تظهر حقائق أن قمة مجموعة العشرين الدولية برئاسة المملكة العربية السعودية فشلت قبل أن تبدأ في ظل حملات مقاطعة واسعة وتدابير فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد.
وكان الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2019م، موعدا “بهيجا وغير مسبوقا” لنظام آل سعود، عندما استلم رئاسة قمة العشرين لتكون المملكة أول دولة عربية تتولى رئاسة المجموعة.
11 شهرا، سارع خلالها ولي العهد محمد بن سلمان، في سباق مع الزمن؛ لإثبات صورته كـ”شخصية مصلحة ومحدثة في المملكة” التي عرفت بالتزامها الديني وتقاليدها الاجتماعية.
لكن القمة التي عقدت افتراضيا، يومي السبت والأحد الماضيين، شكلت “فشلا مدويا” لنظام آل سعود من جهة، وفشلا آخرا للقمة الدولية.
ورصد “ويكليكس السعودية” سلسلة عوامل أكدت أن قمة العشرين برئاسة المملكة فشلت حتى قبل أن تبدأ.
العامل الأول: أزمة كورونا التي حرمت النظام السعودي من استضافة الزعماء الدوليين، وأخذ صورة جماعية في الرياض، واصطحاب الزعماء بجولة لآخر مشاريع المملكة التطويرية.
وعكست مقاطع فيديو وصور، أحداث غرائب وطرائف خلال القمة التي عقدت عبر النظام المرئي، فيما غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القمة وتوجه للعب الغولف.
العامل الثاني: هجوم منظمات حقوقية ومعارضون سعوديون على نظام آل سعود، وفضح جرائمه الحقوقية والإنسانية داخل المملكة وخارجها.
وأبرز هذه الجرائم: الحرب على اليمن، قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجفي وتقطيع جثمانه في سفارة بلاده بمدينة إسطنبول 2018م، معتقلات الرأي، معتقلي الرأي، الأمراء المعتقلون، القمع التعسفي داخل المملكة، وملاحقة ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري ومحاولة اغتياله في كندا.
العامل الثالث: المقاطعة الدولية للقمة، والتي تمثلت بإعلان منظمات حقوقية ورؤساء بلديات كبرى مقاطعتهم للمؤتمرات التحضيرية للقمة الافتراضية، كما حث الاتحاد الأوروبي دوله الأعضاء على عدم المشاركة في القمة التي تستضيفها الرياض؛ دعما لحقوق الإنسان.
ودعا 45 برلمانياً أمريكياً إدارة الرئيس دونالد ترامب لمقاطعة قمّة مجموعة العشرين ما لم تتّخذ المملكة فوراً إجراءات لتحسين سجلّها في مجال حقوق الإنسان.
وهاجمت الأمم المتحدة وصحف رئيسية عالمية جرائم النظام السعودي وسط دعوات لمقاطعة “قمة العشرين” احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المملكة بحق المعتقلين السياسيين والنشطاء.
وأطلق قائمون على حملة داعية للمقاطعة على القمة اسم “قمة العار” بسبب انعقادها في المملكة.
العامل الرابع: فشل القمة ذاتها – بحسب البيان الختامي- فوعدت مجموعة العشرين بمعالجة قضية الديون في البلدان الفقيرة، لكن من دون الإعلان عن أي اختراق حقيقي في هذه المسألة الملحة، ما يثير استياء المنظمات غير الحكومية.
وسجل البيان الختامي أن القمة فشلت بتحدّيد كيفية عمل هذه الدول على ضمان وصول لقاح فيروس كورونا للجميع، كما لم يحدد آلية لسد العجز التمويلي في جهود مكافحة الفيروس.
كما وعدت مجموعة العشرين بمعالجة قضية الديون في البلدان الفقيرة، لكن من دون الإعلان عن أي اختراق حقيقي في هذه المسألة الملحة.
والتزم البيان الختامي بتطبيق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين وتمديدها إلى حزيران/يونيو 2021، بينما كانت الأمم المتحدة تأمل في تمديد فترة السماح هذه حتى نهاية العام المقبل.
وتجنّب البيان ذكر أي من الإجراءات الأخرى التي طالبت بها الأمم المتحدة والعديد من الدول النامية، ومن بينها اللجوء إلى «حقوق السحب الخاصة» وهو نوع من التمويل طرحه صندوق النقد الدولي لدعم البلدان التي تواجه صعوبات مالية واقتصادية.
ومع انتهاء فعاليات القمة نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مقالا تساءلت فيه عمن تمكن من تقديم الصورة التي يريدها عن المملكة بين الحكومة وناشطين، خاصة في ظل التسليط المتزايد للضوء على انتهاكات المملكة في مجال حقوق الإنسان.
واعتبرت الصحيفة أنه في حين كان هدف الرياض أن تسوق لصورة عن «التحولات» التي طرأت على المملكة منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان لمنصبه، عبر منح حكام الدول فرصة لاختبار التبدلات في طريقة حياة السعوديين لعلهم يتخطون حرب اليمن ومقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وسجن الناشطات في حقوق المرأة والمعارضين، إلا أن النقاد استغلوا الفرصة للتأكيد على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة والضغط على قادة العالم لإحراج الحاكم الفعلي محمد بن سلمان.