عمدت جماعة أنصار الله “الحوثيين” في اليمن إلى استغلال الاعتقال التعسفي لعشرات الفلسطينيين في سجون نظام آل سعود من أجل تحسين صورتها عبر عرض مبادلتهم بجنود سعوديين أسرى لديها.
وشكل عرض الحوثي إحراجا جديدا لنظام آل سعود وعري أكثر حدة مؤامراته ضد القضية الفلسطينية عبر فضح دورها التأمري وحقيقة موقعه من القضية الأولى للعرب والمسلمين.
وصرح عبد الملك الحوثي زعيم جماعة “أنصار الله” بأن الجماعة على استعداد لإطلاق سراح خمسة أسرى سعوديين، مقابل إفراج المملكة عن معتقلين فلسطينيين لديها يتبعون لحركة “حماس”.
وقال الحوثي في خطاب له الخميس “نعلن استعدادنا الإفراج عن أحد الطيارين السعوديين وأربعة من ضباط وجنود النظام السعودي، مقابل الإفراج عن المعتقلين المظلومين من أعضاء حركة حماس في السعودية”.
وأضاف: “نؤكد جاهزيتنا التامة لإنجاز عملية تبادل الأسرى التي دأب العدوان (تحالف آل سعود) على التنصل منها”.
والسعوديون هم عسكريون وقعوا في الأسر لدى جماعة الحوثي، في أوقات سابقة، فيما لا يعرف إجمالي عدد الأسرى السعوديين لدى الجماعة.
ولم يصدر على الفور تعليق من قبل الجانب السعودي حول العرض، فيما أعربت حركة “حماس” عن شكرها لمبادرة الحوثي، وجددت دعوتها للرياض للإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين لديها.
وكانت “حماس” قد أعلنت في أوقات سابقة، أن الرياض تحاكم عددًا من أعضائها، بدعوى “الانتماء لتنظيم إرهابي، وجمع الأموال”.
وبدلا من المبادرة إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المعتقلين بشكل تعسفي دون تهمة، فإن آل سعود أطلقوا ذبابهم الالكتروني للتحريض على حماس والمقاومة الفلسطينية عقب عرض الحوثي.
من جهته صرح عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي أن مبادرتهم بمبادلة أسرى سعوديين مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في المملكة “تأتي في سياق طبيعي لأن فلسطين هي قضية الشعب اليمني الأولى، وأن قرار الاعتقال جاء بأمر أميركي”.
وأضاف البخيتي أن الحوثيين لن يعولوا على “صحوة ضمير” ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لذلك اختاروا طريق الضغط من خلال هذه المبادرة.
في المقابل اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني صالح النعامي مبادرة الحوثيين توظيفا للقضية الفلسطينية حتى “يسجل نقاطا” في مرمى نظام آل سعود.
وشدد النعامي على أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا ليس لماذا وظف الحوثيون القضية؟ بل لماذا يعتقل محمد بن سلمان قيادات لحركة حماس بالسعودية وهي الحركة التي تعتبر العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية وفي مواجهة مفتوحة ضد الاحتلال الإسرائيلي؟
وذكّر النعيمي أنه لم يسبق لحركة حماس أن استهدفت المملكة ولا أي دولة عربية، وأن وجود هذه القيادات بالمملكة جاء بطلب سعودي، واتهم محمد بن سلمان بمحاولة استرضاء إدارة ترامب عبر بناء شراكات إستراتيجية مع إسرائيل.
ويبرز مراقبون أن الحوثيين لن يكونوا في يوم من الأيام مناصرين للقضية الفلسطينية، فهم أغلقوا مكاتب حركة حماس في العاصمة صنعاء، واستولوا على الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية، واعتقلوا موظفيها.
ومبادرة الحوثي مجرد خطوة تحمل أبعادا سياسية ودعائية مفضوحة لإيهام اليمنيين أنهم يدعمون القضية الفلسطينية، للحصول على مكاسب توظف للدفع بمزيد من المقاتلين إلى الجبهات بحجة مقاتلة من يسميهم بالعدوان المدعوم أمريكيا وإسرائيليا (تحالف آل سعود)”.
وفي 9 سبتمبر/ أيلول 2019، أعلنت “حماس” اعتقال السعودية للفلسطيني محمد الخضري ونجله، وقالت إنه كان مسؤولا عن إدارة “العلاقة مع المملكة على مدى عقدين من الزمان، كما تقلّد مواقع قيادية عليا في الحركة”.
وأضافت أن اعتقاله يأتي “ضمن حملة طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية”، دون مزيد من الإيضاحات.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، في بيان أصدره يوم 6 سبتمبر/ أيلول 2019، إن المملكة تخفي قسريا 60 فلسطينيا؛ من بينهم الخضري ونجله.
ولم يصدر نظام آل سعود منذ بدء الحديث عن قضية المعتقلين الفلسطينيين في المملكة، أي تعقيب أو إيضاحات.