انخفضت أسعار النفط الخام بعد زيادة مفاجئة لمستوى المخزونات النفطية الأمريكية، التي عمقت حالة القلق من ضعف الطلب واستمرار وفرة المعروض النفطي في الأسواق، جراء الانتشار السريع لجائحة كورونا وإغلاق بعض الاقتصادات في العالم، وانخفاض استهلاك الوقود.
وتأثرت الأسعار نسبيا بإعلان “أوبك+” أن خطط تخفيف قيود خفض الإنتاج ستسير في مسارها الطبيعي، وفق الجدول الزمني المقرر مسبقا من بداية العام الجديد، وهو ما يقضي بإضافة مليوني برميل يوميا إلى المعروض العالمي.
ونقلت صحيفة “الاقتصادية” عن مختصين ومحللين نفطيين “إن المنتجين في “أوبك+” سيواصلون متابعة تطورات السوق من كثب، وتقييم البيانات في ضوء الاجتماع الوزاري الموسع في ديسمبر/كانون الأول المقبل، الذي ستكون له الكلمة النهائية بشأن وضع الإمدادات النفطية في العام المقبل”.
وأوضح المختصون أن أسعار النفط انخفضت بنسبة 36%، هذا العام منذ أن تسببت التداعيات لجائحة كورونا في تدمير الطلب على الوقود، وقد اضطرت شركات نفطية عديدة إلى تأجيل خططها لزيادة الإنتاج وضخ كميات أقل من النفط بعد أن اتفقت “أوبك+” بقيادة السعودية وروسيا في أبريل الماضي على تقليص نحو 10% من إمدادات النفط الخام في العالم.
وقال جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا “إن استمرار بناء المخزونات النفطية عاد ليضغط بقوة على السوق ويحول دون تعافي الأسعار ويزيد حالة عدم اليقين في ظل وهن الطلب وتسارع الإصابات الجديدة بالوباء”.
وأشار إلى أن العوامل الهبوطية تغلبت على مسار السوق بعد أن أكدت بيانات من معهد البترول الأمريكي زيادة مخزونات الخام الأمريكية علاوة على زيادة إنتاج النفط في ليبيا.
وتابع إن الانخفاضات هيمنت مجددا بعد فترة وجيزة من التفاؤل بشأن خطط الإغاثة المالية الأمريكية.
وأوضح أن تسارع بناء المخزونات فاجأ مراقبي السوق، حيث كان من المفترض أن تتحسن أساسيات السوق بعد سحب 5.4 مليون برميل من المخزونات النفطية الأمريكية في الأسبوع الماضي، لكن الوضع لجائحة كورونا ضغط بشدة على استهلاك الوقود مع عودة قيود التنقل واتجاه اقتصادات كبيرة ومؤثرة للعودة إلى الإغلاق للسيطرة على انتشار العدوى.
ورأي روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن إشكالية تخمة المعروض مقابل ضعف الطلب ما زالت مهيمنة بقوة على السوق وتتسع الفجوة بينهما مع استمرار الوتيرة شديدة السرعة للإصابات الجديدة بالفيروس.
ولفت إلى تصاعدات مخاوف تخمة العرض بسبب التقارير التي تفيد بأن إنتاج النفط الخام والمكثفات الليبية قد تضاعف أكثر من أربعة أضعاف في شهر واحد ليصل إلى 500 ألف برميل يوميا في أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأضاف شتيهرير أن “تعافي الإنتاج الليبي جاء في توقيت دقيق تعاني فيه السوق بشدة اضطرابات حادة وعدم يقين بشأن الفترة المقبلة نتيجة تخمة المعروض في الأسواق المترنحة بسبب نقص الطلب، وقد تصاعد التوتر في السوق بعدما لم تصدر “أوبك+” أي إشارات على التراجع عن تخفيف تخفيضات الإنتاج المقررة بدءا من أول يناير/كانون الثاني المقبل 2021.
وكتب نيكولاي ماكييف في صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية عن محاولات مُصدّري النفط الحيلولة دون انهيار أسعار الخام.
وقال ماكييف في مقاله الذي نشرته الصحيفة الروسية: أسعار النفط، التي يبدو أنها صامدة فوق 40 دولارا للبرميل منذ بداية أكتوبر، قد تنهار في أي لحظة.
وأشار إلى أن الموجة الثانية من فيروس كورونا والانتخابات الرئاسية الأمريكية تتوعد سعر البرميل بمزيد من المفاجآت غير السارة. وقد بدأت الدول المصدرة، المتحدة في “أوبك+”، في البحث عن طريقة لمنع انهيار سوق الخام.
في الأسبوع الماضي، ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرتين، الوضع في قطاع الطاقة مع ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان آل سعود، يومي الـ 13 و 17 من أكتوبر، ويوم الاثنين الـ 19 منه، حثت منظمة “أوبك+” أعضاءها على وضع خطة جديدة لتطوير صناعة النفط في العام 2021.
وأضاف ماكييف: يتميز الوضع الحالي في سوق النفط العالمية بحقيقة أن الدول المنتجة المتعطشة لحصص إضافية بعد قيود “أوبك+” قد تلقي ببراميل إضافية في السوق.
واستدرك: لكن الموجة الثانية من فيروس كورونا والعواقب الاقتصادية السلبية لانتشار المرض المتفاقم، تحرم منتجي الوقود من آمال زيادة المبيعات وتجبرهم على التعامل مع جولة مطولة أخرى من انخفاض الأسعار.