ألزم الديوان الملكي السعودي، جميع المؤسسات الحكومية والشخصيات الدينية والإعلامية، بالتزام “الصمت” أمام اتفاق التطبيع الرسمي بين الإمارات وإسرائيل مهددا بإجراءات عقابية.
وهدد الديوان الملكي، بحسب تعميم أصدره، الخميس الماضي (إعلان الاتفاق)، جميع المؤسسات والشخصيات الإعلامية والدينية عبر رسائل نصية عاجلة بضرورة التزام الصمت، وأن من يخرج عن ذلك سيهدد بالإجراءات القانونية العقابية.
وكشف مصدر سعودي لـ”ويكليكس السعودية” أن الديوان الملكي أصدر لاحقا تعميما آخر لمدراء المؤسسات الإعلامية والثقافية والكتاب الموالين له بضرورة مراقبة “ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية إزاء إعلان الإمارات التطبيع مع إسرائيل”.
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن ولى عهد أبو ظبي محمد بن زايد، أقدم على إعلان التطبيع الرسمي مع إسرائيل، لحث نظيره، ولى العهد محمد بن سلمان، للحذو حذوه؛ “لكسب المصالح المشتركة في المنطقة”.
ورجح تأجيل بن سلمان إعلان التطبيع الرسمي بين المملكة وإسرائيل؛ نتيجة التوتر الداخلي في الديوان الملكي والعائلة المالكة إثر مرض الملك سلمان بن عبد العزيز وتدهور حالته الصحية، وملفات ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف ومستشاره المقيم في كندا الضابط سعد الجبري.
وأكد المصدر السعودي أن ولى العهد، يتحيز الوقت المناسب والقريب، لإعلان التطبيع الرسمي مع إسرائيل، لافتا إلى أن التطبيع السعودي مع الأخيرة تزايد في عهد بن سلمان وبشكل لافت.
وختم المصدر: “طالما المعارضون لسياسات ولى العهد داخل السجون، فلن يخرج أحد يعارض التطبيع مع إسرائيل”.
وحين سؤاله عن دور الشعب السعودي، رأي المصدر رفيع المستوى، أن بن سلمان أغرقه في ملفات ثقيلة كالضرائب والقروض والبطالة والفقر عدا عن ملفات الفساد كالسينما والغناء وحفلات الرقص والخمور والمخدرات التي تنتشر بين الأوساط العامة.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الهدف الرئيسي لإسرائيل – بعد الإمارات – هو التوصل بالأساس إلى اتفاق مشابه مع المملكة.
وقالت الصحيفة نقلا عن مصدر حكومي: “نأمل أن يؤيد الاختراق في العلاقة مع الإمارات لاحقا إلى تحقيق اختراق مع السعودية. لقد كانت هذه هي خطتنا الكبرى، والتطلع الرئيسي، وهذا يبدو اليوم ممكنا”.
وأضاف: “يجب أن نفهم أن زعيم الإمارات (ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد) مقرب جدا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. خطوة (بن زايد) لتطبيع العلاقات مع إسرائيل كانت بدون شك بالتنسيق مع بن سلمان، لذلك لا يمكن استبعاد إمكانية أن نرى أخيرا تطبيعا للعلاقات مع السعودية”.
وأكد رئيس تحرير صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية “بوعز بيسموط” إفادة مصدر “يديعوت أحرونوت”، قائلا: “حتى لو نفى كل العاملين في هذا المجال ذلك، فإنه يجري العمل على التوصل لاتفاق مع السعودية”.
كما أكد مدير عام الخارجية الإسرائيلية الأسبق “دوري غولد”، مستشار رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” الأسبق، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، أنه في حال تحقق التطبيع الرسمي مع دول الخليج، فإن السعودية ستكون “الجائزة الكبرى”.
ومؤخرا، شن الأكاديمي السعودي سعيد الغامدي، هجوما شديدا على رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أنهما أداة بيد النظام السعودي لتحقيق مآربهم الخاصة في المنطقة وفي مقدمة ذلك التطبيع العلني مع إسرائيل.
وطالب الغامدي، في مقطع فيديو عبر تويتر، تابعه “ويكليكس السعودية”، العالم الإسلامي، بضرورة الضغط من أجل نقل الرابطة والمنظمة من المملكة إلى بلد آخر يهتم بالقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى المبارك.
وقال الغامدي إن رئيس رابطة العالم الإسلامي محمد العيسي “هذا الهولكستي الذي ذهب يتباكى عند الهولوكست وينسج علاقته سرا وعلانا مع اليهود ويتفاخر بذلك”.
