أبشع انتهاكات بحق معتقلات الرأي في سجون آل سعود
اعتقلت السلطات السعودية في 30 يوليو 2018 نسيمة السادة وزميلتها سمر بدوي, المدافعات عن حقوق المرأة في المملكة, والتي كانا قد شاركن في حملة إلغاء نظام وصاية الرجل والتي طالبن ايضا بحق المرأة في قيادة السيارة.
ومنذ ذلك الوقت ونسيمة السادة نسيمة محرومة من نور الشمس وممنوعة من الاتصال بذويها, المحتجزة منذ 10 أشهر تقبع في غرفة العزل الانفراد بما يحمل بطياته شتى ألوان الانتهاكات التي تمارسها عناصر السلطات السعودية بحق المعتقلين غير مهتمة بأنهم نساء أم رجال, صغارا كانوا أم كبارا, وتتبلور الصورة القاتمة للعزم الانفرادي بانعكاساتها السلبية على وضع المعتقلين واهاليهم أيضا.
“من جنس بني آدم أبحث عن الكرامة” بهذه العبارة تعرف الناشطة الحقوقية نسيمة عن نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
بدأت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن من نسيمة السادة وطالبوا بإطلاق سراحها فوراً ونقلها من العزل الانفرادي.
نسيمة التي اعتقلت من دون أي ذنب اقترفته ومن دون اتهام يوجه لها وأيضا دون وجود مذكرة قانونية, واستتبعت اعتقالها من غير أن يتم عرضها على المحكمة, فيما يبدو أنه انتقاماً واضحا وفاضحا من نشاطها الحقوقي والاجتماعي والثقافي الذي أرًق السلطات, حتى داخل سجنها, ليدفع بها في السجن الانفرادي بصورة متتالية.
في سجن مباحث الدمام تزج الناشطة نسيمة السادة, في الزنازين المعتمة والخانقة التي تكشف نتانة الاوضاع المأساوية خلف السجون السعودية.
في نهايات ديسمبر2018 خرجت نسيمة الي العنبر العام, حيث اجتمعت مع ناشطات أخريات بينهن الناشطة المعتقلة إسراء الغمام ونعيمة المطرود وأخريات, حيث استتبعت نشاطها الاجتماعي خلف القضبان وعملت على برامج ودورات اجتماعية وتربوية تثقيفية بهدف رفع معنويات الناشطات المعتقلات, الامر الذي أرعب السلطات ودفعها إلى عزلها بشكل انفرادي مرة أخرى.
وقد صرحت جهات حقوقية ان السلطات السعودية باعتقالها لنسيمة السادة ترتكب مخالفة للقوانين المحلية والتعهدات الدولية التي تنضم اليها السعودية, وان المملكة تمارس اكبر شكل من اشكال الانتهاكات عبر وضعها بالسجن الانفرادي.
وقد كشفت العديد من المنظمات الدولية أن عددا من النشطاء والمدافعات عن حقوق الإنسان قد خضعوا في المعتقلات للتعذيب والتحرش الجنسي, وأشكال عديدة من التعذيب النفسي وسوء المعاملة, اثناء احتجازهم واستجوابهم في السجون السعودية.
وتبين أنه لم يبدأ اعتقال المدافعين عن حقوق المرأة السعودية واضطهادهم في عهد الملك سلمان الحالي ونجله محمد بن سلمان, الحاكم بحكم الأمر الواقع, بل كانت منذ عام 2012 في عهد الملك السابق.
وقد بدأت حملة قمع نشطاء حقوق المرأة قبل أسابيع من رفع الحظر عن قيادة السيارات الذي طال انتظاره, وهي القضية التي طالب العديد من النشطاء المحتجزين بها.
في حين أنه تم الإفراج عن البعض بسرعة, ولا يزال اخرون رهن الاعتقال دون تهمة, ومن بين هؤلاء: لجين الهذلول, عزيزة اليوسف, ايمان النفجان, نوف عبد العزيز, مياء الزهراني, سمر بدوي, نسيمة السادة, وهتون الفاسي, جميعهم من نشطاء حقوق المرأة.
