لا يعدو مشروع مدينة نيوم الذي يروج له ولي العهد محمد بن سلمان ضمن رؤيته الاقتصادية المزعومة 2030 سوى دعاية سياسية لكسب شرعية واهية.
وقالت صحيفة follow the money إن مشروع نيوم لن يكتمل لأنه وجد للدعاية السياسية بشكل أساسي وصرف الانتباه عن قضايا حقوق الانسان في السعودية.
وذكرت الصحيفة أن مشروع نيوم طريقة لإضفاء الشرعية على النظام، في وقت يتسم المشروع بانتهاكات جسيمة بحق حقوق الإنسان.
وأبرزت أنه تم إجبار مجتمع قبيلة الحويطات على الرحيل بشكل قسري من منطقة نيوم وهي منطقة أقاموا فيها على مدى أجيال طويلة.
وحول الانتهاكات التي تعرضت لها قبيلة الحويطات قالت الصحيفة إن النظام السعودي قام باعتقال العديد من أفراد القبيلة بسبب رفضهم التهجير القسري.
كما قام النظام باعتقال عدد من أبناء الحويطات ووجه لهم تهم تتعلق بالإخلال بالنظام العام والتحريض على ارتكاب أعمال ارهابية تمس أمن البلاد وذلك بسبب انتقادهم التهجير القسري عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت الصحيفة إلى تعرض مواطنين من الحويطات إلى أحكام بالإعدام نتيجة لرفضهم التهجير القسري.
وفي معرض حديثها عن حقوق الانسان في السعودية قال الصحيفة إن السعودية تشتهر بعقوباتها القاسية ضد المواطنين الذين ينتقدون الحكومة علانية، ونقلت الصحيفة عن عدد من رؤساء الشركات التجارية انتقادهم للحالة الحقوقية في السعودية.
وقال بيتر بيردوفسكي الرئيس التنفيذي لشركة Boskalis “لا أعتقد أني سأكون قدوة للشباب إذا قلت لهم تعالوا للعمل في هذه الشركة في السعودية فنحن لا نهتم لحقوق الانسان”.
بدوره قال موقع “إس بي إس” الدولي إن مشروع مدينة نيوم الذي بادر إليه ولي العهد محمد بن سلمان شكل كارثة حقوقية إضافية في السعودية في ظل انتهاكات التهجير القسري واسعة النطاق.
وأشار الموقع في تقرير ترجمه “سعودي ليكس”، إلى أن نيوم التي ستعمل بموجب قانون تأسيسي خاص بها، يتم تسويقها باعتبارها ثورة حضارية تضع الإنسان في المقام الأول، وتغيير محوري وتاريخي في المملكة.
لكن في المقابل، يواجه المشروع تشكيكا واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، لا سيما فيما يخص تهجير سكان بمنطقة المشروع، وتعرض بعض المعترضين لأحكام الإعدام.
ويروج محمد بن سلمان إن “نيوم” ستكون قادرة على استيعاب 450 ألف شخص بحلول عام 2026 وتسعة ملايين بحلول عام 2045، لكن في الوقت ذاته، زعمت جماعات حقوقية تنفيذ السلطات عمليات تهجير قسرية لبعض أفراد قبيلة الحويطات، وأن عددًا من رجال القبائل المعارضين لعمليات الإخلاء قد قُتلوا.
وفي هذا الصدد، قال علي الشهابي، عضو المجلس الاستشاري للمشروع، في تصريحات سابقة، إنه سيتم تعويض أفراد القبيلة النازحين، مشيرا إلى أن الحكومة السعودية لديها تقليد للتعويض بسخاء”.
لكن وفقًا لـ”منظمة القسط لحقوق الإنسان” (غير حكومية)، التي تركز على الشؤون السعودية، فقد حُكم على ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات بالإعدام، العام الماضي؛ لمعارضتهم عمليات الإخلاء في عام 2020.
