يعاقب محمد بن سلمان ولي العهد في نظام آل سعود معتقلات الرأي من الناشطات والأكاديميات حتى بعد الإفراج عنهن من السجون بعد اعتقالهن تعسفيا.
وذكرت مصادر حقوقية أن سلطات بن سلمان تمنع جميع الناشطات والحقوقيات المفرج عنهنّ من السفر إلى الخارج، كما تحظر عليهن العودة إلى أعمالهنّ ودراستهنّ.
ومن بين هؤلاء المعتقلات السابقات عزيزة اليوسف وإيمان النفجان وهتون الفاسي ومياء الزهراني.
يأتي ذلك فيما لا تزال سلطات بن سلمان تواصل تعذيب عددا من الناشطات في السجون سواء في أقبية تعذيب داخل منازل مجهزة لذلك وبعيدة عن السجون الرسمية، أو في داخل السجون نفسها.
كما أن عددا من المعتقلات لا زالوا يتعرضن للتضييق الشديد داخل السجون إما بالحبس الانفرادي لفترات ممتدة وطويلة كما يحصل مع الناشطة نسيمة السادة والناشطة لجين الهذلول، أو بالتنقلات المستمرة والحرمان من الاتصال لفترات، والعقوبات المتكررة داخل المعتقلات وسحب الكتب والأدوية.
وقد نقل البعض من معتقلات الرأي لما يسمى بـ”مبنى الحراسة المشددة” وتعرض البعض للضرب مما يسمى “قوات حفظ النظام”.
ومع تعهدات السلطات السابقة بالتحقيق في التعذيب الوحشي والتحرش الجنسي الذي تعرضن له عدد من معتقلات الرأي مثل ايمان النفجان وعبير النمنكاني وعزيزة اليوسف ولجين الهذلول وسمر بدوي ونوف عبدالعزيز الجريوي، ومياء الزهراني، وشدن العنزي، وهتون الفاسي، وميساء المانع، وعلي حمزة العمري ومحمد البجادي وياسر العياف وعايدة الغامدي، إلا أن السلطات لم تقم بأي تحقيقات حقيقية، ولم يتوقف التعذيب.
ولازلات لجين الهذلول و نسيمة السادة في الحبس الانفرادي، ولا زالت نوف عبدالعزيز الجريوي ومياء الزهراني وسمر بدوي في السجن أيضا، ولا زالت القضية برمتها مفتوحة، ومنع من أفرج عنهن مؤقتا عن أعمالهن ودراستهن، ولم تلتزم السلطات بما وعدت به في مرات متكررة من الإفراج وإغلاق القضية وتعويض المتضررات، بل لا زالت مستمرة في الانتهاكات.
ويزعم بن سلمان دائماً في مقابلاته مع وسائل الإعلام الغربية أنه على غير دراية بكل ما يحصل في المملكة من انتهاكات لحقوق الانسان أو تعذيب أو تجسس أو قتل في محاولة للتنصل من المسئولية المباشرة على ذلك.
لكن مئات الأمثلة تكذب مزاعم بن سلمان خاصة بعد الثبوت مرارا أن كبار مساعديه أمثال سعود القحطاني يشرفون مباشرة على تعذيب معتقلي الرأي وبينهم الناشطة لجين الهذلول المعتقلة في سجن تابع لسلطات آل سعود منذ ما يزيد عن أكثر من عام بسبب وقوفها بجانب المرأة والمطالبة بحقوقها.
عند سؤال بن سلمان عبر مقابلة تلفزيونية مع برنامج أمريكي هل حان الوقت لإطلاق سراح لجين الهذلول؟ ادعى بأن القرار ليس بيده بل إنه بيد المدعى العام في المملكة وزعم بأنه مدعى عام مستقل.
تؤكد عائلة لجين الهذلول أنها تعرضت للتعذيب داخل السجن، فيما أقر بن سلمان تحت ضغوط البرنامج الأمريكي أن “تعذيب لجين لو كان صحيحا فهو أمر بشع وأن الإسلام يحرم التعذيب وأنه سيتابع القضية بنفسه” وهو امر لم يحدث عليه تغيير أبدا حتى اليوم.
إذ أشارت علياء الهذلول عن واقع أختها لجين والتعذيب البدني والجنسي الذي تعرضت له من قبل مستشار ابن سلمان سعود القحطاني.
ويعد القحطاني الذي أشرف على تعذيب لجين واحدا من الرجال الذين دبروا اغتيال الثاني من أكتوبر الماضي للصحفي البارز جمال خاشقجي.
وإضافة لتعرضها للتعذيب، مورس محاولة إيهام لجين بأنها تغرق بالماء بحضور سعود القحطاني الذي شهد كذلك جلسات التعذيب والتهديد بالاغتصاب وتعرضها للصعق الكهربائي.
وقالت علياء عن مسئولية بن سلمان ومرتزقته في تعذيب شقيقتها: “عليهم أن يدركوا أن العدالة ستأخذ مجراها ذات يوم، ولكن من الضروري أن يتحدث الناس عن الأمر وألا يظلوا صامتين”.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد طالبت سلطات آل سعود بالسماح لمراقبين مستقلين دوليين بالوصول إلى ناشطات معتقلات منذ مايو/أيار الماضي، للتأكد من سلامتهن.
وأعلنت المنظمة في بيان لها أنها تلقت يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقريرا من “مصدر مطلع” يشير إلى تعرض ناشطة حقوقية للتعذيب، وأنه بالاستناد إلى مصادر مختلفة فإن تعذيب الناشطات قد يكون مستمرا.
وتقوم السياسة الرسمية لنظام آل سعود على تعذيب وإهمالي معتقلي الرأي وهو يمتلك سجلا سيئا في معاملة المعتقلين المعارضين للنظام بما في ذلك شبهات تعذيب وإهمال طبي.
وشهدت المملكة خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين على خلفية مواقفهم العلنية ومطالبهم بالإصلاح السياسي والاجتماعي وإطلاق الحريات العامة، وسط مطالبات حقوقية متكررة بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وطالبت منظمات حقوقية مرارا بتحقيق دولي مستقل في سوء أوضاع اعتقال المعارضين في سجون المملكة وتجاهل سلطات آل سعود المطالب الداعية لتوفير الرعاية الصحية لهم ووقف انتهاكات سوء المعاملة وأشكال التعذيب النفسي والجسدي بحقهم.
وتؤكد المنظمات الحقوقية أن المعاملة السيئة للمعتقلين المعارضين في السعودية قد ترتقي إلى مستوى التعذيب المحظور دوليا بما يتطلب محاسبة أي شخص مسؤول تثبت مسؤوليته عن التعذيب وسوء المعاملة أو منع المعتقلين من الحصول على رعاية طبية.