تتولى المملكة ابتداء من اليوم رئاسة مجموعة العشرين لمدة عام، في حيلة جديدة لنظام آل سعود من أجل التغطية على جرائمه وسجله الأسود في انتهاكات حقوق الإنسان.
وسيستلم وزير الخارجية الجديد فيصل بن فرحان آل سعود في مدينة ناجويا اليابانية رئاسة قمة العشرين خلال حفل في ناجويا التي يجتمع فيها وزراء خارجية مجموعة العشرين لإجراء محادثاتهم.
وكانت اليابان، التي ترأس مجموعة العشرين هذا العام، ثاني أكبر سوق للصادرات السعودية العام الماضي، بقيمة بلغت 33 مليار دولار، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
ويواجه نظام آل سعود انتقادات غربية شديدة بسبب جريمة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي قبل أكثر من عام، واحتجاز نشطاء مدافعين عن حقوق المرأة ودورها في الحرب المدمرة في اليمن.
ويقول دبلوماسيون إن النظام يسعى من وراء رئاسة مجموعة العشرين تجاوز مشاكله والدفع إلى إغلاق المزيد من الملفات الشائكة مثل حرب اليمن ومقاطعة قطر.
وأشاد الملك سلمان برئاسة المملكة لمجموعة العشرين زاعما أن ذلك دليلا على دورها الرئيسي في الاقتصاد العالمي.
وقال دبلوماسيون إن المملكة تخطط لعقد أكثر من عشرة مؤتمرات قمة لمجموعة العشرين على مدار العام حول السياحة والزراعة والطاقة والبيئة والاقتصاد الرقمي.
وقال المحلل نيل بارتريك إن الاتصالات الدبلوماسية والتجارية على أعلى مستوى تشير إلى أن الرياض تحاول التخلص من تبعات مقتل خاشقجي، لكنها لا تزال تجد صعوبة في جذب المستثمرين الأجانب.
واتهمت محكمة سعودية 11 شخصا مشتبها بهم في محاكمة سرية وفرض حلفاء غربيون عقوبات على بعض الأفراد. لكن الرياض لا تزال تواجه انتقادات من بعض الحكومات التي تقول إن ولي العهد هو من أصدر أوامر القتل. ونفى الأمير محمد بن سلمان ذلك لكنه قال إنه يتحمل المسؤولية النهائية بصفته الحاكم الفعلي.
وتسعى الرياض إلى تجميل صورتها أو تسليط الضوء على إصلاحاتها الاجتماعية منذ مقتل خاشقجي عام 2018 على أيدي عملاء سعوديين في اسطنبول.
واجتذبت عملية بيع أسهم شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط هذا الشهر وبيع سندات في وقت سابق من هذا العام، في إطار حملة لتنويع أكبر اقتصاد عربي بعيدا عن النفط، اهتماما بقطاعي الطاقة والتمويل التقليديين.
وبعد مقاطعة مؤتمر “دافوس الصحراء” السعودي عام 2018، عاد المسؤولون التنفيذيون الغربيون إلى مؤتمر 2019 الشهر الماضي. ولا علاقة لمؤتمر “دافوس الصحراء” بالمنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس في سويسرا.
وتتصاعد ضغوط منظمات حقوقية دولية على قمة مجموعة العشرين لاتخاذ موقف جدي والتحرك ضد جرائم نظام آل سعود وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
وطالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” وخطيبة الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل العام الماضي في جريمة مروعة، مجموعة العشرين التي تتولى المملكة قريبا رئاستها الدورية، بالحصول من المملكة على التزامات بشأن حرية الصحافة والتصدي لجرائم قتل المراسلين حول العالم.
وأطلق الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف دولوار وخديجة جنكيز، خطيبة الصحافي السعودي الذي قتل في قنصلية بلاده في اسطنبول في عام 2018، هذا النداء الذي نشر في نحو عشر لغات، بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين الذي يتم إحياؤه في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر.
واعتبر دولوار وجنكيز في ندائهما أن “هناك ضرورة للقيام بتعبئة كبيرة على الصعيد الدولي، بما أن أكثر من 90 بالمئة من الجرائم المرتكبة بحق المراسلين في بلدان تشهد حربا أو تعيش سلما تبقى بلا عقاب”.
ويشدد مطلقا النداء على المسؤولية الملقاة على عاتق مجموعة العشرين في هذا الصدد، لأن السعودية ستتولى قريبا الرئاسة الدورية للمجموعة، علما أن المملكة تحتل المرتبة 172 من بين 180 دولة في مؤشر منظمة “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة الذي تحل فيه الصين في المرتبة 177، وتركيا في المرتبة 157، وروسيا في المرتبة 149، وهي دول تنتهك، وفق المنظمة، بشكل منتظم بل منهجي الحق في المعلومات.
وهما يذكّران قادة مجموعة العشرين أنه بعد مرور سنة وشهر على جريمة قتله، لم يعثر بعد على جثة خاشقجي، وأن 32 صحافيا لا يزالون يقبعون في السجون السعودية.
كما ينددان بأن عددا من جرائم قتل صحافيين لم يعرف مرتكبها أو لم يعاقب في إشارة إلى جرائم قتل دافني كاروانا في مالطا، وغاوري لانكيش في الهند، وخافيير فالديز وميروسلافا بريتش في المكسيك، وجان بيغيريمانا في بوروندي، وبافل شيريميت في أوكرانيا.
وجاء في النداء أن “من واجب قادة مجموعة العشرين أن يتحرّكوا” و”ألا يكتفوا بان يكونوا متفرّجين سلبيين على جرائم قتل الصحافيين”.
وطالبا قادة المجموعة بـ”الحصول من السعودية على التزامات واضحة في ما يتعلّق بحرية الصحافة، بدءا بإطلاق سراح الصحافيين المسجونين”، وذلك لضمان عدم تحوّل رئاسة السعودية للمجموعة إلى “تصريح بقتل” الصحافيين.
وكان قوبل اختيار المملكة لاستضافة قمة العشرين الدولية العام المقبل بانتقادات واسعة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية.
ودعت المقرّرة الأممية أغنيس كالامار الدول الكبرى في العالم إلى إعادة النظر بعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في السعودية في حال لم تتم محاسبة مرتكبي جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي كان ينشر مقالات في صحيفة واشنطن بوست.
وكانت كالامار، المقرّرة الخاصّة للأمم المتحدة المعنية بحالات القتل خارج نطاق القضاء والتي ترأست تحقيقا حول القضية، ذكرت في تقريرها الشهر الماضي أنّها وجدت “أدلة موثوقاً بها” تشير إلى “المسؤولية القانونية لكبار المسؤولين السعوديين بمن فيهم ولي العهد السعودي” عن العملية.
واعتبرت كالامار خلال زيارة لها إلى واشنطن أنّ القمّة المقبلة لمجموعة العشرين المقرّرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في الرياض توفّر فرصة للضغط على السعودية.