حمل خبراء في الأمم المتحدة سلطات نظام آل سعود المسئولية عن وفاة الأكاديمي الإصلاحي السعودي البارز عبدالله الحامد قبل أشهر، مؤكدين أن سوء معاملته وتكرار احتجازه في العزل الانفرادي قد يكون سبب وفاته.
وأرسل 7 خبراء من الأمم المتحدة، من بينهم المقررة الأممية “آجنس كالامارد” رسالة إلى سلطات آل سعود بخصوص وفاة “الحامد”، معتبرين أنها تتحمل مسؤولية وفاته نتيجة احتجازها له.
وجاء في الرسالة أنه في يناير/كانون الثاني 2020، وبعد سنوات من الإصابة بأمراض قلبية متعددة، تم نقل “الحامد” إلى مدينة الملك سعود الطبية بالرياض، بسبب تدهور صحته، وقال الأطباء إنه سيحتاج بشكل عاجل للخضوع لعملية قسطرة للقلب.
ورغم نصيحة الأطباء، تم إعادته للسجن مرة أخرى وأبلغته إدارة السجن بأنه سيتم تأجيل العملية حتى نهاية مايو/أيار أو أوائل يونيو/حزيران 2020. وتم رفض طلبه بالبقاء في المستشفى، وبعدها تم رفض إجراء العملية له، ولم يتلق العناية الطبية المنتظمة عند إعادته إلى السجن.
ولم يتم النظر في الإفراج المبكر عن “الحامد” في ضوء تفشي كورونا، وكانت المكالمات الهاتفية لعائلته ممنوعة منذ انتشار الفيروس.
وفي 9 أبريل/نيسان 2020، أصيب “الحامد” بجلطة في زنزانته ودخل في غيبوبة، وتم نقله من سجن الحائر إلى وحدة العناية المركزة في مدينة الملك سعود الطبية حيث ظل في حالة حرجة لأكثر من أسبوعين، إلى أن توفي في 23 أبريل/نيسان 2020.
ولقي الخبر إدانة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي ومن قبل المنظمات الحقوقية الدولية التي نعت “الحامد” ووصفته بـ”البطل الذي لا يعرف الخوف”.
وكان “الحامد” -وهو أحد مؤسسي مشروع “حسم” الإصلاحي بالسعودية- قد اعتقل في مارس/آذار 2013 وحكم عليه بالسجن 11 عاما، من دون توضيح أسباب الحكم.
وعبر الخبراء الأمميون عن قلقهم الشديد من الاحتجاز التعسفي لكل من الناشطات “لجين الهذلول”، و”نسيمة السادة”، و”سمر بدوي”، و”نوف عبدالعزيز”، و”مياء الزهراني”، خاصة في ظل جائحة “كورونا”.
والراحل كاتب وشاعر وترك وراءه تراثا من الكتابات، حول كيفية تحقيق الإصلاح والحقوق المدنية ضمن الإطار الإسلامي وفي ظل ملكية دستورية.
ولعل أبرز أقواله للجيل الشاب: “لا تخافوا من السجن”، خاصة بعد زيادة الوعي بضرورة الحصول على حريات أوسع في ظل انتشار الإنترنت داخل المملكة.
ورفض الحديث مع الإعلام الأجنبي خشية اتهامه بتلقي الدعم من الدول الخارجية.
وكتب الحامد وقت اعتقاله: “للشاكين والقلقين لو تم سجننا فهو انتصار عظيم للمشروع ومن السجن تضاء الشموع”.
وأجبر الكثير من أصدقاء عبدالله الحامد في المملكة على الصمت وعدم التعليق على وفاته علنا خشية من التداعيات. وجاء نعي نادر من عبد العزيز الدخيل نائب وزير سابق وكان من الموقعين على عريضة 2003: “الرجل الذي ظل وفيا لبلده رحل ولكنه لم يغادر قلوب الأوفياء للبلد ويؤمنون بتقديم النصيحة والمشاورة بدون خوف أو مصلحة”.
وبحسب منظمة إفدي الدولية لحقوق الانسان، سابقا، إن وفاة الحامد في معتقله، جريمة جديدة تنضاف إلى سجل نظام آل سعود الحافل بالانتهاكات.
وقالت إن “ما قامت به سلطات آل سعود في حق عبد الله الحامد هو في نظر قواعد القانون السعودي والدولي جريمة قتل خارج نطاق القضاء، تستدعي فتح تحقيق عاجل مع ترتيب المحاسبة”.
ودعت المنظمة الدولية إلى إنقاذ ما تبقى من معتقلي ومعتقلات الرأي ممن يعانون من حدة الإهمال الطبي مثل الدكتور موسى القرني الذي تعرض لجلطة دماغية تسببت في دخوله الى مستشفى الأمراض العقلية حيث يقبع حالياً، ناهيك عن الظروف اللإنسانية لباقي المعتقلين الآخرين.
وتهدد التصفية الجسدية معتقلي الرأي لاسيما من الرموز الوطنية المعروفة وبينهم دعاة وناشطي حقوق إنسان بارزين في سجون آل سعود بفعل الإهمال الطبي والإيذاء النفسي الممنهج.
كما تفرض سلطات آل سعود تعتيما على أوضاع كثير من المعتقلين، في حين تتسرب أنباء عن تدهور صحة العديد منهم أو تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وأطلق مغردون حملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي لاسيما موقع تويتر تحت وسم #الاهماليقتلالمعتقلين الذي تصدر الترند تنديدا بانتهاكات نظام آل سعود لحقوق الإنسان والإهمال الطبي بحق معتقلي الرأي.
وشارك آلاف المغردين في الحملة محذرين من أن الإهمال الطبي الذي قتل مؤخرا الناشط الحقوقي البارز عبدالله الحامد يهدد عشرات معتقلي الرأي في سجون آل سعود بنفس المصير بفعل جرائم سلطات النظام بحقهم.
يأتي ذلك فيما كشف حساب معتقلي الرأي أن إدارات سجون نظام آل سعود تلقت مؤخراً تعليمات باستهداف عدد من معتقلي سبتمبر 2017 عبر سياسات الإهمال الصحي بما يشمل منع صرف الدواء اللازم للمرضى منهم (حتى المُسكنات) ومنع التشميس والرياضة.
كما أن إدارات بعض السجون قللت زمن اتصال عدد من المعتقلين (خاصة معتقلي سبتمبر) بعائلاتهم إلى مدة الدقيقة والدقيقتين فقط، كما أنها تهدد آخرين بفعل الشيء ذاته معهم.
وحذرت أوساط حقوقية من مخاطر حرمان الشيخ إبراهيم اليماني عمداً من مقابلة الطبيب أكثر من مرة مؤخراً رغم حاجته الماسّة لفحص طبي حيث أنه مريض سكري وضغط.
فضلا عن ذلك فإن الضابط زايد البناوي من معتقلي سبتمبر المرضى، يعاني من مرض السرطان وهناك مخاوف حقيقية على حياته في حال استمرت السلطات باعتقاله من دون نقله إلى المستشفى حيث يحتاج لتلقي الرعاية اللازمة.