وكشف النقاب عن قيام النظام السعودي، مؤخرا، بمصادرة مئات الملايين من “العيسي” لصالح خزينة الدولة، فيما أبقى له الفتات من أجل تنفيذ المشاريع المشبوهة ورعايتها.
وشدد المعارض السعودي على ضرورة قيام الدول الإسلامية بخطوات عملية من أجل نقل رابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي إلى بلد يعتني بالقدس ويهتم بفلسطين ولا يبيعها.
وأكد على ضرورة نزع الشرعية الإسلامية من النظام السعودي الذي يحاول ترسيخ التطبيع كحقيقة ثابتة مع حلفائه في المنطقة ودول “الثورات المضادة” وذلك في إشارة لدولة الإمارات العربية.
واستدرك الغامدي: “للأسف الشديد أضحت الرابطة والمنظمة أدوات مساعدة للتهويد والتطبيع في فلسطين”.
ورأي أن “بقاء الرابطة والمنظمة في المملكة هدفه خدمة نظام آل سعود وليس لخدمة قضايا فلسطين أبدا، بل يسعى آل سعود للخط المعاكس الذى لا يفيد المسلمين، ويسعى أيضا إلى بيع فلسطين وشيطنة الأخوة الفلسطينيين”.
وعدّ الغامدي هجوم الذباب الإلكتروني السعودي على القضية الفلسطينية، نهجا مقصودا وموجها من نظام آل سعود الذي أسكت العلماء الذين يدافعون عن الأقصى، وأقصاهم واعتقلهم في سجونه السرية داخل المملكة.
ويعتقل نظام آل سعود، مئات العلماء والمشايخ في سجون منذ الحملة الشرسة التي استهدفتهم في سبتمبر/ أيلول 2017م.
وكان العيسي روج للحوار مع اليهود وتعزيز التطبيع مع إسرائيل. وقال العيسى خلال مؤتمر نظمته منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، حول قضايا اليهودية ومكافحة اللاسامية: إننا (آل سعود) ملزمون حاليا بإعادة جسور الحوار والبناء مع المجتمع اليهودي.
وتخلل المؤتمر المذكور تقديم اللجنة جائزة للعيسى بزعم تقدير دوره في مكافحته اللاسامية. وادعى العيسى أنه “بينما عاش اليهود والعرب جنبا إلى جنب على مدى قرون، من المحزن أننا ابتعدنا في العقود الأخيرة عن بعضنا البعض .. هناك من يحاولون تزييف التاريخ، من يدعي أن المحرقة وهي الجريمة الأكثر فظاعة في تاريخنا البشر، انها نسج الخيال”.
وتحاول سلطات آل سعود تعزيز التطبيع العربي والإسلامي مع اليهود وإسرائيل خاصة التي تحتل أرض فلسطين وتسيطر على المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين وثالث الحرميين الشريفيين).
ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة، أصبح التطبيع مع إسرائيل يستند إلى خطط سياسية وإعلامية مدروسة، وقطعت آل سعود شوطاً كبيراً في تهيئة الأجواء العربية للتعايش مع مرحلة جديدة عنوانها الأبرز التطبيع الكامل مع إسرائيل.
وتحت ذريعة مواجهة إيران في المنطقة، عزز ولى العهد تقارب بلاده مع إسرائيل، وهو ما أظهرته الدلائل الواضحة خلال العامين الماضيين، التي تشير إلى التقارب السعودي الإسرائيلي، وأصبحت جلية للعلن.
ولعل بداية مؤشرات التطبيع انطلقت في يونيو 2017، عندما أُطلق وسم “سعوديون مع التطبيع”، بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض في 21 مايو من نفس العام.
وقبل وصول ترامب إلى الرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا سيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة، من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات السعودية للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأمريكية.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قبل الزيارة بعدة أيام، تقريراً أشار إلى أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمّة العربية عام 2002، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.
ولعل آخر مؤشرات التطبيع تمت إعلاميا في 26 يناير 2020، مع إعلان إسرائيل السماح لمواطنيها بزيارة السعودية، لأول مرة في التاريخ.
ولم تنفِ المملكة أو تصدر تصريحات على تلك التقارير، وعلى الرغم من أنه رسمياً لا توجد علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل فإن السنوات الأخيرة شهدت تقارباً كبيراً بينهما، وزادت العلاقات بشكل أكبر.