تحقيق: شركة إسرائيلية تحصل على عقود بالملايين في مشاريع سعودية
باستخدام واجهة سويسرية

كشف تحقيق صحافي عن أن شركة تكنولوجيا المياه الإسرائيلية IDE Technologies تمكنت على مدى سنوات من الوصول إلى أسواق كانت مغلقة أمامها سياسيًا، بما في ذلك السعودية، عبر استخدام شركة سويسرية كواجهة، لتأمين عقود بملايين الدولارات في مشاريع تحلية المياه.
وفقًا للتحقيق، عملت IDE Technologies مع شركة AquaSwiss السويسرية، التي لعبت دور “واجهة” أو علامة بيضاء، لتقديم عروضها في المناقصات العامة في دول لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مثل السعودية وقطر والكويت واليمن وليبيا والجزائر وتونس وأفغانستان وباكستان.
وقد شملت القائمة أيضًا دولًا لم تكن تربطها علاقات رسمية مع إسرائيل قبل توقيع اتفاقيات أبراهام في 2020، مثل الإمارات والبحرين والسودان وعُمان والمغرب.
عقود بملايين الدولارات
من خلال هذه الشراكة، قدمت AquaSwiss العروض نيابة عن IDE دون الإفصاح عن هويتها الإسرائيلية، فيما تولّت IDE توفير التكنولوجيا وتنفيذ المشاريع.
وقد أسفرت هذه الصفقات عن عقود بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لكل مشروع، فيما شملت المشاريع الكبرى محطات تحلية في البحر الأحمر السعودي، ومشاريع في باكستان والكويت وعُمان، معظمها قبل توقيع اتفاقيات أبراهام.
وأكبر هذه المشاريع كان مشروع البحر الأحمر لتحلية المياه في السعودية، حيث منحت شركة “البحر الأحمر الدولية” العقود لشركة ACWA Power السعودية، بالتعاون مع شركة البناء الصينية SEPCO III، في حين حصلت AquaSwiss على عقود هندسة ومشتريات وبناء.
وقد استمرت الشركة السويسرية في أعمال التشغيل والصيانة منذ 2013 وحتى اليوم، بما في ذلك مشاريع في منطقة تبوك بين 2022 و2023، بتمويل يقدر بمئات الملايين من الدولارات.
النزاع يكشف المستور
مؤخرًا، نشأ نزاع بين IDE وAquaSwiss بسبب اتهامات عن قرب إفلاس الشركة السويسرية، ما أدى إلى رفع دعاوى متبادلة أمام المحاكم التجارية والتحكيم في المملكة المتحدة.
وقد كشف هذا الخلاف عن طبيعة العلاقة بين الشركتين ودور AquaSwiss كواجهة للحصول على المشاريع التي كانت مغلقة أمام IDE لأسباب سياسية.
وتتخذ AquaSwiss من زيورخ مقراً لها، وتقدم تقنيات معالجة وتحلية المياه بالتعاون مع شركاء محليين في الكويت والإمارات وقطر ومصر والسعودية وعُمان، بالإضافة إلى دول إفريقية أخرى.
وتوضح وثائق الشركة مشاركتها في مشاريع تحلية المياه الكبرى، بما في ذلك محطات Al-Gharamah وESPAC في السعودية عام 2013، واستمرار أعمال التشغيل والصيانة منذ ذلك الحين، بالإضافة إلى مشروع Red Sea Desalination Plant في منطقة تبوك.
وفي عام 2010، منحت IDE Technologies حقوقًا حصرية لشركة AquaSwiss لاستخدام تقنياتها الحرارية لتحلية المياه، حيث اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة IDE، أفشالوم فيلبر، هذه الخطوة حلاً عمليًا للاستفادة من أسواق كانت مغلقة أمام الشركة لأسباب سياسية.
ومنذ ذلك الحين، استخدمت IDE الشركة السويسرية كواجهة لتأمين عقود بملايين الدولارات، وهو ما عزز من وجود التكنولوجيا الإسرائيلية في المنطقة دون الإفصاح عن هويتها الحقيقية.
آثار اقتصادية واستراتيجية
تمثل هذه المشاريع مثالاً على القدرة الإسرائيلية على التغلغل في الأسواق الإقليمية رغم الحظر السياسي، وهو ما ساعد IDE على توسيع وجودها في الشرق الأوسط وآسيا، وتعزيز الإيرادات من خلال عقود طويلة الأجل.
كما أن التعاون مع شركات محلية وإقليمية أتاح لها تجاوز العقبات الدبلوماسية والسياسية، واستمرار مشاريع تحلية المياه التي تعد حيوية للأمن المائي في المنطقة.
ورغم مرور أكثر من عقد على بدء هذه الشراكة، استمرت الحكومات في التعامل مع AquaSwiss، ما يعكس تغاضي السلطات عن حقيقة التورط الإسرائيلي، وتركيزها على أهمية تأمين إمدادات المياه وحلول التحلية عالية الجودة.
وتظهر هذه القضية كيف تمكنت شركة إسرائيلية من الوصول إلى أسواق كانت مغلقة أمامها سياسيًا، عبر استخدام واجهة سويسرية لإخفاء هويتها، والحصول على عقود بملايين الدولارات في مشاريع حيوية مثل محطات تحلية المياه في السعودية والكويت وعُمان.
كما تكشف النزاعات الأخيرة بين IDE وAquaSwiss عن العمليات الخفية وراء هذه الصفقات والتحديات القانونية المرتبطة بها، ما يسلط الضوء على الطرق المعقدة التي تتبعها الشركات لتجاوز الحواجز السياسية والدبلوماسية في الشرق الأوسط.
وبحسب مراقبين فإن هذه الصفقات ليست مجرد إنجاز اقتصادي، بل تعكس القدرة الإسرائيلية على إيجاد مسارات استراتيجية للتأثير في أسواق إقليمية حساسة، عبر التكنولوجيا والمشاريع الحيوية، مع الحفاظ على مستوى من السرية والواجهة القانونية لضمان استمرار الأعمال دون إثارة الجدل السياسي العلني.




