حذرت مؤسسات حقوقية دولية تحذر من مساعي نظام آل سعود غسل انتهاكاته لحقوق الإنسان باستضافة أحداث رياضة عالمية.
ودعا معهد باريس الفرانكفوني للحريات إلى الحذر في التغطية الإعلامية لاستثمارات المملكة في مجال الرياضة لما قد يثيره ذلك من شبهات تورط بمحاولة التغطية على انتقادات حالة حقوق الإنسان لديها.
وقال المعهد الحقوقي في بيان “يوجد تحفظات ومخاوف عالية بشأن استهداف القيادة السعودية حرف الأنظار عن تضرر صورة المملكة إلى حد كبير في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر 2018، وبعد التدخل العسكري المثير للجدل في اليمن منذ عام 2015، وكذلك انتهاكات حقوق الانسان خصوصاَ تجاه المعارضين”.
وأضاف “بهذا الصدد نؤيد الدعوة التي وجهتها منظمة “مراسلون بلا حدود” للصحفيين والمنظمين والمشاركين في “رالي دكار” الدولي المقرر الأحد في جدة السعودية، إلى أن لا يتحولوا إلى ممثلين في آلة “دعاية مقصودة”.
وحثت مراسلون بلا حدود” المشاركين والمنظمين والصحافيين على “عدم السماح لنظام آل سعود باستغلال حضورهم في آلة دعايته، ولا يجب على أولئك أن ينسوا، أو يساعدوا على أن ينسى غيرهم الطبيعة المرعبة لنظام يقوم على القمع السياسي والاجتماعي والثقافي والتحكُّم بالإعلام وسجن الصحافيين وغيرها من الإساءات.
وستستضيف المملكة غدا النسخة الأولى من رالي دكار الصحراوي في السعودية في كانون الثاني/يناير، كأحدث فعالية دولية بعد أن ضاعفت الرياض من استثماراتها في مجال الرياضة وفي الأشهر الأخيرة، واستضافت العديد من الأحداث والمباريات الرياضية المختلفة.
كما ستستضيف المملكة مسابقة الكأس السوبر الإسبانية في الأعوام الثلاثة المقبلة بدءا من كانون الثاني/يناير بعد سلسلة أحداث إن كان في كرة القدم أو المضرب والفورمولا إي المخصصة للسيارات الكهربائية مئة بالمئة، وبطولة العالم للفورمولا واحد للزوارق السريعة والملاكمة.
وأعاد معهد باريس الفرانكفوني للحريات التذكير بأن المملكة تتعرض لانتقادات دورية بسبب سلوكها في مجال حقوق الانسان وخصوصا المحاكمات الجارية بحق 11 ناشطة حقوقية واستمرار اعتقالات غير قانونية للمئات.
في هذا العام تم تنفيذ حكم الإعدام ضد 187 سجينا على الأقل، وهو أعلى عدد للإعدامات منذ 20 عاما، وهكذا أرقام من الانتهاكات وبعد تبرئة المسئولين الكبار في قضية قتل خاشقجي لا يجب السماح بغسلها بالرياضة لتقديم صورة مختلفة عن عمد.
وشدد على أن التعاطي الإعلامي مع هذه الأحداث الرياضية لا يجب أن يغفل القيود الشديدة التي ترافق انعقاد الأحداث واعتقال المعترضين على بعضها لاعتبارات دينية أو أخلاقية، فضلا عن تكرار فضائح رقابة السلطات على تويتر.
من جهتها قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وجمعية “منَا لحقوق الإنسان”، و11 منظمة حقوقية دولية أخرى، إن على ” أموري سبورت أورغانيزايشن” (أموري سبورت) استخدام قرارها بنقل “رالي داكار” إلى المملكة، إلى فرصة للتنديد باضطهاد المدافعين عن حقوق المرأة في البلاد.
وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات الدولية في هيومن ريتس ووتش: “على أموري سبورت والسائقين في رالي داكار التحدث عن سوء معاملة الحكومة السعودية لناشطات حقوق المرأة بسبب دفاعهن عن الحق في القيادة. ينبغي ألا ينبهر المشجعون، وجهات البث، والفرق المتسابقة بمجريات السباق، بينما تُساهم هذه المنافسة في تبييض صفحة احتجاز السعودية للمنتقدين السلميين”.
ورالي داكار هو سباق تَحَمّل على الطرق الوعرة، تُنظمه شركة أموري سبورت الفرنسية سنويا. في إبريل/نيسان، أعلنت الشركة أن رالي 2020 سيُقام في السعودية في إطار شراكة لمدة 5 سنوات مع حكومة البلاد.
وقالت المنظمات إن الرعاة وجهات البث والرياضيين يتأثرون بخيارات المنظمات الرياضية بتنظيم الأحداث الكبرى في بلدان تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. عبر الموافقة على علاقة لمدة خمس سنوات مع السعودية، يتعيّن على أموري سبورت أيضا تبني وتنفيذ سياسة حقوقية من شأنها تحديد المخاطر، والاستفادة من نفوذها لتعزيز احترام الحقوق في السعودية وفي جميع أنشطتها.
وتبنّى “الاتحاد الدولي لكرة القدم”(الفيفا)، وهي المنظمة العالمية لكرة القدم، ومنظمات رياضية كبرى أخرى سياسات مماثلة بما يتماشى مع “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”.
ووفقاً للمنظمات الحقوقية، فإن المملكة خلقت أيضا واحدة من أكثر البيئات عداء للمدافعين الحقوقيين في السنوات الأخيرة، واعتقلت تعسفيا العشرات منهم. من بينهم لُجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ونوف عبد العزيز، اللواتي دافَعْن عن حق المرأة في قيادة السيارات وإنهاء نظام ولاية الرجل التمييزي.
ودعت هيومن رايتس ووتش، ومنا لحقوق الإنسان، وجماعات أخرى مختلفة، منظمي رالي دكار، والمتنافسين، وجهات البث الرسمية للضغط على السلطات السعودية للإفراج الفوري عن جميع المدافعات السعوديات عن حقوق المرأة، وإسقاط التهم ضدهن.
وقالت “يتعيّن على أموري الرياضية التواصل مع المدافعين الحقوقيين وتبني سياسة حقوقية لضمان أن عملياتها لا تساهم في انتهاكات الحقوق”.
وحدّدت “المبادئ التوجيهية للمؤسسات المتعددة الجنسيات” الصادرة عن “منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي” واجبات الشركات لمنع أو تخفيف الآثار الحقوقية السلبية الناجمة عن العمليات التجارية. تنص مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان على أن مؤسسات الأعمال تتحمل مسؤولية “أن تتجنب التسبب في الآثار الضارة بحقوق الإنسان أو المساهمة فيها”، و “أن تعالج هذه الآثار عند وقوعها”، و “أن تسعى إلى منعها”.