن تعتقل امرأة أمر فظيع في بلاد مثل السعودية, وأن تعتقلها وهي حامل إجرام إنساني لا مثله إجرام, وأن تستسهل الحرمات في بلادنا إلى هذا الحد هو الجنون بعينه.”
وأضافت: ” الحرية لخديجة ولبقية المعتقلات قسرا في سجون بلادنا القاسية.”
وقد كشفت العديد من المنظمات الدولية ان عدد من النشطاء والمدافعات عن حقوق الانسان قد خضعوا في المعتقلات للتعذيب والتحرش الجنسي, واشكال عديدة من التعذيب النفسي وسوء المعاملة, اثناء احتجازهم واستجوابهم في السجون السعودية.
وتبين انه لم يبدأ اعتقال المدافعين عن حقوق المرأة السعودية واضطهادهم في عهد الملك سلمان الحالي ونجله محمد بن سلمان, الحاكم بحكم الامر الواقع, بل كانت منذ عام 2012 في عهد الملك السابق.
وبدأت حملة قمع نشطاء حقوق المرأة قبل اسابيع من رفع الحظر عن قيادة السيارات الذي طال انتظاره, وهي القضية التي طالب العديد من النشطاء المحتجزين بها.
واتهمت السلطات العديد من الاشخاص الذين اعتقلوا بجرائم خطيرة, بما في ذلك الاتصال المشبوه مع أطراف اجنبية.
ومن جهتها قالت “هيومن رايتس ووتش” منظمة حقوقية دولية ان التعذيب الذي تعرضت له ناشطات سعوديات شمل الصعق بالصدمات الكهربائية, والجلد على الفخذين, والعناق والتقبيل القسريين.
ونقلت ايضا ان محققين سعوديين ملثمين عذبوا النساء خلال المراحل الأولى من الاستجواب, ولكن لم يكم من الواضح ما إذا كانوا يسعون الى اجبارهن على توقيع اعترافات أو أن ذلك كان لمجرد معاقبتهن على نشاطهن السلمي.
كما أن عددا من السجناء الذين تم الافراج عنهم لا يزالون يعانون من حالات اعاقة دائمة جراء التعذيب في السجون.
وقالت المنظمة إن علامات جسدية على التعذيب ظهرت على النساء بعد جلسات التحقيق, ومن بينها صعوبة المشي وارتعاش اليدين غير الإرادي والعلامات الحمراء والخدوش على الوجه والرقبة, وانه رصد حالة واحدة من المعتقلات حاولت الانتحار عدة مرات.
ووفق منظمات حقوق الإنسان فإن أي تعذيب وحشي لناشطات سعوديات لن يكون له حدود في حملة السلطات السعودية الوحشية على المنتقدين ونشطاء حقوق الانسان, ويجب أن تواجه اي حكومة تعذب النساء بسبب مطالبتهن بحقوقهن الأساسية انتقادات دولية شديدة.
وبحسب المصادر فإن الاعتقالات استهدفت المدافعين عن حقوق الانسان الذين يطالبون ويدافعون عن حقوق المرأة وعن اسقاط نظام الولاية وإضافة الى معتقلي الرأي الذين يطالبون بوقف انتهاكات حقوق الانسان واصلاح نظام الحكم في المملكة وتطبيق مبادئ حقوق الانسان على المواطنين.
وقد عبّرت “منظمة العفو الدولية” عن هذا الوضع، بأن “وجود نشطاء حقوق الإنسان اليوم في السعودية مهددون بالانتهاء, إذ أنهم يختفون واحداً تلو الآخر”.
وأعربت المنظمات الدولية والحقوقية عن قلقها إذا هذا الانتهاك بحق الانسانية وطالبت السعودية بالإفراج الفوري عن المعتقلين وتحسين ظروف اعتقالهم وفق المعايير والقوانين والمعاهدات الدولية والكشف عن أماكن اعتقال الأشخاص الذي اخفاهم نظام آل سعود, وسرعة الافراج عن الناشطات والناشطين المعتقلين داخل سجون المملكة وحق المعتقلين بمحاكمة عادلة وفق القانون.