تتزايد الشواهد على بدء تطبيع غير معلن بين نظام آل سعود والنظام بشار الأسد في سوريا بانتظار إخراجه إلى النور خلال الفترة القادمة بما يمثل انقلابا على موقف المملكة منذ بدء الأزمة السورية.
وتشهد الفترة الأخيرة، تراجعاً بحدّة النقد من نظام آل سعود للنظام السوري، وتغييب أخبار القتل والدم السوري عبر وسائل الإعلام الرسمية في المملكة.
كما اتخذت سلطات آل سعود العديد من الإجراءات التي يراها مراقبون، تأييداً للنظام السوري، كمثل منع جمع تبرعات لقوى المعارضة أو للحالات الإنسانية، وتجميد حسابات بنكية لشخصيات سورية معارضة.
كما دعت وزارة الخارجية في نظام آل سعود الشهر الماضي لاجتماع بالرياض، اختارت خلاله كتلة المستقلين داخل الهيئة العليا للمفاوضات السورية، وهو ما وصفه مراقبون بحراك سعودي لإدخال تغييرات على تركيبة الهيئة، بهدف تقليص نفوذ تركيا داخلها، وتعزيز تواجد المطالبين بالحوار والبقاء على نظام بشار الأسد.
يأتي ذلك فيما تجرى على قدم وساق أعمال الصيانة والتجديد في سفارة المملكة في دمشق منذ الشهر الماضي تهيدا لإعادة افتتاحها.
كما بدأت أعمال الصيانة وتأهيل مكاتب الخطوط الجوية السعودية في منطقة التجهيز وسط العاصمة السورية عبر صيانة وتجهيز أثاث بتأهيل المكاتب كدليل على اقتراب التطبيع واستئناف العلاقات التي يحضّر لها منذ عامين، بتنسيق روسي إيراني ووساطة عراقية.
وتقول مصادر سورية إن وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي أسس لمرحلة التقارب بين آل سعود ونظام الأسد، وتبعه عضو تحالف البناء العراقي فالح الفياض، عبر نقله رسائل من رئيس النظام السوري إلى المملكة، بعد زيارته دمشق ونقل رسائل من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.
وتضيف المصادر “نتوقع بالتوازي مع افتتاح السفارة السعودية، عودة الرحلات بين الرياض ودمشق”، والتي توقفت على مرحلتين الأولى كانت عبر توقف الخطوط الجوية السعودية، بعد قرار وقف الرحلات الجوية لشركات الطيران العربية إلى المطارات السورية عام 2011، والثانية كانت مع وقف رحلات الخطوط الجوية السورية إلى المملكة في نهاية عام 2015.
وكانت مصادر سورية، كشفت أن “حكومة الأسد تعد لتقارب مع المملكة برعاية روسية، غير مستبعدة حصول نظام الأسد على مساعدات عربية قريبة، وعودته إلى جامعة الدول العربية “لكن الأمور لم تتبلور بعد”.
وكان مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قد التقى في نيويورك الشهر الماضي، نظيره السعودي عبد الله المعلمي، ووزير الدولة السعودي فهد بن عبد الله المبارك، على هامش حفل خاص أقيم تحضيراً لرئاسة السعودية للاجتماع المقبل لمجموعة العشرين.
وسبق لقاء الجعفري والمعلمي زيارة شخصيات رسمية سورية السعودية بموجب دعوات رسمية من المملكة، في تطور اعتبره مراقبون تمهيداً سعودياً لعودة العلاقات بين الرياض ودمشق.
كما كان رئيس اتحاد الصحفيين لدى نظام الأسد، موسى عبد النور، قد شارك في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في اجتماعات الأمانة العامة التابعة لاتحاد الصحفيين العرب في الرياض، وذلك بعد مشاركة وزير التربية بحكومة الأسد عماد موفق العزب في فعالية بالرياض، ضمن زيارة إلى المملكة.
وعلى الرغم من عدم الإعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وسوريا (مقطوعة منذ 2012)، إلا أن مؤشرات عدة تؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولا باتجاه تطبيع العلاقات من جديد بين البلدين، وإعادة افتتاح سفارة المملكة في دمشق.
وبهذا تكون الرياض تسير على خطى الإمارات والبحرين، اللتين أعادتها العلاقات مع سوريا، قبل نحو عام.
وبدأت بوادر التقارب السعودي السوري، جلية في اجتماع البرلمان العربي في عمان، إذ رحبت الرياض بمواصلة دعم بناء مقر الاتحاد البرلماني العربي في دمشق، الذي جمد العمل به منذ سنوات ليحل محله مقر مؤقت في العاصمة اللبنانية بيروت.
ووقفت الرياض، العام الماضي أيضا، إلى جانب ممثل النظام السوري في الاجتماع أمام مطالبات بعض الأعضاء دمشق بدفع مستحقات مالية للبرلمان وهي حصة سوريا من التمويل الجماعي لمشروع البرلمان العربي، إذ رفضت دمشق دفع الأموال عن السنوات الماضية لأن تجميد عضويتها لم يكن بإرادتها.
وفي نهاية عام 2018، بدأت أنظمة عربية مثل السودان ومصر والعراق بالتطبيع العلني مع نظام الأسد المدعوم بشكل كبير من روسيا وإيران على إثر الخسائر التي تكبدتها الفصائل المعارضة على الأرض.