يعتزم أعضاء في البرلمان البريطاني التحقيق في القرصنة الجماعية التي تتم في المملكة لبرامج تنتجها شبكة “بي بي سي”، والتي تهدد الموارد التي تحصل عليها الشبكة من بيع إنتاجها حول العالم، والتي تصل إلى 240 مليون جنيه إسترليني.
وكشفت صحيفة “ميرور” البريطانية النقاب عن رسالة بعث بها قبل عامين مسؤولو الشبكة البريطانية إلى المسؤولين في المملكة، طالبوا فيها بوقف البث غير القانوني لبرامج الشبكة من قبل قناة القرصنة “بي أوت كيو” (BeoutQ).
وأوضحت أن برامج “بي بي سي” التي سطت عليها قناة القرصنة هي “اقتل حواء”، “دكتور هو”، “شيرلوك”، “الحرب والسلام”، “ماكمافيا” و”هي داغي”.
وأشارت “ميرور” إلى أنه على الرغم من أن قناة “بي أوت كيو” توقفت في أغسطس/آب الماضي على القمر الصناعي عربسات -الذي تعد المملكة مساهما رئيسيا فيه- فإنها واصلت البث عبر الإنترنت.
وذكرت أن النائب عن حزب المحافظين غايلز واتلينغ، بصفته رئيسا للجنة الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة بشبكة “بي بي سي” دعا للتحقيق في أنشطة القناة السعودية، وحذر من أن القرصنة الإعلامية قد تلحق ضررا ماليا كبيرا بالشبكة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن التحقيق البرلماني المزمع في بريطانيا بشأن القرصنة التي تتعرض لها برامج “بي بي سي” في المملكة يأتي وسط مساع حثيثة تقوم بها مجموعة استثمارية سعودية -يقودها رجل الأعمال ياسر الرميان- للاستحواذ على نادي نيوكاسل لكرة القدم مقابل ثلاثمئة مليون جنيه إسترليني.
والمجموعة السعودية تتحرك بتعليمات من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للاستحواذ على النادي وذلك في محاولة لمحو سجل الجرائم السعودي دوليا عبر الرياضة.
وسبق أن قوبلت فضائح القرصنة والتجسس المتبع من نظام آل سعود بتنديد أوروبي شديد بعد كشف واقعة ضلوع محمد بن سلمان في اختراق هاتف الرئيس التنفيذي لشركة “أمازون” ومالك صحيفة “واشنطن بوست”، جيف بيزوس في عام 2018.
وأعربت رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي، ماريا أرينا، عن اندهاشها من “القرصنة السعودية المزعومة للهاتف المحمول للسيد بيزوس، كما كشف عن ذلك خبراء الأمم المتحدة”.
وجاء ذلك في إشارة إلى كل من مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء أنييس كالامار، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير ديفيد كاي، اللذين شددا في بيان مشترك، على أن قرصنة بن سلمان “تتطلب تحقيقا فوريا من الولايات المتحدة وغيرها من السلطات المعنية”.
وأكدت أرينا أن مزاعم التجسس على بيزوس تمثل مصدر قلق بالغ، بما أنها تجسد ألا أحد في منأى عن الهجمات الإلكترونية، والتنمر السيبراني، مع ما يمثل ذلك من إمكانية للتلاعب بمعطياتهم الشخصية سواء من قبل الدول أو المنظمات التي تشتغل مع تلك الدول.
واعتبرت أن تلك المزاعم تؤكد أن الممارسات السعودية تندرج ضمن استراتيجية موسعة تقوم من خلالها الرياض بالتجسس على من ترى أنهم منشقون أو معارضون، بمن فيهم جمال خاشقجي الصحافي السعودي وكاتب عمود الرأي بصحيفة “واشنطن بوست” الذي تم قتله داخل قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
ودعت الاتحادَ الأوروبي إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان بقاء معطيات المواطنين الشخصية آمنة، وحثث الاتحاد على التعبير عن أقصى درجات القلق وكذلك إعادة النظر في مشاركته بقمة مجموعة العشرين بالرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية كشفت أن هاتف “بيزوس” تعرض للاختراق من قبل محم بن سلمان.
وبحسب ما أوردته الصحيفة، بدأ كل شيء في 1 أيار/ مايو من عام 2018 حيث تلقى بيزوس رسالة على هاتفه عبر تطبيق “واتساب” من الرقم الخاص لولي العهد السعودي. الرسالة، التي اتضح أنها كانت تحتوي على ملف خبيث.
