مضت 4 شهور على اختفاء محمد بن سلمان ولي العهد عن الديوان الملكي في العاصمة الرياض، وتحديدا منذ بدء تفشي فيروس كورونا داخل المملكة مطلع مارس/ آذار الماضي.
ولم يظهر بن سلمان الملقب بـ”MPS” سوى مرة واحدة عبر تقنية الاتصال المرئي أثناء تهنئة القوات المسلحة بعيد الفطر السعيد.
وأدخل الفيروس التاجي المملكة بانهيار اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، ولأول مرة في تاريخها، وسط اختفاء لدور آل سعود بإدارة أزمة بلادهم.
وبلغ عدد إصابات فيروس كورونا داخل المملكة (182493) حالة، من بينها (56187) حالة نشطة لاتزال تتلقى الرعاية الطبية، و(2277) حالة حرجة، فيما بلغ عدد الوفيات 1551 حالة.
وتوفى أمير سعودي بجائحة فيروس كورونا وسط تكتم من نظام آل سعود على ذلك.
وأعلن الديوان الملكي عن وفاة الأمير سعود بن عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ولم تذكر الوكالة أسباب الوفاة التي جرى التكتم عليها، فيما كشفت مصادر خاصة لـ “ويكليكس السعودية” أن الأمير سعود توفى متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.
وسبق أن كشفت تقارير أمريكية عن إصابة عشرات الأمراء بفيروس كورونا، في وقت تتصاعد فيه انعدام الشفافية في المملكة بشأن حدة تطور تفشي الفيروس وما يشكله من مخاطر.
والمملكة التي نالت الجائحة العالمية منها نصيبا وافرا، وأعلنت السلطات حالة الطوارئ والإغلاق في المرافق الحكومية والدينية والعامة والمحافظات، وألحقت أضرار وخسائر مادية غير مسبوقة، دفعت الحاكم الفعلي في المملكة للاختفاء عن الأنظار.
وهروبا من الفيروس، وجحيم الكارثة الاقتصادية، توارى “MPS”، عن الأنظار ووسائل الإعلام، ولم يظهر للعلن ولم يتحدث بكلمة عن أزمات المملكة وإجراءاتها المؤلمة.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية النقاب عن عزل “بن سلمان” نفسه منذ شهرين في إحدى القصور المطلة على البحر الأحمر خشية الإصابة بفيروس كورونا.
وتشهد المملكة فراغا قياديا غير مسبوقا، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ عقود، فيما تسود حالة من الاستياء الشعبي إزاء مضاعفة الضرائب الحكومية ورفع العلاوات المالية.
وقالت صحيفة “ناشيونال بوست” الكندية: إن إخفاقات بن سلمان المتكررة جعلته أسوأ زعيم في العالم.
ورأت أن الأزمات التي يمر بها العالم اليوم، هي أحسن طريقة لتقييم القيادة، ففيها يبرز البعض ويختفي آخرون، فيما يظهر بعضهم كارثة كاملة.
وقالت إنه يجب منح محمد بن سلمان نظرة جدية. فمنذ خمسة أعوام وعندما بدأ والده سلمان بمنحه المنصب بعد الآخر، راكم الأمير سجلا من الفشل والجرائم الصريحة، وكان توقيته لكل واحدة منها سيئا مثل حكمه عليها.
وتولى الابن في 18 مايو/ أيار 2017م، ولاية العهد، والآن أتم ثلاثة أعوام في ولاية العهد.
وخلصت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إلى أن أحلام المملكة الكبيرة وعيشها الرغيد، يصطدم بجدار وباء الفيروس التاجي وتراجع أسعار النفط ما سحب السجادة من تحت خطط التطوير التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان وكبح جماح الحكومة.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أن يهدد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ولي العهد ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد ثلاثية أولى من السنة وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار.
لكن منذ صعوده كوزيرا للدفاع، وانتهاء بتركيز المناصب الكبرى في المملكة تحت سلطته وإعلانه وليا للعهد بدأ الحاكم الجديد باعتقال الأمراء ورجال الأعمال بمن فيهم أقاربه واحتجزهم في فندق “ريتز كارلتون” بالرياض، 2017م، تحت ذريعة مكافحة الفساد.
