كرست مقابلة ولي العهد محمد بن سلمان مع مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية الصورة السيئة عن شخصيته وأنه مضطرب نفسيا ويعاني من هوس العظمة.
وأبرزت وسائل الإعلام الدولية أن الأسئلة الصعبة خلال المقابلة أربكت محمد بن سلمان وكان يتصرف بشكل غريب.
ونشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، بعضاً من الكواليس التي عاشها محرر مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، الصحفي غرايمي وود ورئيس تحرير المجلة غيفري غولدبيرغ، في أثناء إجرائهما الحوار مع محمد بن سلمان.
قال بن سلمان في الحوار، إن أمريكا ليس لها الحق في التدخل بشؤون الرياض الداخلية، مشيراً إلى أن حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي كانت “خطأً فادحاً”، ولكنه عاد ليؤكد أنه ليس مسؤولاً عنها بشكل شخصي، وهي التهمة التي توجهها إليه دوائر استخباراتية في واشنطن.
وادعى بن سلمان أن هيئة البيعة السعودية اختارته لحماية المصالح الخاصة بالملكية، مشيراً إلى أن “تغيير هذا الأمر يعتبر خيانة لأفراد عائلة آل سعود، وكذلك خيانة للقبائل والمراكز والهجَر وانقلاباً عليهم”، كما قال.
الحوار وحسبما نقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، تمَّ مع ولي العهد “بعد منتصف الليل”، بحسب ما كشفه وود عن الكواليس، قائلاً: “لقد سافرت إلى المملكة العربية السعودية على مدار السنوات الثلاث الماضية، محاولاً أن أفهم ما إذا كان ولي العهد قاتلاً أم مصلحاً أم كليهما، وإذا كان الاثنين، فهل يمكن أن يكون أحدهما دون الآخر”.
وود، المحرر في مجلة “ذا أتلانتيك”، قال كذلك للشبكة الأمريكية: “لمدة عامين تقريباً، اختبأ محمد بن سلمان عن المشهد العام، كما لو كان يأمل نسيان مقتل خاشقجي. لم يحدث ذلك. لكن ولي العهد لا يزال يريد إقناع العالم بأنه ينقذ بلاده، ولا يتخذها رهينة، وهذا هو السبب في أنه التقى مرتين في الأشهر الأخيرة معي ومع رئيس تحرير هذه المجلة، جيفري غولدبيرغ”.
كذلك، قال المحرر: “في اجتماعاتنا، كان ولي العهد ودوداً وغير رسمي. ولكن النُّظم الملكية المطلقة لا يمكنها الهروب من الغرابة”.
أوضح وود: “في لقائنا الأول، استدعانا محمد بن سلمان إلى قصر على البحر الأحمر، وهو ملجأ عائلته من فيروس كورونا. كانت البروتوكولات متعددة الطبقات: سلسلة من اختبارات PCR بواسطة ممرضات من العيادات الملكية”.
وتابع “نقلتنا طائرة خاصة في منتصف الليل من الرياض، موكب من مدرج طائرات بالصحراء، تسليم الأجهزة الإلكترونية، توقُّف في دار ضيافة غامضة مرئية في صور الأقمار الصناعية ولكن بدون علامات على خرائط Google. دعانا إلى قصره نحو الساعة الـ1:30 صباحاً، وتحدثنا لمدة ساعتين تقريباً”.
يشير المحرر الأمريكي إلى أنه أجرى مقابلتين مع ولي العهد في الأيام الأخيرة، وقال: “بالنسبة للقاء الثاني، في قصره بالرياض، طُلب منا أن نكون مستعدين بحلول الساعة الـ10 صباحاً، لكنه بدأ أيضاً بعد منتصف الليل. القاعات كانت نشطة”.
قال كذلك إن “وليَّ العهد كان قد عاد لتوَّه بعد ما يقرب من عامين من العمل عن بعد، وفرش مساعدوه والوزراء السجاد الأحمر؛ سعياً لعقد اجتماعات، هي الأولى منذ شهور، مع رئيسهم. تراكمت طرود ووثائق على المكاتب والطاولات في مكتبه، الذي كان كبيراً ولكن ليس مترفاً”.
وأضاف كان التنازل الأكثر وضوحاً للذوق الرفيع هو تلسكوب قديم الطراز مثبَّت على حامل ثلاثي القوائم، حيث تم ضبط ارتفاعه بشكل ضحل لا يبدو أنه موجَّه نحو السماء بل إلى الرياض، العاصمة المترامية الأطراف التي حكمت منها أسرة آل سعود، معظم القرون الثلاثة الماضية.
يستطرد المحرر الأمريكي في كشف كواليس اللقاءين، فيقول: “في بداية كلٍّ من المقابلتين، قال محمد بن سلمان إنه حزين لأن الوباء منعنا من العناق. اعتذر عن اضطرارنا جميعاً إلى ارتداء الكمامات. حضر كل لقاء، العديد من الأمراء الصامتين، يرتدون أردية وكمامات بيضاء متطابقة، مما يتركنا غير متأكدين، حتى يومنا هذا، من كان حاضراً بالضبط”.
أضاف وود: “ظهر ولي العهد في المقابلة تاركاً زِرَّ ردائه عند الرقبة مفتوحاً بأسلوب غير رسمي (كاجوال)، يفضله الشباب السعوديون. وقدَّم إجابات باضطراب، عن أسئلة حول عاداته الشخصية. يحاول الحد من استخدامه تويتر. يتناول الإفطار كل يوم مع أطفاله. من أجل المتعة، يشاهد التلفاز”.
كذلك، قال الصحفي الأمريكي إنَّ ولي العهد السعودي “يتجنب مسلسلات، مثل House of Cards، التي تُذكِّره بالعمل. بدلاً من ذلك، يفضِّل مشاهدة المسلسلات التي تساعده على الهروب من واقع وظيفته، مثل Game of Thrones”.
المحرر الأمريكي قال أيضاً: “خلال لقائنا في الرياض، سأل رئيس التحرير، محمد بن سلمان عما إذا كان قادراً على التعامل مع النقد، فقال ولي العهد: شكراً جزيلاً لك على هذا السؤال، لو لم أكن قادراً، لَما كنت أجلس معك اليوم للاستماع إلى هذا السؤال. وردَّ جيفري: سأكون في فندق ريتز كارلتون. فقال ولي العهد: حسناً، على الأقل إنه فندق خمس نجوم”.
في السياق ذاته كشف المحرر الأمريكي أن “الأسئلة الصعبة تسببت في تحرك ولي العهد بسرعة، وكان صوته يهتز بتردد أعلى. في كل دقيقة أو دقيقتين، كان يقوم بتشنج حركي معقد: إمالة سريعة للرأس للخلف، يتبعها بلع، مثل بجعة تبتلع سمكة، وقد اشتكى من أنه تعرض للظلم، وأظهر شعوراً بعقلية الضحية وبهوس العظمة بمستوى غير عادي حتى بمعايير حكام الشرق الأوسط”.