اعتقلت سلطات المباحث العامة التابعة لنظام آل سعود قبل أكثر من عام الفنانة التشكيلية الشابة نور سعيد المسلم ابنة ال19 عاما والطالبة بجامعة الملك فيصل بالأحساء.
ونور المسلم من سكان مدينة صفوى الواقعة في محافظة القطيف شرق السعودية.
ومنذ أبريل 2018، تقبع في السجن دون سبب قانوني عادل، حيث اعتقلت من وسط مبنى مركز مباحث في مدينة عنك الواقعة في محافظة القطيف شرق البلاد، بعد حضورها جلسة تحقيق.
ذكرت مصادر حقوقية أن عناصر من المباحث كانوا قد أتصلوا على والد الفتاة نور المسلم قبل عدة أيام من اعتقالها، وطالبوه بإحضارها إلى المركز “لطرح بعض الأسئلة عليها”، وحينما أجابهم بعدم تواجدها في المنزل حالياً لكونها تدرس في جامعة الملك فيصل بمدينة الأحساء، ابلغوه أن عليه إحضارها حالما ترجع من هناك.
أشار المصدر أن أخاها أقلها من محطة القطارات الواقعة في مدينة الدمام بعد وصولها من الجامعة مباشرة، وأوصلها إلى مركز المباحث.
أثناء التحقيق عُرِض عليها تغريدات قديمة كتبتها في 2015 حينما كانت قاصرة، إضافة إلى تغريدات أخرى حديثة.
تغريداتها القديمة كانت تعبر عن التضامن مع المطالب السلمي بالعدالة الاجتماعية الشيخ نمر باقر النمر الذي اعدمته السعودية في مطلع 2016 بعد محاكمة بالغة الجور، إضافة إلى تغريدات أخرى تتعلق بآراء سياسية.
وقد وثقت منظمات حقوقية عددا من الحالات التي أدان فيها نظام آل سعود أشخاصاً بتهم تتعلق بتخزين صور أو فيديو على أجهزتهم للشيخ النمر.
وأعزت بعض المصادر المحلية إلى أن اعتقال الناشطة جاء بسبب تطوعها إلى جانب النساء في لجان الحماية المحلية للمساجد والحسينيات في أعقاب التفجيرات الإرهابية التي شهدتها المنطقة وتبناها تنظيم “داعش”.
وأشار المصدر أنه تم إطلاق سراح نور بعد التحقيق، ولكنها استدعيت في اليوم الثاني للتحقيق وتم السماح لها أيضاً بالمغادرة إلى منزلها، ولكن في اليوم الثالث كذلك استدعيت ولكن لم يسمح لها بالمغادرة، حيث اعتقلت من هناك ونقلت إلى سجن مباحث الدمام.
ويأتي اعتقال نور المسلم بعد بروز نشاطها التشكيلي ودورها في تجميل وتحسين شوارع مدينة صفوى ضمن لجنة “منارات مشرقة”، في حين رأى مصدر آخر، أن اعتقالها جاء بسبب وشاية أحد الصحفيين المحليين بها في أحد المجالس الرسمية في محافظة القطيف التي كانت مخصصة للحديث عن عدم تقبل نظم آل سعود لفكرة تكوين لجان حماية محلية لأن ذلك تعدي على صلاحيات الدولة حسب تعبيرهم.
كما إنها ناشطة وفنانة تشكيلية، حيث نشطت مع لجنة “منارات مشرقة” التي تضم عددا من الفنانين، وتقوم بتلوين وتزيين الجدران والحدائق في الشوارع العامة.
وشاركت نور المسلم بعد التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مساجد الشيعة خلال العامين 2016-2015، في اللجان الأهلية لحماية المساجد، والتي كانت تقوم بدور المراقبة.
ويعد 2018 عاماً أسوداً على المدافعات والناشطات في المملكة حيث اعتقلت فيه العديد منهن. ففي مايو شنت الحكومة حملة اعتقالات شرسة ضد عدد من المدافعات ورائدات النشاط النسوي، طالت لجين الهذلول، وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، فيما بدا أنه عمل انتقامي للدور الذي لعبنه في مسيرة النضال النسوي.
في يونيو اعتقالات طالت المدافعتين نوف بنت عبد العزيز ومياء الزهراني، وفي يوليو اعتقلت الحكومة المدافعتين نسيمة السادة وسمر بدوي.
وسبقها في سبتمبر 2017 حملة اعتقالات تعسفية واسعة طالت رجال دين ورجال أعمال ونشطاء، وكان بينهن الممرضة فاطمة آل نصيف والدكتورة رقية المحارب اللتان لا زالتا معتقلتان تعسفيا حتى اليوم. وفي 2016 اعتقلت أيضاً المدافعة نعيمة المطرود التي حكم عليها بالسجن 6 سنوات بسبب عملها في الدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد افتتح نظام آل سعود هذه الحملات القمعية الموجهة للناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان، في 2015 عبر اعتقال المدافعة إسراء الغمغام – التي طالبت النيابة العامة بإعدامها قبل أن تعدل لاحقا عن هذا الطلب للسجن، على خلفية أنشطتها المشروعة في الدفاع عن حقوق الإنسان. تؤكد منظمات حقوقية أن نور المسلم لن تتوفر لها محاكمة عادلة وذلك بسبب القصور الكبير في النظام القضائي وعدم استقلاليته، وأعربت عن القلق من تعرضها لأي معاملة سيئة أو تعذيب.
مراقبون أشاروا إلى أن اعتقال نور المسلم لم يكن عشوائيا بل كان مخططا له من قبل السلطات التي عملت على الانتقام من لجان الحماية التي عملت على خدمة أبناء “القطيف والأحساء”.
وكانت عدد من حسابات تويتر التابعة لأجهزة المباحث السعودية قد مارست على مدى الشهور الثلاثة الاخيرة دورا تحريضيا تعقبت فيه تغريدات الشابة المسلم وطالبت بمعاقبتها لتعبير عن ٱرائها ومواقفها من قضايا محلية متعددة.
يشار إلى أن الرياض وعلى الرغم من ادعاءاتها ومزاعمها بالإصلاحات وتحسين أوضاع وحقوق المرأة، إلا أنها لا تزال تستهدف الناشطات اللاتي يصرحن بآرائهن المتعارضة لتوجهات النظام في سياق فرض سياسة القمع الممنهج والاعتقال التعسفي بحق النشطاء وملاحقهم بتهم وادعاءات زائفة لتبرير انتهاك حقوقهم أمام الرأي العام العالمي.
ويأتي اعتقال “المسلم” تزامنًا مع انتخاب المملكة كعضو جديد في المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والذي من المقرر أن يبدأ الوفد الأممي أعماله في العضوية الجديدة ابتداءً من يناير 2019،مايضع مزاعم الرياض بتحسين أوضاع وحقوق المرأة حبرا على ورق مقابل استمرارها في استهداف النساء بالقمع والاعتقالات التعسفية على خلفية ممارسة حقهن في تعبير عن آرائهن.
ويكشف نظام آل سعود بانتهاكاته الممنهجة لحقوق الانسان, عن الوجه الحقيقي له بملاحقة من يعبرون عن آرائهم ومواقفهم المخالفة لها, بل حتى الصامتين, حيث إن الصمت دليل على إدانة لعشرات الشخصيات خاصة رجال الدين المعتقلين.