قال معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط إن استحواذ السعودية على نيوكاسل مرتبط بمساعي تحسين الصورة المتضررة.
وأشار المعهد إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حذا حذو جيرانه في دول الخليج من خلال شراء نادٍ أوروبي لتحسين الصورة المتضررة للسعودية بسبب سجلها في حقوق الإنسان.
وقد حذرت “منظمة العفو الدولية” من أن عملية الشراء هي بمثابة “تلميع رياضي” لسجل حقوق الإنسان في السعودية.
وعلى الرغم من أن العديد من صانعي السياسات في الولايات المتحدة قد لا يكونوا على علم، إلا أن كرة القدم كانت موضوعاً بارزاً في الخلاف المستمر منذ سنوات بين قطر والتحالف المنافس، أي المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر.
وتعود الأصول التاريخية لهذه التوترات إلى عقود، وربما قرون، ولكن يمكن القول إن أحد العناصر الرئيسية المحرّضة على الخلاف الأخير كان اختيار الدوحة عام 2010 لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وقد رفع هذا القرار من مكانة قطر – وهي دولة صغيرة كانت قد بدأت لتوها بالبروز كمصدّر رائد للغاز الطبيعي – في الساحة الدولية الأوسع نطاقاً، الأمر الذي أثار استياء الدول المجاورة لها.
وأسفرت التوترات المتزايدة في نهاية المطاف عن قطع كامل للعلاقات الدبلوماسية استمر من عام 2017 وحتى أوائل هذا العام، ويرجع ذلك ظاهرياً إلى دعم الدوحة لـ “الإخوان المسلمين”.
فبالإضافة إلى عرقلة تشييد الملاعب القطرية ودعم المنشآت اللازمة لكأس العالم، يبدو أن الشقاق الذي دام أربع سنوات حفّز الجهود التي تقودها السعودية لإضعاف هيمنة الدوحة على البث التلفزيوني لكرة القدم الذي يحظى بشعبية كبيرة.
وفي السابق، اشترت شبكة قنوات “بي إن سبورتس” الفضائية القطرية حقوق إعادة البث المباشر للمباريات الأوروبية، ولكن شركة “بي آوت كيو” السعودية قامت في النهاية بقرصنة الإشارة، مما مكّن المشتركين من تجنب الدفع لقطر مقابل البث.
ومع ذلك، ربما تكون خطوتان سعوديتان أخيرتان قد غيّرتا هذا المشهد. أولاً، حسمت الرياض نزاعها مع “بي إن سبورتس” لتجنب المزيد من الإجراءات القانونية، وأفادت التقارير أن المحكّمين توسطوا لإبرام اتفاق يدفع بموجبه السعوديون لقطر مليار دولار لتسوية القضية.
ثانياً، أكملت الرياض أخيراً حملتها التي طال انتظارها لشراء “نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم” في وقت سابق من الأسبوع الأول من تشرين الأول/أكتوبر الحالي.
ويُعتقد أن سعر بيع “نادي نيوكاسل” يزيد عن 400 مليون دولار، وهو أعلى من العرض السعودي الذي تم رفضه في صيف 2020. وتمت عملية الشراء عن طريق “صندوق الاستثمارات العامة” في المملكة الذي يترأس اتحاد المالكين الجدد.
ولتبديد الجدل بشأن عملية البيع، زعم “الدوري الإنكليزي الممتاز” إلى حد يصعب تصديقه أن “صندوق الاستثمارات العامة” ليس جزءاً من الدولة السعودية، على الرغم من أن ولي العهد محمد بن سلمان هو رئيسه.
وعلى أي حال، ستبلغ حصة مُلكية “صندوق الاستثمارات العامة” 80 في المائة، وستكون الحصة الباقية من نصيب مستثمرين بريطانيين.
وبالتالي، أصبحت تشكيلة كرة القدم الجديدة في الخليج على النحو التالي: بإمكان الرياض الآن الادعاء بالهيبة المرتبطة بامتلاك نادٍ في “الدوري الإنكليزي الممتاز”، على الرغم من أن “نيوكاسل” يقبع حالياً في منطقة الهبوط كونه لم يحقق أي فوز حتى الآن في هذا الموسم.
وفي المقابل، يحتل “مانشستر سيتي” – المملوك لشقيق الحاكم الإماراتي محمد بن زايد – المركز الثالث في الترتيب، بفارق نقطة واحدة عن النادي المتصدر. وهناك نادٍ آخر مرتبط بالإمارات – وهو “أرسنال”، الذي ترعى ملعبه “شركة طيران الإمارات” – ويأتي ترتيبه في منتصف المجموعة.
كما تملك قطر حصة في نخبة كرة القدم الأوروبية أيضاً، حيث اشترى الأمير تميم فريق “باريس سان جيرمان” الفرنسي في عام 2011 عبر صندوق استثماري حكومي.
وعلى الرغم من موسم “نيوكاسل” السيئ للغاية، إلّا أنه ليس هناك شك في أن المالكين السعوديين الجدد يحظون بتأييد القاعدة الإنكليزية المتحمسة من جماهير النادي.
فبالإضافة إلى الترحيب برحيل المالك المحتقر السابق، الذي قلل من الاستثمار في النادي، يبدو أن معظم المعجبين غير مهتمين بسجل المملكة السيئ في مجال حقوق الإنسان، مما دفع ببعض وسائل الإعلام المحلية إلى وصف عملية الشراء بـ “تلميع رياضي”.
وأشار أحد المساهمين البريطانيين الجدد إلى أن تحويل النادي من ناحية تحسين مرافقه وإعداد فريق فائز سيستغرق خمس سنوات. ومع ذلك، يمكن أن تأتي الفوائد التي تعود على الرياض على نحو أسرع، لا سيّما في تعزيز صورة البيئة الاجتماعية المتغيرة داخل المملكة، وهي جزء أساسي من خطة “الرؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد. وبالتالي، ليس هناك شك في أن محمد بن سلمان سيولي اهتماماً وثيقاً بهذا الاستثمار الأخير.