صحيفة بريطانية: محمد بن سلمان زعيم مغرور وفاشل
وصفت صحيفة “التايمز” البريطانية، ولى العهد محمد بن سلمان، بـ “الزعيم المغرور والفاشل”، وقالت إنه ليس بمقدوره أن يكون قائد حرب في اليمن وزعيما ومصلحا قادرا على تحقيق التغير في المملكة.
وتوقعت الصحيفة مستقبلا قد ينتهي ببن سلمان كإمبراطور مصاب بجنون العظمة، مثل إمبراطور جمهورية أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا.
وذكر الكاتب روجر بويز، في مقاله بصحيفة “التايمز” أنه عندما يرحب بالقادة المستبدين ويروج لهم بوصفهم شخصيات جذابة، فهذا يعني من دون شك أنهم سعوا إلى إسكات النقاد وكاشفي الفساد وكل من يمكن أن يقف في وجه صعودهم لتصدر المشهد.
ونبه بويز إلى أن “بن سلمان” الوريث المفترض لعرش المملكة التي تعيش تحت وطأة اضطرابات، استطاع ولو لفترة وجيزة أن يبدو كحليف مقرب للغرب، لكن سرعان ما كشف عن قسوة شديدة وهو يحاول تعزيز سلطته في الداخل والخارج.
أما الآن -كما يرى الكاتب- فإن بن سلمان يواجه تحديا حقيقيا في ظل تراجع عائدات النفط وتفشي فيروس كورونا والركود العالمي مما يجعله أمام خيارين أحلاهما مر: هل يستمر في الحرب المدمرة التي لا يمكن تحقيق الفوز فيها في اليمن؟ أم يتخلى عن طموحه ببناء مدينة ضخمة حديثة مطلة على البحر الأحمر؟
ولاحظ الكاتب أنه لا يمكن للأمير السعودي الحصول على كل شيء في الوقت ذاته، فلا يمكنه الموازنة بين أن يكون قائد حرب وزعيما قاسيا ومصلحا قادرا على تحقيق التغيير، لأنه لم يعد هناك ما يكفي من المال لطمس التصدعات والشقوق التي تعاني منها بلاده.
وأضاف أن ولي العهد ربما كان يعتقد أنه يستطيع إنقاذ وتجديد بيت آل سعود عندما يموت والده (الملك) لكن طموحه المفرط سينتهي به، بدلاً من ذلك، إلى تهميش المملكة.
وتمكن بن سلمان الابن من الصعود إلى السلطة قبل ثلاث 2017 سنوات بعدما استدعى ولي العهد السابق محمد بن نايف إلى قصر الملك ليجري مقابلة مع بعض أتباع بن سلمان الذين نزعوا سلاح حراسه.
وفقا -لما جاء في كتاب جديد لمراسل نيويورك تايمز “بن هوبارد”- وقد احتجز الأمير بن نايف في غرفة حتى يتخلى عن منصبه.
وبحسب الكتاب فإن بن نايف صمد بعض الوقت أمام ضغوطات بن سلمان، لكن حرمانه من النوم والطعام والدواء جعله يرضخ لرغبة ابن الملك الذي قام بعد ذلك بتجريده من سلطته بشكل منهجي، حيث عزله من منصب وزير الداخلية، وجمد أصوله وحصره في قصره المطل على البحر في جدة، قبل أن يعتقله.
وأشار المقال إلى أنه بفضل هذه الخطة تمكن بن سلمان من تحقيق الانتصار في لعبة العروش. لكن التحرك ضد ابن عمه وابتزازه للعديد من أقاربه الأثرياء جعله يكون بمجموعة كبيرة من الأعداء الذين ينتظرون فشله.
وأكد بويز أن خطة بن سلمان ستتمحور حول إنشاء قاعدة نفوذ مستقلة قبل وفاة والده، وأنه سيعمل على إظهار قوته لأعداء السعودية لا سيما إيران. كما سيسعى إلى أن تكون جميع الإصلاحات المحلية وفقا لرغبته وليست نتاج الضغط الشعبي.
ومع ذلك، فإن حرب اليمن -التي شهدت تصعيدا عندما أصبح بن سلمان وزير الدفاع لأول مرة- لا تكشف قوة ذات شأن كبير للسعودية، فرغم عمليات الشراء الضخمة للأسلحة من الولايات المتحدة وبريطانيا منذ بدء القتال في مارس/آذار 2015، والغارات الجوية الدورية لم يقترب الأمير الشاب من النصر بعد.
