أحدث عمليّة إعدام “إرهابيّة” في السعوديّة توضّح الاستخدام السياسي لعقوبة الإعدام

يمثّل الادعاء غير المعقول بأن رجلًا شيعيًّا أُعدم في السعوديّة الأسبوع الماضي كان قد انضم إلى خليّة إرهابيّة تابعة لتنظيم القاعدة – وهي تهمة لم تظهر في أي مكان في الوثائق القضائيّة المتعلّقة بمحاكمته والحكم عليه – مثالًا صارخًا على تصميم السلطات السعوديّة على وصف المعارضة والاحتجاج المشروعين بأنهما شكل من أشكال الإرهاب.

وقد أعلنت وزارة الداخليّة في بيانها يوم السبت 17 أغسطس 2024 عن تنفيذها لحكم الإعدام على عبدالمجيد بن حسن بن عبدالله آل نمر، وحكم ما جاء في البيان أن تنفيذ حكم الإعدام بسبب “انضمامه لخلية إرهابيّة تابعة لتنظيم القاعدة”، و”تمويله للإرهاب والأعمال الإرهابيّة”، و”تأييده للفكر الإرهابي”.

وينتمي آل نمر، البالغ من العمر 59 عامًا، إلى الأقليّة الدينيّة الشيعيّة في السعوديّة، والتي يتم تشويه سمعتها بشكل روتيني من قبل جماعات مثل القاعدة، مما يثير تساؤلات جدّية حول مصداقيّة هذه التهم.

وقالت منظمة القسط لحقوق الإنسان إن ما استلمته من وثائق رسميّة وصك الحكم الابتدائي على آل نمر فلم تكن الأسباب المورودة في بيان وزارة الداخليّة ضمن لائحة التهم الموجّهة له، مما يشير إلى أن الوزارة تقوم بتشويه الحقائق عمدًا لأغراض سياسيّة.

وقد ذكرت وسائل الإعلام السعوديّة الرسمية بيان وزارة الداخليّة، وليس السجل القضائي الفعلي، لنشر هذه الرواية الكاذبة. ووفقًا للوثائق، واجه آل نمر التهم التالية:

السعي إلى زعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنيّة من خلال المشاركة في المظاهرات، وتشييع عدد من الهالكين، وتكرار ذلك في محافظة القطيف، وتأييده للأعمال التخريبيّة، وترديد هتافات مناوئة للدولة والمسيئة للحاكم وتحريض الآخرين على ذلك؛

تمجيده لنمر النمر [رجل دين شيعي معارض بارز أُعدم في عام 2016]، واحتجاجه على قرارات الاعتقال والمحاكمة للمطلوبين والموقوفين أمنيًّا، وإثارته للفتنة الطائفيّة بتقديم تقاعده من الخدمة العسكريّة بعد اعتقال الهالك نمر النمر؛ و

تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابيّة المجرم بنظام مكافحة الإرهاب من خلال تأجيره مزرعة أخيه مع علمه بتحويلها إلى تشليح سيارات بطريقة غير نظاميّة ووكر لعدد من المطلوبين، وتقديم المواد الغذائيّة لعدد من المطلوبين، وإعداد وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام من خلال انضمامه لمجموعة عبر برنامج التواصل الاجتماعي.

كما وتتعلّق العديد من هذه التهم، التي حُوكم على أساسها آل نمر في المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، وهي محكمة الإرهاب السعوديّة، بممارسة الحقوق الأساسيّة، مثل حريّة التعبير والمشاركة في الاحتجاجات، في حين أن الجرائم المزعومة الأخرى غير العنيفة لا ترقى إلى عتبة الجرائم الأكثر خطورة التي يقيّد القانون الدولي استخدام عقوبة الإعدام فيها.

 

وبناءً على هذه التهم، فقد حُكم على آل نمر في 25 أكتوبر 2021 بالسجن لمدّة تسع سنوات، ثلاث سنوات منها تعزيريّة، ومنعه من السفر بمثل مدّة الحكم. وحينما رُفعت القضيّة إلى محكمة الاستئناف زيد الحكم إلى الإعدام على نفس الاتهامات في الحكم الابتدائي.

وعلى الرغم من التعهّد الذي قطعه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 بالحدّ من استخدام عقوبة الإعدام، إلا أن معدّل الإعدامات استمرّ في الارتفاع.

ففي عام 2023، نفّذت السلطات ما لا يقلّ عن 172 إعدامًا، وقد تم تنفيذ أكثر من 150 إعدامًا بالفعل هذا العام. ويشمل ذلك زيادة عدد الإعدامات للجرائم غير العنيفة المتعلّقة بتهريب المخدرات، بعد فترة وجيزة من وقف استخدام عقوبة الإعدام لمثل هذه الجرائم.

كما كان هناك العديد من الإعدامات بسبب جرائم مزعومة مرتبطة بالإرهاب، والتي لا تنطوي دائمًا على العنف، بل يمكن أن تشمل مجموعة واسعة من الأعمال غير العنيفة، مثل المشاركة في الاحتجاجات. وفي ظلّ غياب الشفافيّة، ومع تنفيذ الإعدامات غالبًا في السرّ، قد يكون العدد الحقيقي للإعدامات التي تتم أعلى من ذلك.

كما وفي ضوء النطاق المقلق الذي يتم فيه تطبيق عقوبة الإعدام في السعوديّة، وفي تجاهل صارخ للحق في الحياة وتناقضًا مع التعهّدات التي قطعتها السلطات، تكرّر القسط دعوتها للسلطات السعوديّة إلى وقف استخدام عقوبة الإعدام الفوري بهدف العمل على إلغائها.