تكشف الحقائق بشأن الفائض المعلن في ميزانية السعودية 2022 أنها ستحمل ضرائب أكثر على المواطن في المملكة وتستهدف المزيد من الدعاية لسياسات لولي العهد محمد بن سلمان.
وروجت أوساط بن سلمان إلى تحقيق فائض في ميزانية 2022، وانبرى الإعلام الرسمي بالتمجيد والثناء على “الملهم” بن سلمان، مقابل كلام كثير من الصحافة العالمية عن مغالطاتٍ وتضليلٍ تمّت ممارسته.
إذ تظهر أرقام وإحصائيات المؤسسات الحكومية فقط دون الرجوع لتحليلات الصحف الأجنبية أنه فمنذ العام 2000 إلى عام 2014 (15 عامًا)، سجلت المملكة عجزًا في الميزانية 4 مرات فقط (2001، 2002، 2009، 2014).
فيما سجلت المملكة عجزًا متواليًا لـ 7 سنوات (من 2015- 2021) خلال فترة حكم الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد.
ووجود عجز أو فائض في ميزانية المملكة، لا يرتبط فقط بسياسات الحكومة الاقتصادية، بقدر ما يتأثر بأسعار النفط، الذي يُعتبر الركيزة الأساسية لإيرادات المملكة.
ولكن، مع إطلاق بن سلمان لرؤية 2030، وادّعائه بتقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل، ظهر التحدي الجديد.
ومع هذا التحدي، ظهر التضليل والكذب وتطويع الأرقام لإظهار نجاح رؤية 2030، وآخر ذلك الافتخار والتطبيل بـ “توقّع” وجود فائض في ميزانية 2022 (بعد سبع سنواتٍ عجافٍ)، وأن هذا الإنجاز جاء بفضل “الرؤية الملهمة”.
وتظهر نظرة سريعة لأرقام الميزانية لـ 2022، أن الفائض المتوقع ناتج عن تخفيض النفقات الحكومية أكثر من كونه ناتجًا عن زيادة الإيرادات.
فمثلًا، نفقات 2019، كانت 1.059 مليار ريال، لتصبح 955 مليار ريال في 2022، بفارق (104 مليار)، رغم أن الفائض المتوقع 90 مليار ريال فقط.
وتخفيض النفقات يعني تقليل المشاريع الاستثمارية أو إبطائها وتقليل فرص التعيين والذي سيتضرّر منها المواطن بالدرجة الأولى.
بالمقابل، لا يوجد زيادة واضحة على الإيرادات (رغم ارتفاع أسعار النفط العالمية لأعلى مستوياتها منذ 7 سنوات). وتم تقسيم الإيرادات النفطية وغير نفطية.
والإحصائيات التي أوردتها وزارة المالية حول الإيرادات، تُظهر ارتفاع نسبة الواردات غير النفطية من 10% في 2010، إلى 40% في 2021، وهذا يعني تقليل الاعتماد على النفط!
هذا هو التحليل الظاهري للموضوع، ولكن ثمّة تساؤل من أين أتى ارتفاع نسبة الواردات غير النفطية؟ والجواب هو من جيب المواطن!.
إذ بينما استمرت أرقام الإيرادات غير النفطية وغير الضريبية في الانخفاض أو المراوحة في مكانها في أحسن الأحوال، منذ إطلاق رؤية 2030، ما بين 168 مليار ريال في 2017 إلى 78 مليار ريال في 2021.
ارتفعت قيمة الضرائب 340% لنفس الفترة، من 87 مليار ريال في 2017، إلى 295 مليار ريال في 2021.
وهذا الارتفاع الكبير في نسبة الضرائب 340%، والناتج من تزايد الضرائب بمختلف أنواعها كضريبة القيمة المضافة والبالغة 15% وضريبة الدخل، مع فرض مزيد من الغرامات والمخالفات والتي أثقلت كاهل المواطن، هو الذي زاد نسبة الإيرادات غير النفطية، وليس تنوّع الاقتصاد يروّج لذلك بن سلمان.
الاحتياطات الحكومية في البنك المركزي السعودي هبطت على مدار أربع سنوات، فبعد أن كانت 470 مليار ريال في 2019، هبطت لـ 359 مليار ريال في 2020، ثم 350 في 2021، مع “توقعات” بأن تصبح 381 مليار ريال في 2022، أي أقل بـ 90 مليار عن عام 2019، (حسب بيان الميزانية العامة لعام 2022).
بالمقابل، زاد الدين العام بنسبة 27% خلال نفس الفترة، من 678 مليار ريال في 2019، إلى 938 مليار ريال في 2021، مع “توقعات” بثباته خلال العام الحالي، (حسب بيان الميزانية العامة لعام 2022).
وفي التحليلات الاقتصادية، لا بد من احتساب فرضيات مختلفة تتراوح بين أعلى توقعات الربح وأدناها.
ولكن ميزانية 2022:
-اعتمدت السيناريوهات المتفائلة، رغم وجود سيناريوهات أخرى
-أغفلت تأثير تقلبات سعر النفط ومتغيّراته
-تغافلت عن احتساب المخاطر المحتملة بتراجع الإيرادات المتوقعة.
والأرقام التي تم إعلانها حول فائض ميزانية 2022 ( وإن كانت مجرد توقعات متفائلة)، إلا أنها مضللة.
فقد أغفلت جانب الاعتماد المتزايد على الضرائب المختلفة والتي سيتحملها المواطن، كما أنها قللت النفقات، واعتمدت أسعار عالية لبيع النفط، ولم تراعِ سيناريوهات تقلب أسعار النفط.
ما تم الاحتفال به كـ “إنجاز اقتصادي” لابن سلمان بتوقع تحقيق فائض في الميزانية، مجرّد احتفال ببداية السباق وليس الفوز فيه!
ولا ننسى الاقتراضات المتكررة من صندوق الاستثمارات العامة لتمويل مشاريع رؤية 2030، والتي تؤكد معطيات الواقع أن اغلبها لن يتم تحقيقه إلا في أحلام بن سلمان.