يلجأ نظام آل سعود منذ عقود إلى القتل خارج القانون لتصفية المعارضين سواء داخليا عبر عمليات إعدام دورية بعد محاكمات جائرة أو خارجيا لاستهداف كل من يحاول أن يعارضهم.
وتواصل السلطات السعودية تنفيذ أحكام الإعدام الجماعية في انحاء مختلفة من المملكة, في أعقاب محاكمات جائرة لمختلف الجرائم المزعومة.
وتسجل عمليات الإعدام الجماعية معدلا دمويا في تاريخ السعودية وبلغ ذروته في العام 2015 مع اعدام 157 شخص.
وخلال العام الماضي بدأت حالات الإعدام بتوسع غير مسبوق في استخدامها بتهم سياسية مما جعلت السعودية من الاعدام أداة ترهيب سياسي, مما تم استهداف قطاعات جديدة من المجتمع المدني من خلال عقوبة الاعدام بمن في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان ورجال الدين والنقاد.
وتطبق عقوبة الإعدام في السعودية بما يخالف أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ومعاييره, وغالبا ما تعقد محاكمات القضايا التي تصل عقوبتها إلى الإعدام سراً ونادراً ما يسمح للمتهمين بالاتصال بالمحامي.
وقد يدان الشخص دون أدلة وبالاعتماد حصريا على اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة أو عن طريق التحايل عليه وخداعه من النيابة.
وتشير الإحصائيات المقلقة إلى أن السعودية تعيش واحدة من اكثر فترات القمع ظلمة تحت حكم الملك سلمان وولي عهده, إضافة إلى أن السلطات السعودية لا تعلن عن كافة احكام الاعدام التي تقوم بها.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية فإن السعودية تعد ثالث دولة بين دول العالم أجمع من حيث عدد أحكام الاعدام التي تنفذها.
وخلال 2018 أبدى المقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان بن إيمرسون مخاوف جدية بشأن “استخدام عقوبة الإعدام في أعقاب محاكمات جائرة”، وإصدارها ضد الأفراد الضعفاء، ومن يعانون من أعاقات، والقاصرين، وبينهم من “أدينوا بجرائم سياسية لا تنطوي على استخدام العنف”.
ويتعارض اللجوء إلى عقوبة الاعدام مع التوجهات العالمية نحو إلغاء هذه العقوبة, ويؤشر لعدم التزام السعودية بمبادئ حقوق الإنسان, وبالتحديد الحق في الحياة, وهو حق إنساني أساسي غير قابل للانتقاص.
وتنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “لكل انسان الحق الأصيل في الحياة, يجب حماية هذا الحق, لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً”.
نُفِذَ خلال عام 2018، 149 حكما بالإعدام في السعودية حيث تجاوزت معدلات السنة السابقة، كما أن الإحصاءات تشير إجمالاً إلى ارتفاع معدلات تنفيذ الأحكام خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.
في حين أن معدلات 2018 لم تكن الأعلى في السنوات الأخيرة، إلا إنه لم يحدث أي انخفاض لاستخدام الحكومة السعودية لعقوبة الإعدام وخاصة منذ العام 2015، حيث أنها المعدلات الأعلى منذ عام 1992.
ونفذت السلطات السعودية حكم الاعدام بحق 37 شخصا اعداما جماعيا في نيسان 2019, يعود اصل 33 منهم للأقلية الشيعية. وبهذا الاعدام تكون السعودية قد نفذت حكم الاعدام لأكثر من 100 شخص حتى الان خلال عام 2019.
وأدانت “هيومن رايتس ووتش” وهي منظمة حقوقية عالمية عمليات الإعدام الجماعي في السعودية. كما أدانت منظمة العفو الدولية ” امنستي ” عمليات الإعدام ووصفتها بأنها مظاهر مروعة لتجاهل السلطات السعودية للحياة الإنسانية.
استهداف خارجي لمعارضين
أصابت جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في مطلع أكتوبر 2018، العالم بصدمة غير مسبوقة خصوصاً أنها بأمر رسمي سعودي.
أشارت تقارير حقوقية إلى أنه تم إذابة جثة خاشقجي بالأسيد. في الواقع فإن السعودية تمارس ببربرية سلوك إخفاء جثامين الأفراد الذين يتم إعدامهم أو قتلهم خارج نطاق القانون. منذ يناير 2016 إنتهجت السعودية هذه الممارسة، وأخفت مكان وجود عدد من الجثامين. المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان وثقت استمرار احتجاز 32 جثة من 2016 حتى 2018.
ونفذت الحكومة السعودية عقوبة الإعدام ضد أشخاص مارسوا حرية التعبير السلمي، ما يعكس استعدادها لتجاهل حق المعارضين في الحياة متى شاءت.
ومن جهتها رفضت المحكمة جميع مزاعم التعذيب دون التحقيق فيها. كما تجاهلت طلبات المدعى عليهم بالحصول على مقاطع فيديو من السجن قالوا إنها ستظهر تعرضهم للتعذيب، واستدعاء المحققين كشهود لوصف كيفية الحصول على الاعترافات.
وتنص المعايير الدولية، بما فيها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه السعودية، على ألا تستخدم البلدان التي تعتمد عقوبة الإعدام هذه العقوبة إلا في “أخطر الجرائم”، وفي الحالات الاستثنائية.
والسعودية لديها واحد من أعلى معدلات الإعدام في العالم، وتطبق العقوبة على مجموعة من الجرائم التي لا تعد من “أخطر الجرائم”، بما فيها جرائم المخدرات.
ومن جهتها تعارض منظمة “هيومن رايتس ووتش” عقوبة الإعدام في جميع البلدان مهما كانت الظروف وعقوبة الإعدام متفردة في قسوتها وكونها لا رجعة عنها، وهي في كل الأحوال مشوبة بالتعسف، والتحيّز، والخطأ بشكل لا يمكن تفاديه.
ومؤخرا في 2018، طالبت “الجمعية العامة للأمم المتحدة” الدول بتجميد استخدام عقوبة الإعدام، والحد تدريجيا من هذه الممارسة، وتقليص نطاق الجرائم التي يُمكن المعاقبة عليها بها، بهدف إلغائها في نهاية المطاف. كما طالب في 2013 الأمين العام للأمم المتحدة حينها بان كي مون البلدان كافة بإلغاء عقوبة الاعدام.
وقال بَيج: “الإعدامات الجماعية ليست من شِيَم الحكومات ’الإصلاحية‘، بل تميِّز الحكومات الاستبدادية الخاضعة لأهواء حكامها”.
ووفقًا “لميشال باشليت مديرة قسم حقوق الإنسان بالأمم المتحدة” فإن ثلاثة على الأقل من المعدومين كانوا قاصرين وقت صدور الحكم وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الدولي الذي يحظر تنفيذ عقوبة الإعدام ضد أي شخص دون سن الـ 18 عامًا.
وعقوبة الاعدام يجب ان تتم وفق معايير خاصة تتناسب مع حجم الجرم المفتعل وتتم وفق محاكمة عادلة وفق تدابير خاصة لا يمكن اللجوء لعقوبة الاعدام الا بعد اتباع كافة المعايير والتدابير والمحاكمة العادلة كما نصت القوانين والتشريعات المحلية والدولية على ذلك.