أبرز الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة، تعمد السلطات السعودية إقرار قوانين بصياغة غامضة بهدف تكريس القمع وسحق الحقوق.
ونبه الفريق الأممي إلى أن القوانين السعودية التي تم صياغتها بشكل غامض وواسع النطاق قد تكون كذلك لها تأثير رادع على ممارسة الحقوق في حرية الفكر والدين وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وحرية المشاركة في الشؤون السياسية والعامة والمساواة وعدم التمييز.
واستعرض الفريق الأممي مثالا للقمع في المملكة باعتقال السلطات الشيخ محمد حسن الحببيب تعسفيا، وأن ذلك يأتي في سياق الاعتقالات الممنهجة والواسعة النطاق التي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
وفي رأي كان قد تبناه في مارس 2021، ناقش الفريق العامل المعلومات التي وصلته من المصدر حول قضية الشيخ الحبيب، ورد الحكومة السعودية، وانتهى إلى دعوة الأخيرة إلى إطلاق سراحه بشكل فوري وإعطاءه حقه في التعويضات.
ورأي الفريق العامل بين أن قضية الحبيب، تتضمن انتهاكات واسعة، كما أنها تعكس سوء استخدام القوانين وتجاهل الحكومة السعودية للتوصيات والآراء.
والشيخ محمد حسن الحبيب (1964) هو رجل دين من السعودية معروف بتأييد الاحتجاجات ضد التمييز الممنهج في السعودية.
وفي ديسمبر 2012، تم استدعاؤه على خلفية خطبة استنكر فيها الكراهية الدينية ضد الشعية ودعا الحكومة إلى وضع حد للطائفية. أتهم بإهانة القيادات والمراجع الدينية والدعوة إلى الطائفية والتحريض ضد الحكام، واضطر للتوقيع على تعهد بعدم إلقاء الخطابات، وهو ما يعتبر تقييدا لحقه في التعبير.
خلال خطبة ألقاها في 17 يوليو 2015، رداً على التفجيرات التي تم تنفيذها ضد مساجد الشيعة والحسينية في السعودية، ذكر الحبيب كيف تروج المناهج المدرسية لإيديولوجية الكراهية تجاه الشيعة من خلال تصويرهم على أنهم “كفار”، ودعا إلى تعزيز الحوار بين المسلمين.
وفي يوليو 2016، أثناء سفره إلى الكويت تم اعتقاله من قبل عناصر المديرية العامة للمباحث بدون مذكرة اعتقال واقتيد إلى سجن المباحث بالدمام حيث احتجز في الحبس الانفرادي.
ظل الحبيب أربعة أشهر في السجن الانفرادي وحرم من حقه في التواصل مع عائلته كما تعرض خلال هذه الفترة للتعذيب وسوء المعاملة.
وقد حرم من النوم وأجبر على تناول أدوية هلوسة واضطر للبقاء في وضع القرفصاء لمدة طويلة وأجبر تحت التعذيب على التوقيع على إقرارات.
في يوليو 2017 حكمت المحكمة ببراءة الشيخ الحبيب، إلا أن محكمة الاستئناف نقضت الحكم، وفي يناير 2018 حكم عليه بالسجن 7 سنوات.
وفي أبريل 2018 وجهت له تهم إضافية بينها دعم المظاهرات، وفي أغسطس 2019 أضافت المحكمة 5 سنوات على الحكم الأول.
أما في أغسطس 2020 فقد ردت الحكومة السعودية على الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي واعتبرت أن الادعاءات الواردة في البلاغ غير دقيقة وبلا أدلة.
وقالت الحكومة إن الحبيب أتيحت له إمكانية الوصول إلى محام، وأشارت إلى أن المحكمة اتخذت التدابير اللازمة للتحقق من معلومات تعرضه للتعذيب لإكراهه على الاعتراف. واعتبر الرد أنه لا يوجد تمييز بين المواطنين وأن القوانين تجرم التمييز.
وناقش الفريق العامل المعلومات التي وردته من المصدر ورد الحكومة السعودية عليه، وأكد أن عدم تقديم مذكرة توقيف هو انتهاك للقانون الدولي.
كما أشار إلى اجتهاداته السابقة المتعلقة بالسعودية، التي اعتبرت أن أمر التوقيف الذي يصدر عن وزير الداخلية أو أجهزة مفوضة مثل المديرية العامة للمباحث، غير قانوني حيث يجب أن يخضع أمر السجن إلى الرقابة الفعلية من سلطة قضائية.
وأوضح الفريق أن الشيخ الحبيب بقي 100 يوم بمعزل عن العالم الخارجي قبل أن يمثل أمام المحكمة، وأكد أنه تلقى عددا من الشكاوى حول ممارسات مشابهة من قبل مواطنين وأجانب ومقيمين، مؤكدا أن الحبس الانفرادي الذي يفتقر إلى أي أساس قانوني سليم هو تعسفي بطبيعته، لأنه يضع الضحايا خارج حماية القانون ويحرمهم من أي ضمانات قانونية.
الفريق العامل أشار أيضا إلى أن الشيخ الحبيب حكم بموجب المادة 6 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.
وأوضح أن قراراته السابقة كانت قد أكدت أن هذه المادة مصاغة بعبارات غامضة وفضفاضة، في انتهاك لمبدأ اليقين القانوني، وشدد على أن مبدأ الشرعية يتطلب صياغة القوانين بدقة كافية بحيث يمكن للأفراد الوصول إلى القانون وفهمه وتنظيم سلوكهم وفقًا لذلك.