دعوى قضائية ضد نظام آل سعود بسبب القرصنة
منحت المحكمة العليا في بريطانيا الضوء الأخضر للمعارض غانم الدوسري لتقديم دعوى ضد نظام آل سعود بسبب حملة قرصنة متطورة لهاتفه.
ويعني قرار السماح للدوسري بتقديم الدعوى أن لديه “قضية قابلة للنقاش” وشرعية.
وقال الدوسري الذي يعتقد أنه يعيش تحت حماية الشرطة في لندن، في تغريدة على “تويتر”، إنها المرة الأولى التي تسمح له فيها بريطانيا بمقاضاة نظام آل سعود.
وأكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن المحكمة العليا في البلاد منحت الدوسري حق القدرة على مقاضاة السعودية بسبب حوادث القرصنة.
وجاءت تلك التطورات بالتزامن مع الكشف عن وقوف ولي العهد محمد بن سلمان وراء اختراق هاتف الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، “جيف بيزوس” في فترة تتزامن مع جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر عام 2018.
واعتبر متحدث في شركة “لي داي” للمحاماة مارتين داي أن هذه قضية نادرة في بريطانيا ضد نظام آل سعود، وقال: “يسرنا أن المحكمة قد وافقت على النظر بظروف القضية، واستهداف شخص يعيش في المملكة المتحدة”.
وأشار إلى أن السلطات البريطانية الأن، على استعداد لتمكينهم من القيام بالإجراءات الرسمية بالدعوى ضد نظام آل سعود.
بدورها، علقت مقررة الأمم المتحدة لحالات القتل خارج نطاق القانون، “أجنيس كالامارد” على قرار المحكمة، وقالت في تغريدة لها بالقول: “تطور حاسم.. المحكمة العليا توافق على الدعوى التي رفعها المعارض السعودي غانم الدوسري ضد المملكة السعودية، بسبب الاختراق المتعمد لهاتفه”.
والدوسري ناشط سعودي في مجال حقوق الإنسان، وله وجود نشط على قناة “يوتيوب” لانتقاد نظام آل سعود.
وتتهم الدعوى نظام آل سعود بتدبير اختراق ضد هواتف “الدوسري” في 23 يونيو/حزيران 2018، بعد شهرين فقط من اختراق هاتف “بيزوس”، وفقاً لصحيفة الغارديان.
وأسفرت عملية الاختراق عن سرقة معلومات متعلقة بالحياة الشخصية للمعارض السعودي وعائلته وعلاقاته وصحته وأمواله ومسائل متعلقة بعمله في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة.
ويتصدر نظام آل سعود أنظمة مستبدة تعمل على قمع أي معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي مستخدما في ذلك شتى الأساليب المشينة.
واستخدم نظام آل سعود منصات التواصل الاجتماعي والمنافذ الإعلامية التقليدية لتعقب المواطنين وإحكام السيطرة عليهم وقمعهم.
ويضيق النظام على الحريات في المنصات الإعلامية، في ظل واقع أنّ منافذ الإعلام والصحافة التقليدية، لاسيما الصحف وقنوات التلفزيون، كانت دائماً مملوكة للدولة.
وبينما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار وأكثر تطوراً من الناحية التقنية، ومع إقبال شباب الشرق الأوسط على الإنترنت والمنصات الرقمية، من بينها فيسبوك وتويتر وواتساب وإنستغرام، بدأت الأنظمة القمعية وفي مقدمتها نظام آل سعود في استخدام طرق وتقنيات جديدة للسيطرة على المواطنين وتتبّع المنشقين محلياً ودولياً.
وتعتبر عملية القتل الوحشية للصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وتقطيع جثته بأوامر من نظام آل سعود ما هي إلا مثال سافر يوضح إلى أي مدى ذهبت الأنظمة من أجل إسكات المعارضة.
واستخدمت الأنظمة الحاكمة في المملكة والإمارات والبحرين ومصر وغيرها من دول الشرق الأوسط تقنيات الأمن السيبراني الإسرائيلية، لاستهداف المنشقين على مواقع التواصل الاجتماعي وتعقّبهم من تركيا إلى كندا، ومن إنجلترا إلى ماليزيا
باعت شركة البرمجيات الإسرائيلية «NSO Group» تقنيات تعقّب وقرصنة للمستبدين في جميع أنحاء العالم، من المملكة إلى الهند، من ضمنهم العديد من الأنظمة الاستبدادية العربية.
وقد أتاح برنامج التجسس «Pegasus» التابع للشركة الإسرائيلية للمخترقين إمكانية الوصول إلى سجل المكالمات الهاتفية والرسائل الخاص بالمعارضين السعوديين، مثل جمال خاشقجي وعمر عبدالعزيز، الذي طلب اللجوء في كندا، من ضمنها رسائل تويتر وواتساب.
وقد أدَّى الاستخدام الواسع النطاق لتقنيات التجسس والمراقبة من جانب الأنظمة الاستبدادية إلى حدوث انتهاكات شاملة ومنهجية لحقوق الإنسان.
وسبق أن اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي شركة تويتر، منهم مواطن سعودي يُدعى علي الزبارة، والمواطن الأمريكي أحمد أبوعمو باستغلال مناصبهم في الشركة وقدرتهم على الوصول إلى أنظمة تويتر الداخلية لمساعدة السعودية في الحصول على معلومات تخص مواطنين أمريكيين ومنشقين سعوديين عارضوا سياسات المملكة وقادتها.
واتهمت وزارة العدل أيضاً أحمد المطيري، وهو مواطن سعودي، بالعمل كوسيط بين على الزبارة والمخابرات السعودية المقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف نقل معلومات حسّاسة عن مستخدمي تويتر إلى نظام آل سعود.
ولا يمارس نظام آل سعود القمع ضد المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل ضد الإصلاح السياسي والاجتماعي، والمشاركة المدنية، وحقوق الإنسان والديمقراطية.