تحدث المعارض السعودي عمر عبدالعزيز في مقال له في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في المعركة ضد الحملات الإلكترونية التي تستهدف المواطنين السعوديين، كان جمال خاشقجي حليف قوي لي وصديقٌ أدرك قوة تويتر وقدرته على تشكيل الرأي العام في المملكة وبقية العالم العربي”.
وأكد المعارض السعودي المقيم في كندا أنه لن يتوقف عن كفاحه ضد سياسات القمع التي تنتهجها سلطات آل سعود، بالرغم من اختراق جواسيس سعوديين هاتفه لمحاولة إيقاف نشاطه.
وأضاف: “قُتِل جمال لأنه كان على استعداد لمحاربة المتصيدون والدعاية بالحقيقة والأفكار. لكننا ما زلنا نتعلم إلى أي مدى تستعد المملكة (وولي العهد محمد بن سلمان) للذهاب لكي تراقب وتُخرِس النقاد عبر الإنترنت”.
وأشار إلى أنه في الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة العدل أنها تتهم اثنين من موظفي “تويتر” السابقين بالتجسس لصالح الرياض من خلال الوصول إلى معلومات الشركة بشأن المعارضين المتواجدين في المنصة، لافتا إلى أنه كان أحد المستهدفين.
وتابع: “لقد كان كل ذلك جزءًا من حملة مضايقة منسقة. باستخدامها لبرامج التجسس المباعة من قبل شركة NSO Group الإسرائيلية، اخترقت الرياض هاتفي من أجل قراءة رسائلي مع جمال الذي كنتُ أعمل معه للتعرف على المتصيدين السعوديين على تويتر ومكافحتهم، وأطلقنا على الأمر اسم (النحل الإلكتروني). كنا نعمل معاً لتنظيم جيش من المتطوعين لمواجهتهم”.
وأردف: “وظفت حكومة آل سعود كافة التكتيكات لحثي على التخلي عن المشروع, وألقوا القبض على أقاربي وأصدقائي من أجل الضغط عليّ.
لقد سجنوا إخواني وطلبوا منهم إقناعي بالتوقف عن العمل في حملتنا التطوعية. شعر جمال بالصدمة لأنهم علموا عنها وطلب مني عدم مناقشتها علنًا نهائيًا”.
ومضى بالقول: “نظرًا لعدم توفر الكثير من خيارات الترفيه في المملكة، تحملنا بيئتنا من خلال المعيشة في واقع مختلف على هواتفنا الذكية.
سرعان ما أصبح موقع تويتر أساسيًا لممارسة العنصر الأول من الحرية الفردية: حرية التعبير. انفجرت شعبية المنصة في أوساط السعوديين بين عشية وضحاها تقريبًا. عشنا بشكل ديمقراطي على تويتر. الناس كتبوا ونشروا بحرية”.
وأوضح “عبدالعزيز” أن “تويتر أيضاً سمح للناس بالتفاعل مع المعارضين في المنفى، وهو أمر لم يكن ممكنًا من قبل. كما سمح للحكومة بتتبع الرأي العام.
في البداية كانت الحكومة سريعة الاستجابة, تم إعلان المراسيم الملكية عبر تويتر. انتشرت الشائعات، ولكن تم كشفها أيضًا. واجه المسؤولون ضغوطًا ليكونوا أكثر شفافية”.
وقبل يومين نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقال للباحثة والأكاديمية السعودية المعارضة الدكتورة مضاوي الرشيد أبرزت فيه أن تويتر تحول لوسيلة تجسس في المملكة إذ أصبح الموقع الشهير ساحة مفضلة لجواسيس المملكة الإلكترونيين.
وأشارت الرشيد في مقالها إلى أن الحكومة الأمريكية اتهمت اثنين من موظفي تويتر السابقين بالتجسس لمصلحة الرياض، بعدما زُعِم أنهما تسللا إلى البيانات الشخصية لأكثر من 6000 حساب على تويتر، بما في ذلك حسابٌ خاص بمُعارضٍ بارز أصبح مُقرباً إلى الصحفي جمال خاشقجي.
