تحت عنوان “لا تمدحوا الرياض على الإصلاحات – ساعدوا النساء اللاتي حاربن من أجلها”، كتبت صحيفة الغارديان البريطانية أن حقوق المرأة في المملكة محدودة للغاية، وما زالت الناشطات اللائي حاربن من أجل مثل هذه التغييرات يدفعن ثمنا باهظا.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن التغييرات الأخيرة في المملكة بشأن قانون الولاية على المرأة “هي إصلاحات طال انتظارها، ولكنها تبقى شكلية إن لم يرافقها المزيد”.
وأضافت الصحيفة: إن “الفضل في حصول المرأة السعودية على هذه الحقوق يرجع لنساء يقبعن في السجون ناضلن طويلاً من أجل هذه الحقوق، وإن محمد بن سلمان لا يستحق الثناء”.
وأكدت الصحيفة أن بن سلمان لا يستحق الثناء على الإصلاحات لوضع المرأة في المملكة، وأنه يقوم بذلك لأغراض دعائية، فيما يتم سجن مناضلات سعوديات من أجل حقوق المرأة، وأنه يجب القيام بكل ما يمكن لتحريرهن، من السجن، حيث يتعرضن للتعذيب، مثل لجين الهذلول، وغيرها.
وأن هذه الإجراءات ليست إلا ضمن خطة محمد بن سلمان، لإقناع العالم -خصوصا المستثمرين المحتملين– أن هناك في الرياض قيادة نشطة وتقدمية، بدلا من النظام الاستبدادي الذي قاد حربا مروعة لا طائل منها في اليمن، والمسؤول عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، والذي ما زال يحتجز عددا من الناشطات.
كما أن الرياض تحرص على وضع حد للإحراج الذي تسبب فيه طلب سعوديات اللجوء في دول أخرى بعد فرارهن من البلاد، وقولهن إن هذا كان السبيل الوحيد للنجاة والتحرر من القيود المفروضة عليهن في المملكة.
وشددت الصحيفة على أنه لم يكن من المصادفة أن تحتجز سلطات آل سعود الناشطات من أجل حقوق المرأة قبل فترة وجيزة من رفع القيود المفروضة على قيادة المرأة للسيارة.
واعتبرت أن سلطات آل سعود أرادت باعتقالهن –والتعذيب الذي يُعتقد أن بعضهن تعرضن له وهن قيد الاحتجاز– إرسال رسالة واضحة للسعوديات وحتى للسعوديين، هي أن “الحريات لا تُطلب كحق، وإنما تُقبل بامتنان حين يقرر من بيدهم المسؤولية منحها”.
وتختم الغارديان افتتاحيتها بالقول إن ولي العهد لا يستحق أي امتنان على إجراءاته الأخيرة، وإذا كان هناك من يستحق نسبة الفضل له فهن النساء المعتقلات في سجون آل سعود، اللائي مازلن يعانين من الاعتقال.
ورغم محاولات محمد بن سلمان أن يقود الحقبة الجديدة التي يطلق عليها “سياسة الانفتاح” في البلاد بسلاسة، فإنّ سجونه مليئة بالنشطاء خصوصاً السيدات اللائي طالبن بإلغاء قانون الولاية قبل ذلك، وهو ما يؤدي إلى الاستنتاج أنّ ما تسمى بالإصلاحات ليست إلا عنواناً عريضاً تختفي تحتها الكثير من القضايا.
وذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها عام 2017، أنه “على مدار عام تقريباً نظمت النساء بالمملكة حملات لإلغاء نظام ولي الأمر، حيث أعددن هاشتاغات على (تويتر) ظلت رائجة لشهور، وكتبن مقالات تنتقد مختلف جوانب نظام ولاية الأمر، ونشرن شهادات شخصية مُسجلة بالفيديو حول آثار ولاية الأمر على حياتهن، كما أعددن ووزعن أعمالاً فنية حول الموضوع”.
وأضافت: إنه “في سبتمبر 2016 أعدّت نساء سعوديات وسلمن عريضة وقع عليها أكثر من 14 ألف شخص تطالب الملك بإلغاء نظام ولاية الأمر”.
لكن الذي حصل أنّ الكثير من الناشطات السعوديات اعتقلن من قبل السلطات، وبعضهن لم تنته محاكماتهن حتى الآن، حيث كن يطالبن بإلغاء قانون الولاية، كما أنّهن يحاكمن بتهم عديدة منها التحدث إلى الصحافة الأجنبية، والتراسل مع منظمات حقوقية دولية.
وفي منتصف مارس الماضي، بدأت محاكمة ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة للمرة الأولى في تاريخ المملكة.
وتحدث النائب العام بالمملكة، العام الماضي، عن أن الناشطات اعتُقلن للاشتباه في إضرارهن بمصالح المملكة وتقديم الدعم لعناصر معادية في الخارج.
تلك الاعتقالات، وحديث الناشطات عن تعرضهن للتعذيب بشكل مهين للغاية، بحسب العفو الدولية، أدت لتصاعد الانتقادات من قبل الدول الغربية والمنظمات الحقوقية تجاه المملكة وسياسة ولي عهدها الذي يدفعها نحو التغيير الجذري اجتماعياً ودينياً في غياب كامل لأي إصلاحات سياسية ترقى بالبلاد.