أخبار

انتقادات واسعة لتعيين صالح الفوزان مفتياً عاماً للسعودية

أعلنت السلطات السعودية مؤخرًا عن تعيين الشيخ صالح الفوزان مفتياً عاماً للمملكة ورئيساً لهيئة كبار العلماء، وذلك بأمر ملكي عقب وفاة المفتي العام السابق عبدالعزيز آل الشيخ في 23 سبتمبر 2025.

وقد أثار هذا التعيين موجة واسعة من الانتقادات المحلية والدولية، لا سيما من الناشطين الحقوقيين والسياسيين الذين يرون أن مواقف الفوزان المتطرفة قد تؤثر على المجتمع السعودي بشكل سلبي.

وأبرز الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض يحيى عسيري، أن تعيين الفوزان، يساهم في تفكيك الاتهامات التي توجهها السلطة للصحوة الإسلامية ودحض ما وصفهم بـ”الجهلة الأجانب” الذين لا يفهمون المجتمع المحافظ السعودي.

ولم يغفل عسيري في منشوره الحديث عن التطرف الواضح للفوزان في مواقفه تجاه الشعب والحاكم على حد سواء. فقد وصف الفوزان بأنه شديد التشدد في تحريم ما أحل الله على الناس، وفي الوقت نفسه متساهل مع الحاكم في تبرير الجرائم، بما فيها التطبيع وقتل النفس، وحتى الإبادة الجماعية لو ثار الشعب على الحاكم.

كما أشار عسيري إلى تطرف الفوزان الوهابي الذي يُلزم المؤسسات الدينية الرسمية بالخضوع للحاكم، ويحوّل الدين لخدمة السلطة، مما يكشف عيوب المدرسة الرسمية السعودية ومثالبها، ويؤكد أنها حركة سياسية تستخدم الدين لتبرير السلطة.

المدرسة الرسمية الدينية: سياسة أكثر من دين

أكد عسيري أن المدرسة الرسمية الدينية في السعودية ليست مدرسة دينية بالمعنى التقليدي، بل حركة سياسية منذ نشأتها، حيث تُنفي مؤسساتها، بما فيها الإفتاء، كل من رفضوا طاعة الحاكم.

وأضاف أن التاريخ السعودي مليء بالأمثلة على ذلك، مثل أول مفتي رسمي للبلاد محمد ابن إبراهيم آل الشيخ الذي تصدى لمن رفض أمر عبدالعزيز آل سعود.

وأوضح عسيري أن ما يروج حول انفصال محمد بن سلمان عن هذه المدرسة هو ادعاء خاطئ يهدف لتزكية الحاكم أو المدرسة الرسمية، وأن المدرسة الرسمية مستمرة في حماية السلطة وليس في التصدي لها.

وأشار عسيري إلى أن الصحوة في السعودية كانت تغيرًا اجتماعيًا طبيعيًا وظفته السلطة والمدرسة الرسمية جزئيًا، بينما وُظف الجزء الآخر للتزكية، وأن المعارضين السابقين غالبًا ما يتم مهاجمتهم بدلاً من معالجة القضية الحقيقية، بما في ذلك “الجامية والمداخلة” الذين وصفهم عسيري بأنهم درك أسفل من مرتزقة المدرسة الرسمية.

الانتقادات الحقوقية: القسط تحذر

من جهتها، عبرت منظمة القسط لحقوق الإنسان عن قلقها الشديد من تعيين الفوزان، مؤكدة أن مواقفه المتكررة تناهض حقوق الإنسان وتقلل من مكانة المرأة.

وأشارت القسط إلى أن الفوزان سبق أن صرّح بأن مناهضة العنف ضد المرأة يُعد تمردًا، وأنه وصف المرأة بأنها “لا عقل لها ولا دين لها، وتحتاج لمن يقوم عليها”. كما رأت القسط أن الفوزان يعتبر المعارضين من الخوارج ويجيز قتلهم وتصفيتهم.

وحذرت القسط من أن تعيين الفوزان مفتياً عاماً يمثل خطراً على المجتمع، خاصة مع وجود العديد من العلماء والمثقفين والنشطاء خلف القضبان، حيث تُعامل فتاوى المفتي كقانون لا يمكن الاعتراض عليه.

واعتبرت أن التعيين يشكل خطوة قاسية لتعزيز قمع الحرية الدينية وقمع النساء وكل صوت حر في المملكة.

وبالمحصلة يكشف تعيين صالح الفوزان مفتياً عاماً للسعودية عن ازدواجية المواقف الرسمية، حيث يتوازى الدعم الرسمي من جهة مع انتقادات واسعة من الناشطين الحقوقيين والفكرين من جهة أخرى.

ففي الوقت الذي يرى فيه بعض السياسيين أن التعيين يعزز تفكيك الاتهامات الموجهة ضد المجتمع المحافظ، يحذر حقوقيون من أن مواقف الفوزان المتطرفة وخطابه الوهابي المتشدد قد يؤديان إلى مزيد من القمع الديني والاجتماعي، ويضعان الحقوق الأساسية للنساء والمواطنين في خطر.

وبينما تحاول السلطة السعودية تصوير التعيين كخطوة طبيعية ضمن استمرارية المؤسسة الدينية، تشير الانتقادات المحلية والدولية إلى مخاطر حقيقية على حرية التعبير وحقوق الإنسان، مما يجعل هذا التعيين محور جدل واسع داخل المملكة وخارجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى