أبرزت منظمة حقوقية ما يعتري النظام القضائي في السعودية من شوائب تهدد حياة معتقلي الرأي لاسيما القاصرين ويعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة ويحرمهم من حقوقهم.
واستعرضت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، حالة قضية القاصر محمد عصام الفرج الذي أجلت قبل أيام المحكمة الجزائية المتخصصة محاكمته و٧ آخرين، في سياق مماطلة وتسويف تشهده هذه القضية، التي عُرِضت على المحكمة في نهاية ٢٠١٩.
ولد الفرج في ٢٥ فبراير ٢٠٠٢، وقبض عليه مع ٧ آخرين أثناء رحلة إلى المدينة المنورة في ٢٩ يونيو ٢٠١٧، عندما كان يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا.
تعرض الفرج عند القبض عليه للضرب من قبل القوات الأمنية السعودية وأبقته مكبلاً بالأغلال لساعات ويداه فوق رأسه.
على الرغم من كونه كان قاصرا، وضع في سجن المباحث العامة في الدمام، عوضا عن دار الملاحظة المخصصة لسجن الاحداث، في مخالفة واضحة للنظام.
بقي الفرج في الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي لمدة شهرين، منع خلالها من التواصل مع عائلته.
كما تعرض خلالها للتعذيب الشديد من خلال الركل والضرب والإجبار على الوقوف لساعات، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى وإصابته بأمراض مزمنة، حيث يعاني حاليا من ارتفاع ضغط الدم. هدف التعذيب الذي تعرض له الفرج إلى إجباره على التوقيع على اعترافات.
بدأت محاكمة الفرج ومن معه، وبينهم 4 قاصرين آخرين هم: (أحمد عبد الواحد الفرج – علي محمد آل بطي – محمد حسين آل نمر – علي حسن الفرج)، مع نهاية 2019 أي بعد عامين على اعتقالهم. انقطعت جلسات المحاكمة لمدة وصلت إلى أكثر من سبعة أشهر لعدة أسباب بينها جائحة كورونا.
وجهت إلى محمد الفرج عدة تهم ليست من الأشد خطورة في القانون الدولي وبينها:
السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية من خلال المشاركة في الاحتجاجات وحضور الجنازات (ومنها تشييع جنازة عصام أبو عبد الله في 12 يناير عندما كان عمره 9 سنوات).
ترديد هتافات مناوئة للدولة.
تخزين ونقل المعلومات للمساعدة في تعطيل الأمن العام عبر الواتساب.
تستره على أحد المطلوبين أمنيا والتواصل معه بهدف زعزعة الأمن وإثارة الفوضى والإخلال بالأمن.
المشاركة في تشكيل خلية إرهابية.
حرم من حقه بالاستعانة بمحام منذ لحظة اعتقاله وخلال فترة التحقيق الى أن بدأت المحاكمة سمح القاضي له وللبقية بتعيين محام.
على الرغم من الانتهاكات الجسيمة التي انطوت عليها القضية طالبت النيابة العامة له بالقتل بحد الحرابة وإن درئ عنه بالقتل التعزيري.
في مارس ٢٠٢٠ صدر أمر ملكي في السعودية نص على تطبيق قانون الأحداث الذي صدر عام ٢٠١٨، والذي يمنع تنفيذ أحكام الإعدام بحق القاصرين في قضايا التعزير.
غيرت النيابة العامة لاحقا طلب الإعدام بحق الفرج ومن معه إلى طلب “الحكم على المتهمين بعقوبة تعزيرية شديدة زاجرة لهم ورادعة لغيرهم”، إلى جانب مطالبتها بأحكام أخرى.
وفي ظل عدم وجود قانون عقوبات مكتوب واعتماد العقوبات التعزيرية على رأي القاضي، بقي الخطر على سلامة الفرج ومن معه في القضية قائما.
خلال انعقاد جلسات المحاكمة المتقطعة رصدت المنظمة عددا من الانتهاكات بحق الفرج، بينها عدم حضوره عدد من الجلسات لأسباب غير معروفة، وحرمانه من الحق في الحصول على الرعاية الطبية بشكل كاف، إلى جانب عدم الاستجابة لطلبه في متابعة دراسته الثانوية أولا ثم الجامعية.
في ١٧ مارس ٢٠٢١، نشر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة رأيا اعتبر فيه أن السعودية تمارس انتهاكات واعتقالات تعسفية قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، وأن تهديد حياة الفرج بالإعدام أمر لا يغتفر، كما طالبها بالإفراج الفوري عنه والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قضية القاصر محمد عصام الفرج وبقية القاصرين – الذين يحاكمون معه في ذات القضية- دليل صارخ على شوائب النظام القضائي في السعودية الذي يهدد حياة القاصرين.
وهو ما يعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة ويحرمهم من حقوقهم، على خلفية تهم غير معترف بها في القانون الدولي.
كما أكدت المنظمة أن المماطلة غير المبررة في الجلسات يُعد استهتار بحق الأفراد في معرفة مصيرهم، كما يصن ف كاستخفاف بحرية وسلامة القاصرين وانتهاك لالتزامات السعودية لحقوق الإنسان وخاصة اتفاقية حقوق الطفل.