بعد 5 أعوام على الحرب.. هذه شروط الحوثيين للسلام

طرحت جماعة أنصار الله “الحوثيين” خمسة شروط للدخول في عملية سلام في اليمن وذلك بعد خمسة أعوام من حرب تحالف آل سعود التي فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية.

وجاء إعلان الشروط الحوثية غداة دعوة أطلقتها الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، و”إسكات البنادق في جميع أنحاء العالم، من أجل مواجهة عدو مشترك، هو فيروس كورونا الجديد”.

وأبلغ القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، شروط جماعته للسلام، وقال إنهم يتطلعون إليه “ويقدّمون أفكاراً منصفة لا يوجد فيها أي تحيّز”.

وجرى اللقاء بين القيادي الحوثي وغريفيث عبر دائرة تلفزيونية، وفقاً لوكالة “سبأ” في نسختها الخاضعة للحوثيين. وجراء إغلاق مطار صنعاء كإجراء احترازي لمواجهة كورونا، لن يكون بمقدور المبعوث الأممي تنفيذ زيارات على المدى القريب إلى اليمن للقاء قادة الحوثيين وجهاً لوجه.

وطرح القيادي الحوثي 5 شروط قبل الحديث عن أي حوار، على رأسها “وقف العداون وفك الحصار”، في إشارة لعمليات التحالف السعودي الإماراتي، ورفع التفتيش والحظر المفروض على السفن التجارية الواصلة إلى ميناء الحديدة منذ 2015.

وكان الشرط الثاني للحوثيين هو “صرف المرتبات” الخاصة بموظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ومنذ نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في أكتوبر/تشرين الأول 2016، تكفلت الحكومة الشرعية بصرف مرتبات الموظفين في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، واشترطت توريد الحوثيين لإيرادات ميناء الحديدة ومؤسسة الاتصالات حتى تدفع مرتبات كافة الموظفين بعموم اليمن، والبالغ عددهم أكثر من مليون و200 ألف موظف.

وجاء “تنفيذ خطوات بناء الثقة” التي وعد بها المبعوث الأممي، حسب تعبير القيادي الحوثي، شرطا ثالثا للجماعة، ومن أبرز تلك الخطوات “إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين ورفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي، بالإضافة إلى رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الممرات الإنسانية بجميع المحافظات”.

وكان الشرط الحوثي الرابع هو “الدخول في حوار مباشر مع الدول التي أعلنت الوقوف ضدها والمشاركة بالعداون عليها، لبحث ما يخص وقف الحرب والتوصل إلى حل مكتمل”، في إشارة إلى السعودية والإمارات.

آخر الشروط الحوثية كان الموافقة على “إجراء حوار سياسي مع الأطراف اليمنية حول طبيعة مرحلة ما بعد وقف الحرب”، في إشارة إلى الأحزاب والمكونات اليمنية الموالية للشرعية. وخلال المشاورات السابقة التي رعتها الأمم المتحدة، كان الحوثيون يشترطون مناقشة “من بعد الرئيس عبد ربه منصور هادي”، فيما تصر الوفود الحكومية على أنه لا يمكن المساس بشرعية الرئيس، وتستند إلى قرارات أممية أكدت دعمها.

وقال القيادي الحوثي، خلال لقائه غير المباشر مع المبعوث الأممي، إن الحديث عن أي حوار سياسي قبل تنفيذ تلك الشروط “لن يكون مجدياً”.

شهدت خارطة السيطرة والنفوذ المتأرجحة بين طرفي الصراع، تحولاً جذرياً لصالح الحوثيين، إثر اعتمادهم وضعية الهجوم، بعد أن ظلّوا في موقع الدفاع في السنوات الخمس الماضية. ومنذ مطلع العام الحالي، خسرت الشرعية مواقع استراتيجية شرقي صنعاء وصولاً إلى الجوف وتخوم مأرب، وانتزع الحوثيون كامل مديرية نهم، وواصلوا توغلهم صوب عاصمة محافظة الجوف المحاذية للحدود السعودية، فضلاً عن التوغل مجدداً غربي مأرب.

وكان تحالف آل سعود ظلّ يفاخر بشكل شبه يومي، بأن عملياته أثمرت عن تحرير 85 في المائة من مساحة اليمن، رغم أن الرقم غير منطقي خصوصاً أن العاصمة صنعاء وأهم مواقع البلد وكثيرا من المواقع الهامة وذات الكثافة السكانية مثل الحديدة وإب تحت قبضة الحوثيين، إلا أن الإنجاز السعودي المشكوك به بدأ بالانحسار تدريجياً، وسط مخاوف من هجوم حوثي محتمل على مدينتي مأرب وتعز.