وذكر الكاتب أن فكرة الحرب كانت من بنات أفكار بن سلمان لكنه لم يتمكن من تنفيذها.
الجدير بالذكر أن عمليات شراء الأسلحة العام الماضي بتكلفة 51 مليار إسترليني لم تجعل المملكة أكثر أمناً، حيث قصف سرب من الطائرات المسيرة المسلحة -التي أرسلها الحوثيون- أحد أكبر مصانع النفط بالبلاد العام الماضي.
ويطرح المقال سؤالا بالنسبة لزعيم “مغرور” مثل بن سلمان: هل يوجد أسوأ من الشعور بأن العالم يستهزئ بعدم قدرته على استخدام مستودع الأسلحة الضخم الخاص بالسعودية بصورة فعالة؟ (وربما الجواب) في قول المحللين العسكريين إن حرب اليمن بمثابة كشف عن قائمة طويلة من نقاط الضعف السعودية، والتي تشمل ضعف دقة الاستهداف والتنسيق الخاطئ للضربات الجوية والأرضية وانهيار الدعم اللوجستي.
وأفاد الكاتب بأن تقليص بن سلمان لنطاق هذه الحرب وتقليل اعتماده على الأسلحة الأمريكية -ربما من خلال تطوير صناعة أسلحة في السعودية- سيجعله يبدو أقل اعترافا بالجميل للبنتاغون الأميركي، وسيوفر ذلك في النهاية بعض المال.
والواقع -وما زال الكلام للكاتب في تايمز- أن بن سلمان يحتاج إلى بيع برميل النفط الخام الواحد بـ 85 دولارًا للحفاظ على ميزانيته. ولكن حاليا، يبلغ السعر 30 دولارًا فقط.
ولكن حتى لو وافق ولي العهد على الانسحاب من اليمن وتجميد أو إلغاء عقود الأسلحة الجديدة، فسوف يواجه مشكلة حقيقية في تمويل مشاريع التحديث الرائدة التي يتبناها.
فلبناء “نيوم” مشروع المدينة الضخمة العملاق الذي خطط له، خصص بن سلمان 500 مليار دولار وأعرب عن أمله أن يسانده مستثمرو القطاع الخاص. ولكن ذهبت آماله سدى، حيث انخفض صافي الأصول الأجنبية في مارس/آذار إلى 144 مليارا وهو أدنى مستوى بلغه منذ 19 عامًا.
كما تحاول الدولة تقليص الاحتياطيات وقطع إعانات الطاقة المنزلية، وقد تضطر إلى خفض رواتب موظفي القطاع العام. وفي خضم حالة الطوارئ الصحية، من الصعب تصور قيام بن سلمان بتحرك غير مرحب به سياسيا.
وأوضح الكاتب أنه سيتعين على هذا الزعيم “المتهور” إعادة النظر في المشروع الضخم لإعادة تصميم المملكة، أو قد ينتهي به الأمر كإمبراطور مصاب بجنون العظمة، مثل إمبراطور جمهورية أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا.
ورأي أنه في الواقع، توجد طرق أخرى لا تكلف أرواحا أو أموالا لإثبات القيادة الإقليمية. على سبيل المثال، بإمكانه أن يدافع عن مسلمي الروهينغا المضطهدين في بورما (ميانمار) أو الإيغور بالصين.
وبدلاً من ذلك، يعرض بن سلمان على مواطنيه الشباب المحبطين سياسة إلهاء، ويقيس قوته من خلال قصف الدولة المجاورة له، وهو ما يعادل محاولة أغنى دولة عربية إثبات قوتها على أفقر منطقة عربية، حيث لا يمثل هذا طريقة مناسبة للحفاظ على مكانة آل سعود في حين تراقب بقلق نظرة العالم المتغيرة للنفط والذي لم يعد يعطي قيمة كبيرة لبرميل النفط.
وأتم بن سلمان قبل أيام، 3 أعوام في ولاية العهد، ومنذ سيطرته تغيرت خلالها الأحوال “رأسا على عقب” وباتت المملكة صاحبت سجل جرائم وانتهاكات حقوقية، ومملكة نفطية “مديونة” بمليارات الدولارات.
وتشهد المملكة فراغا قياديا غير مسبوقا، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ عقود، فيما تسود حالة من الاستياء الشعبي إزاء مضاعفة الضرائب الحكومية ورفع العلاوات المالية.
وقالت صحيفة “ناشيونال بوست” الكندية: إن إخفاقات بن سلمان المتكررة جعلته أسوأ زعيم في العالم.