وبحسب المنظمة المذكورة، فإن الثلاثي – شادلي وإبراهيم وعطا الله الحويطي – اعتقلوا نتيجة “معارضتهم السلمية” لعمليات الإخلاء القسري وتهجير السكان من قبل مشروع نيوم الذي تقوده الدولة.
وأوضحت المنظمة أن قضية الثلاثي تنظرها المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، والتي تم إنشاؤها للتعامل مع قضايا الإرهاب، وقد اصدرت المحكمة في أكتوبر/تشرين الأول 2022 أحكامًا بالإعدام بحقّ الثلاثي.
وقال رئيس الفعاليات في منظمة القسط لحقوق الإنسان، عبدالله الجريوي، إن الأحكام الصادرة بحقّهم “صادمة”، مؤكدًا أنها “تظهر مرة أخرى استخفاف السلطات السعودية الصارخ بحقوق الإنسان، فها هي تستعد لاتخاذ إجراءات قاسية لمعاقبة أفراد قبيلة الحويطي على احتجاجهم ضد المشروع وما تسبب به من إخلاء قسري من منازلهم”.
وأضاف بن ريتش، المحاضر البارز في العلاقات الدولية والتاريخ بجامعة كيرتن، إن المحاكم السعودية موجودة لخلق “وهم الإجراءات القانونية الواجبة”، مضيفًا أن عدد الأشخاص الذين أعدموا في البلاد بالسنوات الأخيرة “ارتفع بشكل كبير”، وهكذا كان القمع السياسي.
وتابع: “لا يتعلق الأمر بقضية نيوم فحسب، بل هناك أنواع مختلفة من النشطاء السياسيين والأشخاص الذين تزعم الدولة أنهم إرهابيون”.
كما أعربت “هيومن رايتس ووتش” عن مخاوف بشأن استخدام التكنولوجيا الرقمية لمراقبة المقيمين المستقبليين في مشروع “ذا لاين”، إحدى المناطق الموجودة بمدينة نيوم.
وذكر الموقع أنه “تم اتهام السعودية في الماضي بمراقبة الهواتف المحمولة للمعارضين ببرمجيات المراقبة الخبيثة”.
ووفق ريتش، فإن الكثير من القمع المتزايد داخل المجتمع السعودي حدث بالتزامن مع صعود بن سلمان إلى السلطة.
وكان بدأ صعود بن سلمان في عام 2015 عندما عين وزيرا للدفاع في البلاد بعد أن أصبح والده ملكا.
وأجرى الملك سلمان تغييرات على الطريقة التي تعمل بها عملية الخلافة؛ مما سمح لابنه بالارتقاء عبر خط الخلافة ليصبح ولي العهد ونائب رئيس الوزراء.
في السنوات الأخيرة، تم تصوير محمد بن سلمان على أنه الحاكم الفعلي للبلاد. قال ريتش: “لطالما حكم السعوديون من خلال الاستبداد، لكن هذا ما يصفه العديد من خبراء المنطقة بأنه استبداد ناعم”.
وتابع: “ومع ذلك، في عام 2015، جاء محمد بن سلمان، وبدأ على الفور في اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي نوع من الرؤية السياسية التي لا تعارض بالضرورة رؤيته، ولكن مجرد صوت أو رؤية بديلة”.
وأثناء تنفيذ ذلك، قام بن سلمان بإجراء تغييرات داخل المجتمع مثل السماح للمرأة بقيادة السيارات وفتح دور السينما، وغيرها.
وقال ريتش: “لكن في الوقت نفسه، كان (بن سلمان) يفعل ذلك، بينما يحبس أيضًا النساء، والمعارضين السياسيين”.
وذكر أن “بن سلمان يحاول تصوير ما يقدمه للمملكة بأنه نوع من التحرر والانفتاح وتوفير درجات أكبر من الحرية للمواطنين، بينما يتم النظر في المقابل إلى أي شخص كان يدعو لهذا الانفتاح والتحرر قبل ذلك على أنه تهديد، ويتم اتخاذ إجراءات صارمة ضده”.