في محاولة للحد من التداعيات الاقتصادية المتدهورة داخل المملكة، جراء أزمة حرب النفط وأزمة فيروس كورونا، أعلن البنك الأهلي التجاري السعودي أنه سيستحوذ على مجموعة “سامبا” المالية في إطار صفقة اندماج تقدّر بنحو 15 مليار دولار من شأنها أن تنشئ أكبر مصرف في المملكة.
وتسلّط الصفقة الضوء على توجّه لدى مؤسسات الإقراض المالي في السعودية لتعزيز القطاع في وقت تحاول المملكة تخطي تداعيات أزمتي التباطؤ الاقتصادي جراء فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط.
وجاء في بيان مشترك للبنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا أن المؤسستين وقّعتا “اتفاقية اندماج ملزمة”.
وإذا وافق المساهمون على الصفقة سيؤدي الاندماج إلى إنشاء أكبر مصرف في السعودية.
وتقدّر قيمة الصفقة بنحو 55,7 مليار ريال (14,9 مليار دولار)، بحسب البيان.
وأوضح البيان أن الاندماج “سيؤدي إلى تكوين مصرف عبارة عن منشأة مالية إقليمية قوية بقيمة أصول تبلغ 837 مليار ريال سعودي تعادل 223 مليار دولار أميركي، مما سيضع البنك الدامج في مركز متميز قادر على تعزيز مساهمته في التحول الإيجابي للقطاع المصرفي في المملكة والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030”.
وقال رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي، سعيد بن محمد الغامدي “تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا تاريخيًا من خلال رؤية المملكة 2030”.
وتابع الغامدي “طموحنا هو تأسيس كيان مالي وطني رائد يدعم تحقيق التحول الذي تهدف إليه رؤية المملكة 2030 ويكون باكورة الابتكار لخدمات مصرف متقدمة ونواة لبناء قادة المستقبل في القطاع المصرفي”.
وأضاف البيان أن الكيان الجديد سيكون “محفزا لتحقيق العديد من أهداف رؤية المملكة 2030”.
وتسعى السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى خفض إنفاقها بأكثر من سبعة بالمئة العام المقبل مع توقّع ارتفاع عجز الموازنة إلى 12 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في العام 2020.
في موازاة ذلك، تمنح الحكومة عقودا بمليارات الدولارات لإنشاء مشاريع كبرى، بما فيها مشروع مدينة “نيوم” المستقبلية في شمال غرب المملكة، والذي تقدّر قيمته بـ500 مليار دولار.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد توقّعت، الشهر الماضي، أن تشهد السعودية ومنطقة الخليج “موجة صفقات اندماج واستحواذ” بسبب تراجع أسعار النفط وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمنافسة الشرسة بين المصارف.
وأظهرت بيانات رسمية مؤخرا أن الاقتصاد السعودي انكمش 7% في الربع الثاني، في مؤشر على مدى عمق تداعيات أزمة النفط التي تسبب بها ولي العهد محمد بن سلمان، وفيروس كورونا.
وقالت الهيئة العامة للإحصاء إن الانخفاض في معدل نمو القطاع الخاص بلغ 10.1% والقطاع الحكومي 3.5%.
وفي الربع الأول سجل اقتصاد السعودية انكماشا بنسبة 1% نتيجة التأثير الجزئي لانهيار أسعار النفط والجائحة، والذي تفاقم في مارس/آذار الماضي.
وكان القطاع غير النفطي -وهو محور الإصلاحات السعودية الرامية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن إيرادات النفط- الأكثر تضررا في الربع الثاني، حيث انكمش 8.2%، في حين تراجع القطاع النفطي 5.3% بحسب ما قالته هيئة الإحصاء.
وكان فائض ميزان تجارة السعودية الخارجية (النفطية وغير النفطية) قد هبط بنسبة 65.1% على أساس سنوي حتى يوليو/تموز 2020.
وبلغ فائض الميزان التجاري 23.25 مليار دولار خلال أول 7 أشهر من العام الجاري، وكان فائض الميزان التجاري للسعودية بلغ خلال الفترة المناظرة من 2019 نحو 66.7 مليار دولار.
وانخفضت قيمة الصادرات السلعية (النفطية وغير النفطية) بنسبة 37.4% لتلبغ 97.63 مليار دولار، كما هبطت الواردات 16.7% لتصل إلى 74.37 مليار دولار.
وهبطت قيمة الصادرات النفطية للسعودية -أكبر مصدّر للنفط في العالم- خلال الفترة المذكورة بنسبة 42.8% لتصل إلى نحو 69 مليار دولار.
وتضررت أسعار النفط بشكل كبير خلال العام الحالي نتيجة لتداعيات تفشي فيروس كورونا على الطلب العالمي على الخام الذي يعد مصدر الدخل الرئيس للسعودية.
وكان الفائض التجاري السلعي (النفطي وغير النفطي) للسعودية قد هبط بنسبة 25.7% خلال عام 2019 إلى 117.2 مليار دولار، مقابل 157.8 مليار دولار في 2018.
ونظرا لانخفاض أسعار النفط خفضت المملكة إنتاجها من نحو 10 ملايين برميل يوميا إلى 8.5 ملايين برميل يوميا، التزاما باتفاق تحالف “أوبك بلس” منذ مطلع مايو/أيار الماضي، وبالتالي تراجعت كمية التصدير.
وحسب أرقام المبادرة المشتركة للبيانات النفطية “جودي”، بلغت صادرات السعودية من النفط الخام 5.73 ملايين برميل يوميا في يوليو/تموز الماضي، والإنتاج نحو 8.5 ملايين برميل يوميا.
وتأتي السعودية ثالثة في حجم الإنتاج بعد كل من روسيا والولايات المتحدة.