عرضت السلطات السعودية تعويضا ماليا قياسيا يتجاوز مبلغ أربعة مليارات دولار على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لوقف تهريب المخدرات بحسب ما كشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء.
وأعادت الدول العربية نظام الأسد إلى الجامعة العربية بعد إبعاده عنها لفترة طويلة، وتريد منه كبح تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا مقابل توطيد العلاقات، فيما لدمشق مطالبها الخاصة، لكن المضي قدما لن يكون سهلا في ما يبدو.
وبحسب الوكالة طلب القادة العرب شيئا في مقابل إعادة اندماج نظام الأسد، لا سيما وقف إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون الذي يقول الغرب والدول العربية إنه يتم تصديره من سوريا إلى جميع أنحاء المنطقة.
وإلى جانب عودة ملايين اللاجئين الذين فروا من سوريا، أصبحت تجارة الكبتاغون مصدر قلق كبير للزعماء العرب، يساوي قلقهم من ترسيخ إيران لقدمها في الدولة العربية.
وتنفي دمشق تورطها في أي دور في هذه التجارة التي واجه مسؤولون سوريون وأقارب للأسد عقوبات غربية بسببها، وتسعى لاستخدام هذه القضية كورقة ضغط.
وفي اجتماع عقد في أول مايو، قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، لنظرائه العرب، إن التقدم في كبح تجارة الكبتاغون يعتمد على الضغط العربي على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، بحسب ثلاثة مصادر مطلعة على الاجتماع.
وربط عودة اللاجئين بالحصول على التمويل لإعادة إعمار سوريا التي فر منها أكثر من خمسة ملايين إلى الدول المجاورة خلال الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.
وقال أحد المصادر لوريترز إن الاجتماع في الأردن كان “محتدما إلى حد بعيد” وإن الوزراء العرب شعروا بالانزعاج بسبب لهجة المقداد”.
أصدر الاجتماع الذي حضره وزراء من مصر والعراق والسعودية والأردن بيانا وافقت فيه سوريا على المساعدة في منع تهريب المخدرات والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد هويات منتجيها وناقليها.
وفي ما يبرز القلق العربي الشديد إزاء هذه القضية، قالت مصادر محلية ومخابراتية إن الأردن نفذ ضربات جوية في سوريا، الاثنين، أسفرت عن مقتل مهرب مخدرات سوري، وأصابت مصنعا مرتبطا بجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
ونفى حزب الله، الذي نشر مقاتلين في سوريا لدعم جهود الأسد الحربية، ضلوعه بأي دور في تجارة المخدرات. ودمرت الحرب الاقتصاد السوري والبنية التحتية والمدن والمصانع.
ولطالما كان الكبتاغون جزءا مربحا من اقتصاد الحرب في سوريا، وتقدر قيمته بمليارات الدولارات سنويا.
وأكد مسؤول أردني كبير أن بلاده أبلغت سوريا بأنها تعد المخدرات تهديدا لأمنها القومي.
وقال المسؤول إن “الضغط على الحدود هائل وهذه ليست عصابات”، ويعتقد أنها جماعات تحظى بدعم من إيران وتتحصن داخل الدولة.
وقال مصدر إقليمي مقرب من دمشق ومصدر سوري مقرب من الخليج على دراية بالاتصالات إن السعودية، وهي سوق كبير للكبتاغون، اقترحت تعويض سوريا عن خسارة التجارة في حال توقفها.
وذكر المصدر الإقليمي إن السعودية عرضت أربعة مليارات دولار، بناء على تقديرات الرياض لقيمة التجارة.
وقال المسؤول إن المملكة لم تعرض تقديم أربعة مليارات دولار لسوريا.
وقال دبلوماسي عربي خليجي في المنطقة إنه يتعين على سوريا التوقف عن تصدير المخدرات، وإن دمشق تعلم أن الخليج مستعد للاستثمار إذا كانت هناك مؤشرات على حدوث هذا.
فيما قال مصدران غربيان مطلعان على اتصالات عربية مع سوريا إن التعويض ضروري لإبعاد الوحدات المسلحة المرتبطة بالدولة عن تجارة الكبتاغون.
وفرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على دمشق في الأسابيع القليلة الماضية بسبب الكبتاغون.
ويتهمون تحديدا ماهر الأسد، شقيق بشار ورئيس الفرقة الرابعة في الجيش، بتيسير إنتاج الكبتاغون والاتجار به.
وقالت الولايات المتحدة إنها لن تستأنف العلاقات مع الأسد وستظل عقوباتها سارية.
والشهر الماضي، تحدثت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، باربرا ليف، للصحفيين عن تحرك شركاء واشنطن الإقليميين لكسر الجليد مع الأسد وحثتهم على الحصول على شيء في المقابل.
وقالت “أود أن أضع إنهاء تجارة الكبتاغون في المقدمة مع القضايا الأخرى”.
ومن جانبه قال مهند الحاج علي، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن حاجة الأسد الماسة للمساعدات الخارجية ستحدد شكل التعاون في قضيتي اللاجئين والكبتاغون.
لكنه حذر من أن قدرة النظام على الإنجاز محدودة مثل سيادته التي يتم تقاسمها الآن بين عدد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك روسيا وإيران والجماعات المسلحة شبه العسكرية المحلية.