وزُعِم أنَّ الموظفين جُنِّدا على يد عميل سعودي أعطاهما عشرات الآلاف من الدولارات وهدايا باهظة الثمن. وذُكِر أنَّ مهمتهما كانت نقل معلوماتٍ شخصية عن منتقدي نظام آل سعود إلى بدر العساكر، الذي كان ينوب في هذه المهمة عن محمد بن سلمان.
وربما يكون عساكر جالساً الآن في مكتب محمد بن سلمان يُفكِّران في كيفية احتواء الفضيحة الأخيرة وإعادة تحسين صورة المملكة والترويج لها على أنَّها ملاذ آمن للسياحة والرحلات التراثية.
وبعد هذه الفضيحة الأخيرة، سقط الطاغية السعودي الذي يمارس استبداده ضد مستخدمي تويتر مرةً أخرى من برجه العاجي، في ظل استمرار فضح عملائه وجواسيسه في جميع أنحاء العالم، حسب تعبيرها.
ويسعى العديد من عملاء بن سلمان سعياً حثيثاً لمواجهة معارضة الشباب السعودي على الإنترنت، التي انتقلت كذلك إلى السعوديين المقيمين بالخارج.
فبينما شدد بن سلمان قبضته على شبكات التواصل الاجتماعي ووظَّف جيشاً إلكترونياً لنشر الأكاذيب ومراقبة الأصوات المعارضة -مما أدى إلى فرض عقوباتٍ قاسية على المعارضين- تولَّى السعوديون المقيمون في الخارج زمام المبادرة، وواصلوا نضال نظرائهم داخل البلاد.
ويستخدم بن سلمان تويتر لمراقبة المعارضة والقبض على المعارضين، بما في ذلك نشاط السعوديين في الخارج.
إذ يتابع عملاؤه أنشطة الطلاب الأكاديمية وأنشطتهم على شبكات التواصل الاجتماعي عن كثب، فيما تُرسل قنصليات المملكة في البلاد المختلفة ملفاتٍ خاصة بهؤلاء الطلاب إلى حكومة آل سعود في الرياض. وفي بعض الأحيان، يقول موظفو القنصليات للمنتقدين إنَّهم لا يمكنهم تجديد جوازات سفرهم إلا إذا عادوا إلى المملكة.
وفي هذا الصدد، تقول الرشيد : أخبرني عبدالله، نجل الشيخ سلمان العودة، والناشط عمر الزهراني في مقابلةٍ صحفية أنَّ سلطات آل سعود علَّقت منحهم الدراسية ورفضت تجديد جوازات سفرهم. لذا تقدم كلاهما بطلب للجوء في الولايات المتحدة وكندا على التوالي، وحصلا على الإقامة.
ولكنْ هناك سعوديون آخرون تقطعت بهم السبل في كندا وأوروبا وأستراليا بسبب انتهاء صلاحية جوازات سفرهم فيما لم تمنحهم البلدان المضيفة حق اللجوء أو الإقامة حتى الآن.
وما زالت منصة تويتر تعمل في المملكة لمساعدة النظام في تقييم المزاج العام والترويج لبن سلمان.
ففي بلد يشهد قمع حرية التعبير وحظر التنظيم السياسي، لا يوجد سوى صوت واحد: صوت آلة الدعاية للنظام. ومع ذلك، يريد النظام معرفة ما يفكر فيه السعوديون، وكيف يتفاعلون مع مغامرات الدولة المتعددة في الداخل والخارج.
ويبدو أنَّ تويتر أثبت أنه جهاز تنصُّت جيد، ليس فقط للقبض على المعارضين ومعاقبتهم، بل لمعرفة من يمتدح النظام كذلك، حتى يمكن مكافأته.