توقع موقع دويتشه فيله الألماني تصاعد الضغوط الأوروبية على ولي العهد محمد بن سلمان لوقف قمع المعارضة في المملكة، مشككا في قدرة الرياض على تحمل تكاليف تداعيات سياساتها.
وأشار الموقع إلى انه مع تزايد انقطاع الاتصال مع رموز المعارضة السعوديين المسجونين، واستهداف الأصوات المنتقدة داخل المملكة وخارجها، قد يواجه بن سلمان متاعب إسكات المعارضة بين حلفائه الدوليين.
وصعّدت سلطات آل سعود بأوامر من بن سلمان حملة القمع ضد المعارضة، واعتقلت فردًا آخر من عائلة قائد المخابرات السابق سعد الجبري هذا الأسبوع وقطعت الاتصال بين معتقلين آخرين من المعارضة في السجن وعائلاتهم، وفقا لأقوال أسرهم.
وسبق أن اعتقلت السلطات اثنين من أبناء الجبري وشقيقه في مارس قبل أن يرفع المسؤول الأمني الرفيع سابقا دعوى قضائية في الولايات المتحدة يزعم فيها أن ولي العهد السعودي أرسل فريقا لقتله في كندا.
أحد أبناء الجبري، خالد، الذي يعيش معه في كندا بمنفاه الاختياري كتب على تويتر يوم الأربعاء يقول إن اعتقال صهر الجبري كان “محاولة سافرة لترويع” عائلته. وقد استدعت السلطات زوج ابنة الجبري للتحقيق ثم أخفته في مكان ما في محاولة جديدة للضغط على الجبري حسبما صرح به.
والعديد من المعارضين أو المنتقدين الآخرين في السجن قُطعت مكالماتهم الهاتفية أو زياراتهم المنتظمة المحدودة أصلا مع عائلاتهم في الأشهر الأخيرة.
شقيقة لجين الهذلول، الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة، تقول إن أفراد عائلتها كانوا قلقين للغاية لأنهم لم يسمعوا شيئا من لجين منذ 9 يونيو/حزيران.
وذكرت لينا الهذلول “لا نفهم لماذا تقطع السلطات كل الاتصالات إذا لم يكن لديها ما تخفيه”، وتضيف “في المرة الأولى التي احتُجزت فيها بمعزل عن العالم الخارجي، تعرضت للتعذيب، لذا لا يمكنني التفكير في أي شيء آخر الآن”.
كما تم أيضا عزل عائلتي الأميرة بسمة بنت سعود وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، بحسب مصدر مقرّب من القضية. الاتصال ببسمة بنت سعود انقطع في أبريل/ نيسان بعد أن ناشدت علنا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إطلاق سراحها.
من جهته سلمان العودة، رجل الدين الإصلاحي الذي اعتُقل في 2017 ويواجه عقوبة الإعدام، لم يسمع عنه أيضا أي شيء منذ مايو/ أيار، بحسب تقرير حديث لبلومبيرغ.
وتأتي حملة التصعيد الإضافية ضد المعارضة هذه في مرحلة حساسة بالنسبة لعلاقات المملكة العربية السعودية مع حلفائها، حيث انقسم الخبراء حول ما إذا كان محمد بن سلمان قادرًا على تحمل مثل هذا التصعيد.
فمع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمعة في تشرين الثاني/نوفمبر، قد يؤدي إسكات الأصوات المنتقدة بشكل متزايد إلى الإضرار بالعلاقات الأمريكية السعودية بحيث يجعل السياسيون وجماعات الضغط من سياسات المملكة العربية السعودية مشكلة.
منافس ترمب مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن في العام الماضي وصف السعودية بأنها “منبوذة” وهدد بوقف مبيعات الأسلحة للمملكة. وأي تصعيد قد يقوي هذا الموقف.
وقد مارس أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ضغوطًا على الرئيس دونالد ترامب للمساعدة في تأمين الإفراج عن أفراد عائلة الجابري، التي قدمت مساعدات للمخابرات الأمريكية طيلة سنوات.
كما انخرطت جماعات الضغط أيضًا في التحرك من أجل إطلاق سراح الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود في مايو. ومن شأن تجاهل هذه المطالب الإضرار بحملة ترمب، لا سيما وأن الانتهاكات السعودية تجعل الأمر أكثر صعوبة.
على الصعيد الأوروبي، سيُحدَد قرار ألمانيا بخصوص ما إذا كانت ستمدد الحظر على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية الذي ينتهي في ديسمبر / كانون الأول، مما يمنحها بعض النفوذ في الضغط من أجل اتخاذ إجراءات بشأن حقوق الإنسان، وهو ما يضيف التكاليف إلى التصعيد الحالي.
وقد علقت برلين مبيعات الأسلحة للرياض في أعقاب مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في عام 2018، وهي الجريمة التي نُسبت إلى محمد بن سلمان. هذا بالإضافة إلى أن سجن النشطاء والمعارضين، ساهم بشكل كبير في تشويه سمعة بن سلمان كمصلح وتسبب في فتور العلاقات مع المستثمرين العالميين.
ومع حلول موعد استئناف عمل البرلمان الأوروبي، سيدعو الأعضاء إلى الرد على المطالب التي طال انتظار تحققها بالإفراج عن الأميرة بسمة بنت سعود والأمير سلمان بن عبد العزيز، مما سيجعل من مواصلة إسكات هؤلاء قضية للزعماء الأوروبيين أثناء اجتماعهم في القمة.
إيفا كايلي، عضوة البرلمان الأوروبي ومجلس النواب الأوروبي، الذي يعمل على تنمية علاقات البرلمان مع دول شبه الجزيرة العربية تقول: “إذا كانوا يعاملون أفراد العائلة المالكة على هذا النحو وبدون عدالة ، فلكم أن تتخيلوا ما يحدث مع الآخرين”.
وتضيف كايلي: “الوضع الجنوني هنا هو أن مجرد التحدث إلى مسؤولين مثل المسؤولين في البرلمان الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى تهمة الخيانة أو يكون سبباً للاعتقال في السعودية… هذا ليس توجيه أصابع الاتهام، هذا ليس إلقاء محاضرات، نحن نريد العمل معًا على نفس المبادئ.”
من جانبه يقول نيل كويليام، الباحث في معهد تشاتام هاوس البريطاني، إن محمد بن سلمان لا يستطيع تحمل هذا التصعيد. “نفدت النوايا الحسنة التي شعر بها الكثيرون تجاه الأمير الشاب وطموحاته العظيمة”.
ويضيف كويليام “إذا توقفت الانتهاكات الحقوقية وتم إطلاق سراح السجناء، فستتلاشى الذكريات قريبًا ومن المرجح أن ينتعش الاستثمار السياسي والمالي، ولكن طالما استمر الوضع أو حتى تصاعد أكثر، فستزداد التكاليف على المملكة”.