حقوق الإنسان في السعودية-في 23 نيسان/أبريل الجاري حلت الذكرى السنوية الأولى للمجزرة الجماعية التي نفذها نظام آل سعود بإعدام 37 شخصا.
الإعدام الجماعي الذي طال سجناء، تم اعتبار بعض أنشطتهم المشروعة كالمشاركة في المظاهرات والمطالبة بالحقوق، بمثابة جرائم، أظهر الوجه الكاذب والمخادع لكافة الوعود الرسمية السعودية بتحقيق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، أو تخفيف أحكام الإعدام، لاسيما الوعد الذي أطلقه ولي العهد محمد بن سلمان بتقليل الإعدامات إلى حدود دنيا.
وقالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إنها وثقت انتهاكات بحق عدد من ضحايا المجزرة، بدأ من لحظة الاعتقال التعسفي، مرورا بالتعذيب وسوء المعاملة خلال التحقيق، وصولا إلى محاكمات لاتفي بالحد الأدنى من شروط العدالة، وحرمان من الإستعانة بمحام في مراحل التحقيق، وإصدار أحكام إعدام تعسفية وتنفيذها بشكل سري.
وأظهر توثيق المنظمة الأوروبية السعودية أن من بين تهمهم، كان هناك تجريم لممارسات مشروعة، كالمشاركة في مظاهرات وترديد هتافات مناوئة للحكومة، كما وجدت تهم أخرى جنائية أو تهم بالعنف، ولكن جميعهم خضعوا لنظام قضائي معيب وغير مستقل، يبتعد بشكل كبير عن شروط المحاكمات العادلة، هذا فضلاً عن إجبارهم على التوقيع عليها تحت وقع التعذيب.
وكان من بين هؤلاء الشبان، ستة قاصرين، توزعوا بين من كان قاصراً وقت الإعتقال، أو كانت تهمه المزعومة تعود لعمر ما قبل بلوغه 18 عاما تعرضوا جميعهم لانتهاكات عديدة من بينها التعذيب وسوء المعاملة.
إلى جانب الشبان، كان هناك 11 مواطنا اتهمتهم حكومة آل سعود بالتجسس لصالح إيران. وقد وثقت المنظمة الأوروبية السعودية في عدة تقارير، افتقار محاكماتهم لشروط العدالة، وتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وحرمانهم من الحق في الدفاع عن أنفسهم في المراحل السابقة عن المحاكمة، كما أنهم لم يمنحوا التسهيلات اللازمة للاستفادة من المحامين بعد بدء المحاكمة، كما تم استهداف السيد طه الحاجي الذي كان أحد المحامين، واضطر للهجرة من البلاد تجنباً للاعتقال.
وعلى الرغم من أن جرائمهم ليست من الأشد خطورة في القانون الدولي، وبعضهم لم تتضمن تهمه علاقة بالتجسس، وكثير من تهمهم كذلك كانت في الأصل حقوقا مشروعة وليست أفعالاً مجرمة، إلا أنهم أعدموا.
لم تتمكن المنظمة الأوروبية السعودية من توثيق بعض قضايا من أعدم في أبريل 2019، وقد كان من بينهم خالد حمود جوير الفراج، الذي عرض له إعلام السعودية في وقت سابق مقابلة. لا يمكن الوثوق في المسار الذي تتخذه المحاكمات في السعودية وافتقاد النظام القضائي لصفات العدالة، وفي ظل غياب محاسبة فعلية للمنتهكين، تتزايد الشكوك من إمكانية الحصول على محاكمة عادلة لأي متهم.
لم تنته معاناة أسر الضحايا عند إعدامهم. فبعد أن اعتقلتهم الحكومة تعسفاً وعذبتهم واخضعتهم لمحاكمات جائرة، وأخيرا أعدمتهم، أضافت الحكومة إهانة أخرى إلى الضحايا بحرمانهم من الحق في أن تدفنهم عائلاتهم.
لم تعد حكومة آل سعود حتى الآن جثة واحدة لضحية من ضحايا مذبحة أبريل. حرموا من حقهم في دفنهم بشكل سليم، وحرمت عائلاتهم من حقوقهم الخاصة في الحزن والوداع.
عام على المجزرة، ولاتزال العدالة مُقصاة، ومعاناة ذوي الضحايا التي بدأت منذ الاعتقال مستمرة لما بعد الإعدام. وفيما ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن العلاج في هذه المرحلة متعذر، حيث يبقى الاعدام عقوبة لا يمكن تصحيحها.
واكدت المنظمة الحقوقية على ضرورة إعادة جثث المقتولين إلى أسرهم، ليتمكنوا من ممارسة حقهم في دفن أحبائهم.
وطالبت بالتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات أمن نظام آل سعود ضد ضحايا المجزرة، بما في ذلك مزاعم موثقة بالتعذيب وسوء المعاملة، وإلغاء أي أحكام جديدة يتبين أنها صدرت بعد محاكمات جائرة.
ودعت المنظمة الحقوقية إلى محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والمحاكمات الجائرة، وتقديمهم إلى العدالة.
وأكدت أن المؤسف أيضاً في هذه الذكرى، أن شهية نظام آل سعود للإعدامات لاتزال في أوجها، فبعد بلوغها رقماً قياسيا في 2019 بواقع 185 إعداما، يوجد حاليا بحسب آخر تحديث للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 52 معتقلاً يواجهون عقوبة الإعدام في السعودية في مراحل مختلفة من التقاضي بما في ذلك 13 قاصرًا، يخضعون لمحاكمات جائرة وتقع عليهم انتهاكات متعددة فضلاً عن تعرض كثير منهم لجريمة التعذيب على يدي الأجهزة الرسمية بهدف الإكراه على أقوال محددة، في ظل تواطؤ من القضاء لعدم إنصافهم.