وقالت “الغارديان” إن كميات كبيرة من البيانات تم استخراجها من هاتف بيزوس بغضون ساعات، بحسب شخص مطلع على الموضوع، من دون تحديد ماهية هذه البيانات.
وفي إبريل/ نيسان 2020 منحت المحكمة العليا في بريطانيا الضوء الأخضر للمعارض غانم الدوسري لتقديم دعوى ضد نظام آل سعود بسبب حملة قرصنة متطورة لهاتفه.
ويعني قرار السماح للدوسري بتقديم الدعوى أن لديه “قضية قابلة للنقاش” وشرعية.
وقال الدوسري الذي يعتقد أنه يعيش تحت حماية الشرطة في لندن، في تغريدة على “تويتر”، إنها المرة الأولى التي تسمح له فيها بريطانيا بمقاضاة نظام آل سعود.
وأكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن المحكمة العليا في البلاد منحت الدوسري حق القدرة على مقاضاة السعودية بسبب حوادث القرصنة.
واعتبر متحدث في شركة “لي داي” للمحاماة مارتين داي: أن هذه قضية نادرة في بريطانيا ضد نظام آل سعود، وقال: “يسرنا أن المحكمة قد وافقت على النظر بظروف القضية، واستهداف شخص يعيش في المملكة المتحدة”.
وأشار إلى أن السلطات البريطانية الأن، على استعداد لتمكينهم من القيام بالإجراءات الرسمية بالدعوى ضد نظام آل سعود.
وعلقت مقررة الأمم المتحدة لحالات القتل خارج نطاق القانون، “أجنيس كالامارد” على قرار المحكمة، وقالت في تغريدة لها بالقول: “تطور حاسم.. المحكمة العليا توافق على الدعوى التي رفعها المعارض السعودي غانم الدوسري ضد المملكة السعودية، بسبب الاختراق المتعمد لهاتفه”.
والدوسري ناشط سعودي في مجال حقوق الإنسان، وله وجود نشط على قناة “يوتيوب” لانتقاد نظام آل سعود.
وتتهم الدعوى نظام آل سعود بتدبير اختراق ضد هواتف “الدوسري” في 23 يونيو/حزيران 2018، بعد شهرين فقط من اختراق هاتف “بيزوس”، وفقاً لصحيفة الغارديان.
وأسفرت عملية الاختراق عن سرقة معلومات متعلقة بالحياة الشخصية للمعارض السعودي وعائلته وعلاقاته وصحته وأمواله ومسائل متعلقة بعمله في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة.
ويتصدر نظام آل سعود أنظمة مستبدة تعمل على قمع أي معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي مستخدما في ذلك شتى الأساليب المشينة.
واستخدم نظام آل سعود منصات التواصل الاجتماعي والمنافذ الإعلامية التقليدية لتعقب المواطنين وإحكام السيطرة عليهم وقمعهم.
وكانت شركة البرمجيات الإسرائيلية «NSO Group» باعت تقنيات تعقّب وقرصنة للمستبدين في جميع أنحاء العالم، من المملكة إلى الهند.
وأتاح برنامج التجسس «Pegasus» التابع للشركة الإسرائيلية للمخترقين إمكانية الوصول إلى سجل المكالمات الهاتفية والرسائل الخاص بالمعارضين السعوديين، مثل جمال خاشقجي وعمر عبدالعزيز، الذي طلب اللجوء في كندا، من ضمنها رسائل تويتر وواتساب.
وقد أدَّى الاستخدام الواسع النطاق لتقنيات التجسس والمراقبة من جانب الأنظمة الاستبدادية إلى حدوث انتهاكات شاملة ومنهجية لحقوق الإنسان.
وسبق أن اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي شركة تويتر، منهم مواطن سعودي يُدعى علي الزبارة، والمواطن الأمريكي أحمد أبوعمو باستغلال مناصبهم في الشركة وقدرتهم على الوصول إلى أنظمة تويتر الداخلية لمساعدة المملكة في الحصول على معلومات تخص مواطنين أمريكيين ومنشقين سعوديين عارضوا سياسات المملكة.
واتهمت وزارة العدل أيضاً أحمد المطيري، وهو مواطن سعودي، بالعمل كوسيط بين على الزبارة والمخابرات السعودية المقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف نقل معلومات حسّاسة عن مستخدمي تويتر إلى نظام آل سعود.