عبّر مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة عن قلقهم من الحملة الواسعة التي السلطات السعودية ضد نشطاء حقوق الإنسان ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي واستهدافهم من خلال مراقبة حساباتهم على مواقع التواصل.
والرسالة التي أرسلت إلى السعودية في مارس 2024، وقع عليها كل من المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء.
وأبرز الخبراء المعلومات التي وصلتهم بشأن المضايقات القضائية والإدارية المتواصلة وتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان، وبينهم لجين الهذلول الممنوعة من السفر، ومريم العتيبي التي وجهت لها تهم وصدر بحقها حكم بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، فيما يتعلق بممارستها لحقها في حرية الرأي والتعبير.
وأشارت الرسالة إلى أن لجين الهذلول، 35 عامًا، هي مدافعة عن حقوق الإنسان وناشطة معروفة بدعمها لحركة قيادة المرأة، ومعارضتها لقوانين ولاية الرجل في السعودية.
في 28 ديسمبر 2020، بعد أكثر من عامين من الاحتجاز السابق للمحاكمة، حُكم على الهذلول بالسجن لمدة سنتين وعشرة أشهر بتهمة التواصل مع جهات أجنبية معادية وتقديم الدعم المالي لها.
وقد أُطلق سراحها من السجن في 10 فبراير 2021. كجزء من حكمها، فُرض عليها أيضًا حظر سفر بعد إطلاق سراحها لمدة سنتين وعشرة أشهر. وفقًا لهذا الحكم، كان يجب أن ينتهي حظر السفر ضدها في 12 نوفمبر 2023.
في 14 نوفمبر 2023، زارت الهذلول مكتب الجوازات في الرياض للاستفسار عن وضع سفرها ولتأكيد رفع حظر السفر. قال الضابط المسؤول إنه لا يملك المعلومات المطلوبة.
وفي 16 نوفمبر 2023، حاولت الهذلول عبور الحدود السعودية البحرينية لكنها أوقفت من قبل ضباط الحدود السعوديين الذين أبلغوها بأنها تخضع لحظر سفر بدون تاريخ انتهاء. في 25 نوفمبر 2023، قدمت الهذلول شكوى حول حظر السفر ضدها إلى هيئة حقوق الإنسان السعودية.
في 2 ديسمبر 2023، وبناءً على توصية من هيئة حقوق الإنسان، قدمت السيدة الهذلول شكوى عبر البريد الإلكتروني إلى رئاسة أمن الدولة من خلال ديوان المظالم. لم تتلق ردًا حتى الآن.
كما تلقت مكالمة هاتفية من هيئة حقوق الإنسان في نفس اليوم تطلب منها إرسال تفاصيل قضيتها، بما في ذلك نسخة من بريدها الإلكتروني إلى رئاسة أمن الدولة ورقم ملف قضيتها في ديوان المظالم. أرسلت المعلومات المطلوبة ولم تتلق حتى الآن أي رد.
في 21 فبراير 2024، زارت السيدة الهذلول مكتب الجوازات في الرياض وأُبلغت بأن هناك حظر سفر جاري ضدها لكن لم يتم تقديم أي معلومات إضافية.
من جهتها مريم العتيبي كانت تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي في حملة ضد وصاية الرجل. في 17 أبريل 2017، اعتُقلت العتيبي بعد أن قدم والدها شكوى بأنها غادرت المنزل بدون إذن، وفي 31 يوليو 2017، أُطلق العتيبي، وفقًا للتقارير، دون إذن والدها.
جددت العتيبي جواز سفرها في 2019، بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في السعودية في أغسطس من نفس العام، مما يسمح للنساء فوق 21 عامًا بالحصول على جوازات سفر والسفر إلى الخارج بدون موافقة ولي الأمر.
في 11 فبراير 2022، نشرت مقطع فيديو على حسابها في تويتر تصف فيه أنها اشترت تذكرة للسفر إلى الخارج واجتازت إجراءات تسجيل الوصول في المطار، إلا أنها أوقفت من قبل موظفي المطار قبل ركوب الطائرة، الذين أبلغوها بأنها ممنوعة من السفر بأوامر من رئاسة أمن الدولة.
لاحقا نشرت فيديو وأشارت إلى أنها قدمت شكوى إلى مكتب ولي العهد، وزارة الداخلية، جهاز أمن الدولة، ووزارة العدل. لم تتلق أي رد على هذه الشكاوى.
في 31 مايو 2022، استُدعيت العتيبي للمثول أمام المحكمة الجنائية بالرياض، برفقة محاميها، لمواجهة تهم بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية فيما يتعلق بشكواها على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن حظر السفر الذي ادعت أنه صدر من الدولة.
في 22 يونيو 2022، أُدينت العتيبي من قبل المحكمة الجزائية بالرياض بتهمة “إعداد وتخزين وإرسال مواد تمس بالنظام العام” بموجب المادة 6 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2007. حُكم عليها بالسجن لمدة أربعة أشهر وغرامة مالية، وأُمر بمصادرة هاتفها المحمول وإغلاق حسابها على تويتر.
المقررون الخاصون أشاروا إلى أنه تم استهداف النساء بشكل خاص، ضمن حملة السعودية الواسعة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ومستخدمي وسائل التواصل.
وأوضحوا أنه تم تشريع هذا الاستهداف من خلال تشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2007، حيث تُجرم المادة 6 منه “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، او القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
وأشارت الرسالة إلى أن ذلك يفرض عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات عند انتهاك هذه القوانين، وأن ذلك يستخدم لقمع الحوار النسوي أو السياسي عبر الإنترنت وهو ما يشكل انتهاكا مباشرا لحق حرية التعبير.
من جهتها أبرزت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن ما تتعرض له الناشطات في السعودية هو الصورة الحقيقية للتعامل الرسمي مع ملف حقوق المرأة.
وأكدت أن منع السفر والملاحقة على خلفية التعبير عن الرأي إلى جانب تجاهل الشكاوى التي ترفع إلى الجهات المعنية يؤكد مضيها في التضييق على النساء.
وشددت المنظمة على أن رسائل المقررين الخاصين المتتالية إلى الحكومة السعودية تقابل برد رسمي يحاول تضليل المجتمع الدولي، والترويج لمعلومات في سياق حملات غسيل الصورة التي تقودها.