تتجاوز تكاليف رحلات الملك سلمان الداخلية عشرات الملايين في الغالب, وتصل رحلاته الخارجية إلى مئات الملايين, أما العطل وسفرات السياحة التي يقضيها في دول اخرى تصل إلى ارقام خيالية. فتصل إلى أرقام خيالية، (سفرته الماضية إلى طنجة تجاوزت تكلفتها 200مليون ريال.
ويتلقى الأخوياء الذين يرافقون سلمان مخصصات مالية تصل 75 ألف ريال, إضافة إلى امتيازات وأعطيات اخرى, في حين تتجاوز تكلفة سهرات الملك وجلسات البلوت شهريا 25 مليون ريال, وتصل مجمل مصاريف الملك شهريا, في حال لا توجد رحلات داخلية أو خارجية نحو 350-400 مليون ريال, عدا الموظفين الأمنيين والعسكريين.
يتكون الفريق المرافق للملك في رحلاته الداخلية والخارجية من 100 شخصية بارزة, عدا الحراسات والخدم والأخوياء, وهم من تشكيلات وتصنيفات مختلفة, يلزموه طيلة سفره, وأحيانا يصطحب أحد هؤلاء أشخاص آخرين, ويصرفون جميعهم عشرات الملايين في الرحلة الواحدة وقد تصل إلى مئات الملايين.
ويتألف الفريق المكلف بالعناية بالملك, ( الاهتمام بملابسه, قص أظافره, الاهتمام ببشرته, ولو شاربه وشعره), من 5 أشخاص, يديرهم محمد بن صالح بن عاطف, يتلقى الواحد منهم راتبا شهريا 100 ألف ريال, بمعنى آخر تكلفة العناية بمظهر الملك (استشاريا) تتجاوز 600 الف ريال شهرياً.
يأتي ذلك فيما تدخل المملكة نفقا مظلما بفعل أزمة اقتصادية حادة.
ونشرت تقارير إن ما يقدر بمليارات الدولارات هربت من السعودية إلى الخارج خلال الأعوام الأخيرة, ونقل تقرير لمعهد التمويل الدولي, ومقره واشنطن, أن نحو 64 مليار دولار خرجت من الاقتصاد السعودي عام2017, بناء على البيانات الخاصة بالربع الثالث من العام, فيما شهد عام 2016 خروج 55 مليار دولار.
ويبدو أن هناك شبه إجماع من مجتمع الأعمال في السعودية وخارجها، أن البلاد تواجه أزمة عميقة على صعيد الثقة الاستثمارية والحصول على قروض من المصارف العالمية، ومن ثم باتت المملكة أمام الاختيار بين مستقبلها الاقتصادي، وبقاء بن سلمان في الحكم.
وسط هذا المشهد المضطرب حول المستقبل السياسي لبن سلمان في ولاية العهد، يواصل الأثرياء تهريب ثرواتهم خارج السعودية. كما تتسارع خطوات إخراج المستثمرين الأجانب لأموالهم من السوق السعودي، إذ رفض معظمهم المشاركة في منتدى الاستثمار السعودي “دافوس في الصحراء”، الذي عقد نهاية الشهر الماضي في الرياض، وسحبت صناديق الاستثمار أموالها من البورصة السعودية، وتتردد البنوك الأجنبية في منح قروض للسعودية رغم ثرائها النفطي.
تترجم هذه الأزمة على الصعيد المحلي في هرب الثروات المحلية من السعودية إلى عواصم المال الغربية. في هذا الصدد، يقدر مصرف “جي بي مورغان” الأميركي في أحدث تقرير، حجم الثروات السعودية التي ربما ستهرب من المملكة إلى الخارج خلال العام الجاري بنحو 90 مليار دولار.
ولكن هذه الأرقام هي التي تمكنت بعض المصارف الاستثمارية من رصدها، وربما يكون الرقم الحقيقي الذي هرب من السعودية يفوق ذلك كثيراً في أعقاب جريمة الاغتيال البشعة للصحافي جمال خاشقجي.
ويتوقع مصرف “جي بي مورغان” الأميركي، أن يتزايد حجم الأموال السعودية التي ستهرب من السعودية خلال هذا العام 2019.
وكانت تقديرات المصرف السابقة في شهر أغسطس/ آب تقلّ كثيراً عن هذه التقديرات، وتقدر بنحو 80 مليار دولار. هذا على صعيد رأس المال الوطني، الذي يقول بن سلمان إنه سيعتمد عليه في خطة التحول من الاقتصاد النفطي إلى الاقتصاد غير النفطي، أي الذي يعتمد على القطاع الخاص.