واتهمت السلطات العديد من الاشخاص الذين اعتقلوا بجرائم خطيرة, بما في ذلك الاتصال المشبوه مع أطراف اجنبية.
ومن جهتها قالت “هيومن رايتس ووتش” منظمة حقوقية دولية ان التعذيب الذي تعرضت له ناشطات سعوديات شمل الصعق بالصدمات الكهربائية, والجلد على الفخذين, والعناق والتقبيل القسريين.
ونقلت ايضا أن محققين سعوديين ملثمين عذبوا النساء خلال المراحل الأولى من الاستجواب, ولكن لم يكم من الواضح ما إذا كانوا يسعون إلى اجبارهن على توقيع اعترافات أو أن ذلك كان لمجرد معاقبتهن على نشاطهن السلمي.
كما أن عددا من السجناء الذين تم الافراج عنهم لا يزالون يعانون من حالات إعاقة دائمة جراء التعذيب في السجون.
وقالت المنظمة إن علامات جسدية على التعذيب ظهرت على النساء بعد جلسات التحقيق, ومن بينها صعوبة المشي وارتعاش اليدين غير الإرادي والعلامات الحمراء والخدوش على الوجه والرقبة, وانه رصد حالة واحدة من المعتقلات حاولت الانتحار عدة مرات.
ووفق منظمات حقوق الإنسان إنها قالت أي تعذيب وحشي لناشطات سعوديات لن يكون له حدود في حملة السلطات السعودية الوحشية على المنتقدين ونشطاء حقوق الانسان, ويجب أن تواجه اي حكومة تعذب النساء بسبب مطالبتهن بحقوقهن الأساسية انتقادات دولية شديدة.
وبحسب المصادر فإن الاعتقالات استهدفت المدافعين عن حقوق الانسان الذين يطالبون ويدافعون عن حقوق المرأة وعن اسقاط نظام الولاية وإضافة الى معتقلي الرأي الذين يطالبون بوقف انتهاكات حقوق الانسان واصلاح نظام الحكم في المملكة وتطبيق مبادئ حقوق الانسان على المواطنين.
وقد عبّرت “منظمة العفو الدولية” عن هذا الوضع، بأن “وجود نشطاء حقوق الإنسان اليوم في السعودية مهددون بالانتهاء, إذ أنهم يختفون واحداً تلو الآخر”.
وفي ذات الإطار، طالب محاميان بريطانيان بتعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على خلفية انتهاكات حقوقية، بينها اعتقال أو اختفاء قسري لـ61 شخصًا منذ أيلول/سبتمبر 2017.
ولا تعترف السعودية بعديد المواثيق الدولية الرئيسية، منها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما لم تصادق المملكة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وتكشف السعودية بانتهاكاتها الممنهجة لحقوق الانسان, عن الوجه الحقيقي لها ك مملكة رعب, تلاحق من يعبرون عن آرائهم ومواقفهم المخالفة لها, بل حتى الصامتين, حيث ان الصمت دليل على إدانة لعشرات الشخصيات, خاصة رجال الدين المعتقلين كسلمان العودة, وبذلك “أن تعبّر عن رأيك بحرية في السعودية، يعني أن مصيرك سجونها، وربما دون أن تعلم عائلتك عنك شيئًا. وتمارس السعودية ضمن انتهاكاتها جريمة الإخفاء القسري، التي تجرمها مختلف المواثيق الدولية”.
وأعربت المنظمات الدولية والحقوقية عن قلقها اذا هذا الانتهاك بحق الإنسانية وطالبت السعودية بالإفراج الفوري عن المعتقلين وتحسين ظروف اعتقالهم وفق المعايير والقوانين والمعاهدات الدولية والكشف عن اماكن اعتقال الاشخاص الذي اخفتهم السلطات السعودية وبيان أماكن احتجازهم وتحويلهم إلى المحكمة لإخضاعهم لمحاكمات عادلة وفق القانون.