وأعلن “بن سلمان” لاحقا رؤيته للملكة (2030)، والتي تواجه صعوبات وتحديات جسيمة، فمدينة “نيوم” وحدها تحتاج 500 مليار دولار، ومن المقرّر أن تقام في شمال غرب البلاد لتطلّ على البحر الأحمر، وستضم سيارات تاكسي طائرة ورجالاً آليين، بحسب السلطات السعودية.
كما احتجت قبيلة الحويطات السعودية على مشروع مدينة “نيوم” الضخم الذي سيقام على أراضيهم، وأعلنوا رفضهم للعروض المالية التي تقدمها السلطات إليهم، مؤكدين تمسكهم بأرض أجدادهم.
ويتوقع خبراء ألمانيون، انهيار، “رؤية 2030″، ومن هذه الأسباب: فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
وفي أكتوبر/ تشرين أول 2018م، هزت جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل سفارة بلاده بمدينة إسطنبول التركية، الرأي الدولي، ورجحت تقارير صادرة عن المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) أن قتل خاشقجي جاء بأوامر من بن سلمان.
وتزامن اغتيال خاشقجي مع حروب ضروس في اليمن، تقودها المملكة والإمارات، ولم تسفر سوى عن أكبر كارثة إنسانية في العالم، وإتمام صفقات عسكرية – أميركية بالمليارات.
وتقدر تكلفة حرب اليمن وحدها على السعودية بحوالي 100 مليار دولار، مما أدى إلى نزيف مالي للمملكة بمعدل 5-6 مليارات دولار شهريًا.
ويقدر إجمالي تكلفة الصراع أكثر من 200 مليار دولار.
ومنذ مطلع عام 2020 يواجه الاقتصاد السعودي أزمة مزدوجة تتمثل في تفشي فيروس كورونا بالتزامن مع هبوط حاد في أسعار النفط.
ودفعت الأزمة الاقتصادية وزارة المالية السعودية إلى الإعلان عن تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، علاوة عن قرار إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
وبالأرقام، استنزف البنك المركزي السعودي في مارس/آذار الماضي صافي أصوله الأجنبية بمعدل لم يحدث منذ عام 2000.
ففي هذا الشهر وحده، انخفض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية بما يفوق 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار)، أي ما يعادل 5% مقارنة بشهر فبراير/شباط.
وخالفت الأسهم السعودية الاتجاه الصعودي لمعظم بورصات الخليج خلال جلسة تداول، مؤخرا، بعدما كشفت مصادر عن أن شركة (أرامكو) السعودية على وشك إتمام قرض بقيمة عشرة مليارات دولار.
وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عام 2020، قضي عليها بفعل الانفجار المفاجئ لفيروس كورونا.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
وفي مجال حقوق الإنسان، لا زالت المملكة تعتقل عشرات المعتقلين السياسيين في سجونها، دون محاكمات عادلة.
وأقدمت الأجهزة الأمنية خلال مارس/ آذار المنصرم، على اعتقال 674 موظف دولة، وأمرت باحتجاز 298 منهم بسبب ما قالت إنها تهم فساد مالي وإداري.
وفي الشهر ذاته، اعتقلت ذات الأجهزة ثلاثة أمراء كبار منهم الأمير الأمير فيصل بن عبد الله والأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، إلى جانب ولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي عزله الملك سلمان ومحمد بن سلمان في حزيران/يونيو 2017، وبعد ذلك وُضِع تحت الإقامة الجبرية الطويلة، و ومحمد بن نايف بن عبد العزيز
وطالما دعا قادة حول العالم الرياض لإطلاق معتقلي الرأي وناشطات حقوق الإنسان، إلا أن دعوات كهذه دائما ترد عليها المملكة بنفي “مزاعم” التعذيب وعدم وجود سجون سرية والإشادة بالقضاء السعودي ونزاهته.
وتكشف المملكة بانتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان عن الوجه الحقيقي للنظام الحاكم فيها الذي يلاحق من يعبر عن آرائه ومواقفه المخالفة بل حتى الصامتين.