وحسب تقارير غربية, من بينها ما نشرته وكالة بلومبيرغ, فإن رجال المال في السعودية ومنذ اعتقالات الأمراء وكبار رجال الأعمال في الريتز وتحت مسمى “محاربة الفساد”,
التي نفذها بن سلمان وجمه من خلالها اكثر من 100 مليار دولار تحت التهديد والتعذيب, باتوا يخفون ثرواتهم ولا يشاركون في تمويل مشاريع بالسعودية.
في الوقت الذي تثار فيه أحاديث كثيرة عن أزمة المملكة العربية السعودية مع كندا، فإن التداعيات الاقتصادية المحتملة التي تمت الإشارة لها، غالبًا ما كانت مرتبطة بالتبادلات التجارية بين البلدين.
لذلك تبدو الأزمة عابرة، ومحدودة بحكم أن هذه التبادلات لا تزيد عن 4 مليار دولار.
إن هناك حاجة فعلاً إلى العديد من الإصلاحات المؤسساتية, المصممة لتنويع الاقتصاد السعودي, وجذب الاستثمارات الأجنبة وخلق فرص العمل, من أجل تحرير الاقتصاد المدار مركزياً من قبل الدولة, والذي يعتمد على الموارد النفطية بشكل أساسي, لكن ذلك لا يبدو ممكناً في الوقت القريب, مع نظام يسيطر على الاقتصاد بشكل شمولي, ويراقب حياة الناس اليومية, ويلاحق المستثمرين, ويعتقل الحقوقيين, بالإضافة إلى أنه مستعد لوقف تعاملات تجارية بالمليارات من أجل أزمات دبلوماسية غامضة.
وقد كان المستثمرون يأملون أن تقوم الرياض بهذه الإصلاحات الاقتصادية بالفعل, لكنهم شهروا بالإحباط نتيجة لإجراءات ولي العهد والانتهاكات الحقوقية, فيما تشير هذه السياسات التي اضيف اليها الآن الخلاف مع كندا, إلى أن الدولة تفضل تثبيت وتوطيد سلطة النظام على تحقيق أي إصلاحات قد تساعد على تحقيق تنمية اقتصادية, أو مراقبة الفساد.
وأشارت التقارير إلى أنه مع تراجع عائدات النفط خلال الأعوام الماضية، خفضت الحكومة السعودية من إنفاقها مما أثر على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وقال التقرير إنه في الوقت الذي تخرج فيه رؤوس الأموال من السعودية بسبب اعتمادها على عائدات النفط، يحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحديث البلاد وتنويع مصادر دخلها بعيدا عن التركيز على النفط.
ويضيف أنه من أجل تنمية القطاع غير النفطي في الاقتصاد، ستكون هناك حاجة لدخول رأس المال الأجنبي، ليكون بديلا لعائدات النفط والطاقة.
ويتمثل مسمار العجلة في استراتيجية التنويع التي تريد المملكة العربية السعودية انتهاجها في بيع حصة من شركة النفط أرامكو المملوكة للدولة.
وحسبما ورد في تقارير صدرت مؤخراً عن مؤسسات استشارية ” تعتبر الخصخصة مكوناً مهماً في مشروع التحديث الذي تسير فيه المملكة وليس محاولة يائسة لجمع الأموال”.
وحسب تقرير لمؤسسة يوراسيا للاستشارات السياسية فإن “عملية التخصيص مكون أساسي من جهود التحديث في المملكة، وليس محاولة يائسة لجمع الأموال”.
وإذا بدأت أسعار النفط في الهبوط، لن يكون هذا بالأمر الجيد لعملية خصخصة أرامكو. والأهم من هذا هو إقبال المستثمرين على أسهم الشركة.
وإذا نجح بن سلمان ومستشاروه في بيع حصة من أرامكو، من المرجح أن يشجع ذلك المستثمرين على النظر إلى خطط تحديث الاقتصاد على أنها أكثر من خطط متفائلة.
وقالت يوراسيا إن الهدف الأكبر “هو بناء دعم من أجل خطة ولي العهد للتغيير، وإثارة اهتمام المستثمرين الأجانب بجهود تنويع” الاقتصاد.
ويقول التقرير إنه حتى يحدث هذا النجاح فعليا، من المرجح أن يظل المستثمرون متشككين في الخطط ما سيؤدي إلى استمرار خروج رؤوس الأموال.