أبرز الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي يحيى عسيري أن المعارضة في ظل وجود القمع والفساد والتخلف هي بوابة الإصلاح.
وكتب عسيري في مقال له “في ديسمبر 2017 وقبل إطلاق مؤتمر المهجر الأول، اتصل بي العزيز جمال خاشقجي رحمه الله وقال (يحيى أرجو ألا تكون مشاركتي في المؤتمر ستصنفني كمعارض، أريد أن أبقى إصلاحي، صحفي، ولكن لا أريد أن أوصف كمعارض، أرجوك).
وقال عسيري “اختلفت مع جمال في مخاوفه من كلمة معارض، ودار نقاش بيننا انتهى بقوله (صحيح اتفق معاك ولكن الكلمة ثقيلة عليّ وفق المفهوم المحلي لها).
وتابع “تذكرت أنني قد سمعت هذه الكلمة عدة مرات، دائمًا ما تتكرر (الواقع كذا، ولكننا سنفعل كذا نزولًا عند فهم الناس).
وذكر عسيري أنه “ينساق ذلك على أمور كثيرة، ليس فقط معنى المعارضة وما تحمله من تبعات ومعاني في مجتمعنا بل غيرها الكثير”.
وأكد أن كثير من المصطلحات وخاصة السياسية منها تُفسر في عالمنا وتفهم بطريقة مختلفة عما هي عليه في أكثر دول العالم.
وتساءل “هل علينا أن نتعامل مع هذا الواقع باستسلام له، وبرضوخ لتعريفات قدمها الاستبداد أو اخترعها الجهل ثم نشرها وطبعها في المجتمع؟”.
وتابع قائلا “أم أن علينا أن نعيد تعريف هذه المصطلحات دون خوف من شيطنة المجتمع أو بعضه، ونجتهد في إنفاق بعض الوقت في توعية الشارع ودعمه معرفيًا بدل مداهنته والرضوخ لما فرض عليه، فنكون نحن معه رهائن للاستبداد، ورأيه وللجهل وما يرسخ؟”.
وشدد عسيري على أنه “علينا ألا نخشى ما يخشاه الشارع إذا لم يكن لديه مبرر حقيقي للخشية، بل علينا أن نتحمل مسؤوليتنا في التصحيح والتصويب ودفع المجتمع للدور الذي يجب أن يقوموا به”.
وأكد أن وجود سلطة في أي مكان ضامنة عدم وجود معارضة يعني بالضرورة انفلات من الرقابة ومن المحاسبة، والرقابة والمحاسبة تعني بالضرورة السماح بقول “لا” وقول “هذا خطأ”.
وقال “عندما يرى المراقب والمحاسب خطأً تقوم به السلطة، وهذا ليس في المجال السياسي فقط، بل فيما هو دون ذلك بكثير”.
وأضاف “من يضمن عدم وجود المراقبة والمحاسبة قد يرتكب الخطأ ثم لا يجد من يعترض عليه ولا من يصحح له، وإذا كان الاعتراض والتصحيح ممنوعًا وعقوباته قاسية فإن صاحب الخطأ قد يرتكب من الفظائع الكثير دون أن يشعر بقبح فعله”.
وتساءل عسيري مجددا “كيف يتم التصحيح في بلدنا وكيف يبدأ الإصلاح وكل منهم على سدة الحكم لا يسمحون للشعب بالمشاركة في إدارة بلادهم، وكأن هذا الشعب لا علاقة له بهذا البلد، ولا يسمحون لهذا الشعب أيضًا حتى أن يقول رأيه في طريقة إدارة بلده”.
وقال “ثم تمادوا أكثر فمنعوا على هذا الشعب أن يعترض أو حتى يشتكي وهو يعاني، ثم قدموا كل من يمدحهم ويشكرهم وأكرموه من خيرات البلاد”.
وأضاف “حرموا وعاقبوا كل من ينتقدهم، فمنحوا لأنفسهم قداسة وجعلوها فوق منزلة البشر (الشعب)، ثم بعد أن حاربوا رأي الناس وحريتهم في قول كلمتهم أسرفوا في الفساد والاستئثار بأموال البلاد لأنفسهم وكأنها ملكهم”.
وأبرز عسيري واقع القمع والإهمال في السعودية “فأصبحنا في ذيل قائمة الدول في الصحة والتعليم والصناعة والزراعة والاختراع والحريات وغيره، وأصبح المواطن يشتكي الحاجة المادية وهو فوق كنوز الأرض”.
وختم “يزداد وطننا تخلفًا وتراجعًا ويزداد القمع والفقر والفساد، فهل يحق لنا أن نعترض؟ أم لا زالت المعارضة محرّمة وتحمل في طياتها ما يُوحي بالريبة ووجوب الهروب من العبارة؟”.