قدمت منظمات حقوقية دولية شكوى جنائية ضد ولي العهد محمد بن سلمان على هامش زيارته فرنسا تتهمه بالتعذيب والقتل.
ودرى تقديم الشكوى باسم كل من منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح (OSJI) ومنظمة ترايل الدولية (TRIAL International).
وقالت المنظمة إنه ينبغي على السلطات الفرنسية فتح تحقيق ضد محمد بن سلمان الذي يزور البلاد وذلك فيما يتعلق بتعذيب وقتل الصحفي السعودي المنفي جمال خاشقجي.
وذكرت منظمة (DAWN) أنها قدمت شكوى مكونة من 42 صفحة اليوم أمام محكمة باريس بحجة أن محمد بن سلمان متواطئ في التعذيب والإخفاء القسري لخاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 وأن هذه جرائم تخضع للملاحقة المحلية في فرنسا.
وتذكر الشكوى، المدعومة أيضًا من مبادرة عدالة المجتمع المفتوح (OSJI) والتي تم رفعها بالمشاركة مع منظمة ترايل الدولية (TRIAL International)، أن بن سلمان لا يتمتع بحصانة من الملاحقة القضائية لأنه كولي للعهد ليس رئيسًا للدولة.
كما ذكرت هذه المنظمات أيضًا بأن بن سلمان ضغط على تركيا لإسقاط الملاحقات القضائية ضد المسؤولين السعوديين في جريمة قتل خاشقجي، وأن المحاكمة التي أجريت ضد متهمين لم يتم الكشف عن أسمائهم في السعودية بتهمة القتل كانت صورية، ما يجعل فرنسا واحدة من الأماكن الوحيدة لتحقيق العدالة.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): “ينبغي على السلطات الفرنسية فتح تحقيق جنائي على الفور ضد محمد بن سلمان لدوره في جريمة القتل البشعة لجمال خاشقجي.”
وأضافت: “بصفتها طرفًا في اتفاقيات الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري، فإن فرنسا ملزمة بالتحقيق مع مشتبه به مثل بن سلمان إذا كان موجودًا على الأراضي الفرنسية.”
كتب خاشقجي، وهو كاتب عمود في صحيفة الواشنطن بوست، انتقادات بشأن حملة ولي العهد السعودي ضد حرية التعبير والمعارضة داخل المملكة.
وزعمت المنظمات أن المسؤولين السعوديين قاموا، بأمر من بن سلمان، بتقطيع جثة خاشقجي بمنشار عظم بعد استدراجه إلى قنصليتهم في اسطنبول.
خلص تقرير مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكي بشأن جريمة قتل خاشقجي، الذي أصدرته إدارة بايدن، إلى أن محمد بن سلمان أمر بالقتل.
ثم توصلت مقررة الأمم المتحدة المعنية بالإعدام بإجراءات موجزة، أغنيس كالامار، إلى نتيجة مماثلة. بعد لقائه بن سلمان في يوليو/تموز،
قال الرئيس بايدن إنه واجه ولي العهد بشأن مقتل خاشقجي وأخبره أنه يحمّله شخصيًا مسؤولية مقتل خاشقجي.
كما يواجه بن سلمان دعوى مدنية بشأن جريمة القتل رفعتها منظمة (DAWN) وخطيبة خاشقجي خديجة جنكيز في الولايات المتحدة.
يعترف القانون الفرنسي بـ “الولاية القضائية العالمية” في جرائم التعذيب والإخفاء القسري. وهذا يعني أن السلطات القضائية مخولة—وفي حالة التعذيب والإخفاء القسري، مطالبة—بالتحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها بغض النظر عن مكان ارتكابها، وبغض النظر عن جنسية المشتبه فيهم أو ضحاياهم، طالما أن المشتبه فيه متواجد في الأراضي الفرنسية.
قال فيليب غرانت، المدير التنفيذي لمنظمة (TRIAL International): “لعبت فرنسا مثل هذا الدور المهم في اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري”.
وأضاف: “لقد حان الوقت لكي ترقى فرنسا إلى المعايير التي ناضلت بشدة من أجل تعزيزها والتصدي بجدية للإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم.”
قالت المنظمات إن قضايا الولاية القضائية العالمية تُعتبر جزءًا مهمًا بشكل متزايد من الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الفظائع، وتوفير العدالة للضحايا الذين ليس لديهم مكان آخر يلجأون إليه، وردع الجرائم المستقبلية، والمساعدة في ضمان ألا تصبح البلدان ملاذات آمنة لمنتهكي حقوق الإنسان.
فيما قال جيمس غولدستون، المدير التنفيذي لمبادرة عدالة المجتمع المفتوح: “من خلال الاجتماع مع ولي العهد على الأراضي الفرنسية، بينما يظل المعارضون السعوديون محتجزين ظلمًا، ومحاصرين في البلاد من خلال حظر السفر، واستهدافهم في الخارج، يخاطر الرئيس ماكرون بالمساهمة في التطبيع الخطير لرجل وحشي.”
بعد مقتل خاشقجي، فرضت فرنسا ودول غربية أخرى عقوبات وحظر سفر على 18 شخص يُشتبه في تورطهم في جريمة القتل.
نسقت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة جهودًا تتعلق بإصدار حظر سفر على هؤلاء الأشخاص مطبق في جميع البلدان الـ 26 في منطقة شنغن الأوروبية.
في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أدان وزير الخارجية الفرنسي آنذاك جان إيف لودريان جريمة قتل خاشقجي “بأشد العبارات.”
كما ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن “جريمة قتل السيد خاشقجي جريمة بالغة الخطورة، وهي علاوة على ذلك تتعارض مع حرية الصحافة وأهم الحقوق الأساسية.”
كما ألغت عمدة باريس آن هيدالغو مشاركتها في مؤتمر (U20) الذي عُقد في السعودية، إلى جانب العديد من رؤساء البلديات الآخرين في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، على عكس العديد من الدول الأوروبية الأخرى، لم تحظر فرنسا بيع وشحن الأسلحة إلى السعودية.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قال الرئيس ماكرون: “ما الصلة بين مبيعات الأسلحة وجريمة قتل السيد خاشقجي؟ … لا يوجد هناك صلة بمقتل السيد خاشقجي.”
وفي 25 مارس/آذار 2019، حذرت السفيرة الفرنسية في ألمانيا آن ماري ديسكوتيس الحكومة الألمانية من “تسييس” مبيعات الأسلحة التي قد تعرّض المشاريع المشتركة للطائرات والطائرات بدون طيار والدبابات للخطر.
خلال الفترة من 2014 إلى 2018، كانت فرنسا ثالث أكبر مورّد للأسلحة إلى السعودية، بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي عام 2019، بعد أقل من عام على جريمة القتل، أرسلت فرنسا ما قيمته 1.7 مليار دولار من صادرات الأسلحة إلى السعودية وواصلت بيعها سنويًا من الأسلحة بمليارات الدولارات.
في يونيو/حزيران 2022، قدمت منظمات غير حكومية شكوى جنائية ضد شركات الأسلحة الفرنسية بسبب مبيعات الأسلحة هذه، بدعوى تواطؤ فرنسا في جرائم الحرب في اليمن.
يمثّل منظمة (DAWN) ومنظمة (TRIAL International) المحامي الفرنسي هنري ثوليه.