وباستثناء عملية تحرير عدن ومحافظات أبين ولحج والضالع وشبوة وأجزاء من مأرب والجوف وتعز وباب المندب في العام الأول من الحرب، لم تشهد خارطة السيطرة والنفوذ تغييراً جذرياً خلال الأعوام التي تلتها قبل الفترة الأخيرة، فقد كان الكر والفر هو العنوان البارز لمعارك تحولت تدريجيا إلى أشبه بمناوشات.

ويضم اليمن، المقدرة مساحته بـ527 ألف كيلومتر مربّع، 22 محافظة، إلا أن المحافظات الشرقية، خصوصاً حضرموت، والمهرة، وسقطرى، لم يصل إليها الحوثيون بشكل مطلق عند اجتياح المدن اليمنية.

وكانت الشرعية أعلنت في فبراير/شباط 2015، أن عدن هي العاصمة المؤقتة للبلاد جراء سيطرة الحوثيين على صنعاء، إلا أن مدينة مأرب تعد العاصمة الفعلية للحكومة اليمنية، بفعل احتضانها مقرّ وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان والكليات العسكرية وفيها تتمركز أكبر الألوية وأكثر العتاد.

وإلى جانب مأرب، تبسط القوات الحكومية سيطرتها على محافظات شبوة والمهرة وحضرموت وأرخبيل سقطرى، كما تنتشر في عدد من مديريات محافظة أبين.

وتسيطر الشرعية على المساحة الأكبر من محافظة تعز، فإضافة إلى عاصمة المدينة بمديرياتها الثلاث القاهرة، والمظفر، وصالة، تنتشر القوات الحكومية في مديريات صبر الموادم والمسراخ ومشرعة وحدنان والمعافر والمواسط والشمايتين، إضافة إلى أجزاء من مديريات الصلو وجبل حبشي ومقبنة.

كما تسيطر الشرعية على عدد من المديريات في محافظة حجة، شمالي غرب البلاد، وهي ميدي وحيران وأجزاء من حرض، بالإضافة إلى مديريات من محافظة البيضاء، وسط البلاد.

وعلى الرغم من صغر رقعة نفوذها على الخارطة مقارنة بمناطق الشرعية، إلا أن جماعة الحوثي تسيطر على المناطق الأهم والأكثر كثافة سكانية داخل اليمن، وأبرزها صنعاء ومدينة الحديدة التي تضم ميناءين دوليين.

ولم يتغير الحال عما كان عليه مطلع الحرب في غالبية المحافظات الخاضعة لسيطرة حوثية مطلقة، وأبرزها صنعاء وعمران وذمار وإب والبيضاء والمحويت وريمة ومركز محافظة الحديدة وغالبية مديرياتها، وحجة، باستثناء مديريتين، وعدد من المديريات التابعة لمحافظة تعز.

ومنذ نحو عام، عاود الحوثيون الهجوم في أكثر من محافظة كانت القوات الحكومية قد توغلت بداخلها، ففي معاقلهم الرئيسية بصعدة، استعاد مسلحو الجماعة في أغسطس/آب الماضي المناطق المتاخمة للحدود السعودية في البقع وكتاف شمالي البلاد.

وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، باتت محافظة صنعاء تحت سيطرتهم بشكل كامل بعد استعادة السيطرة على كامل مديرية نهم شرقي العاصمة، كما توغلوا صوب محافظة الجوف وسيطروا على غالبية المناطق بما فيها مركز المحافظة، مدينة الحزم.

وحتى الربع الأخير من العام الماضي، كانت القوات الموالية للشرعية تسيطر على بعض المربعات ـ المعسكرات في العاصمة المؤقتة عدن، لكنها خسرتها بعد ما عُرف بـ”انقلاب أغسطس” الذي قامت به قوات المجلس الانفصالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

وعلى الرغم من أن القوات الموالية للإمارات تقدّم نفسها بأنها موالية للشرعية في الظاهر، إلا أن الحكومة لا تستطيع تنفيذ أي تحركات سلسة بداخلها، كما تُمنع الفعاليات والمناسبات التي تتحدث عن اليمن أو ترفع العلم اليمني داخلها، خصوصاً الخاضعة لسيطرة المجلس الجنوبي.

وباتت محافظتا عدن ولحج وغالبية مديريات محافظتي الضالع وأبين، تحت سيطرة القوات الانفصالية الجنوبية بشكل كامل منذ أغسطس 2019 وحتى الآن، تحديداً مع فشل اتفاق الرياض الذي رعته المملكة، والذي نصّ على المشاركة في تقاسم النفوذ داخل المحافظات الجنوبية.